بقلم: يورونيوز
نشرت في
يتوجه سكان نيويورك، الثلاثاء، إلى صناديق الاقتراع لانتخاب رئيس جديد لبلديتهم، فيما تشير استطلاعات الرأي إلى أن زهران ممداني، الشاب البالغ 34 عامًا، والمعارض الشرس لدونالد ترامب، والمسلم المؤيد لفلسطين، هو الأوفر حظًا بين المرشحين. فكيف يمكن أن يتصرف الزعيم الجمهوري في حال فوز خصمه؟
عشية الانتخابات البلدية المرتقبة في نيويورك، وجّه الرئيس دونالد ترامب تهديدًا إلى الناخبين هناك قائلاً: “أوقفوا زهران ممداني أو ادفعوا الثمن.” وكتب في منشور على منصة تروث سوشال: “إذا فاز المرشح الشيوعي زهران ممداني في انتخابات رئاسة بلدية نيويورك، فمن غير المرجّح أن أقدّم تمويلاً فدراليًا للمدينة، باستثناء الحد الأدنى المطلوب قانونًا، لمدينتي الأولى الحبيبة. لا أريد، كرئيس، أن أرسل أموالًا جيدة بعد أموال سيئة.”
ممداني يتقدم
تُظهر أحدث نتائج استطلاع الرأي الذي أجرته مؤسسة “أتلس إنتل” حتى 30 أكتوبر/تشرين الأول، تفوُّق ممداني بحصوله على تأييد 41% من الناخبين، بينما يحلُّ عمدة نيويورك السابق أندرو كومو في المرتبة الثانية بنسبة 34%، ويليه كيرتس سليا بنسبة 24%.
وكان ترامب قد هدد سابقًا ناخبي نيويورك، أكبر المدن الأمريكية، في مقابلة أجراها الأحد مع برنامج “60 دقيقة”، قائلًا: “سيكون من الصعب عليّ كرئيس أن أقدّم الكثير من المال لنيويورك، لأنك إن جعلت شيوعيًا يدير المدينة، فكل ما تفعله هو إهدار الأموال التي ترسلها هناك.”
ترامب بدأ بالانتقام
وبحسب صحيفة الغارديان، فإن إدارة ترامب بدأت تنفيذ تهديدها حتى قبل انتهاء عملية التصويت، إذ دخل البيت الأبيض في نزاع مع ولاية نيويورك حول خطة فرض رسوم الازدحام على السيارات في وقت سابق من هذا العام.
كما جمّد البيت الأبيض مبلغ 18 مليار دولار كان مخصصًا لمشروع نفق مع بدء إغلاق الحكومة، في حين أمر قاضٍ فدرالي الحكومة بإعادة 34 مليون دولار من أموال مكافحة الإرهاب إلى نيويورك بعد أن وصف قرار سحبها بأنه “تعسّفي ومخالف للقانون بشكل صارخ.”
لكن إلى جانب ملف التمويل، يرى مراقبون أن ترامب قد يفجّر غضبه تجاه ممداني عبر أربعة سيناريوهات محتملة:
1. تشديد إجراءات الهجرة
تقول مجلة نيوزويك إن الإدارة الأمريكية قد تتحرك لتكثيف إنفاذ قوانين الهجرة في نيويورك، كما فعلت في لوس أنجلوس وشيكاغو، إذا فاز ممداني.
في المقابل، يتعهد ممداني في حملته الانتخابية بـ”تحصين المدينة ضد ترامب”، عبر إخراج وكالة الهجرة والجمارك (ICE) من المرافق العامة، ووقف التعاون معها، وتعزيز الدعم القانوني للمهاجرين، وحماية بياناتهم الشخصية.
وعندما سُئل ترامب عن ذلك في يوليو الماضي، قال: “إذن علينا أن نعتقله.” فيما أكد مسؤول الهجرة في إدارة ترامب، توم هومان، أن الإدارة “ستضاعف وتثلث” جهود إنفاذ قوانين الهجرة في المدن التي تتبنى سياسات “الملاذ الآمن” مثل نيويورك.
ورغم أن هذه السياسات تحدّ من تعاون الشرطة المحلية مع وكالة ICE، إلا أن الوكالة ما تزال قادرة على تكثيف عملياتها ومداهماتها وتدقيقها في أماكن العمل والمحاكم داخل المدينة.
2. زيادة الرقابة الفدرالية
قد تربط إدارة ترامب التمويل الفدرالي بالتزام المدينة بسياسات محددة، مثل التعاون مع وكالة ICE، أو تبدأ تحقيقات في مؤسسات المدينة ومشاريعها.
3. مقاضاة المدينة
قد يسعى ترامب إلى مقاضاة بلدية نيويورك، مستغلًا ملف الهجرة. ففي يوليو الماضي، رفعت الإدارة دعوى قضائية ضد المدينة بسبب قوانينها المحلية التي تحدّ من التعاون مع سلطات الهجرة الفدرالية، معتبرةً أنها تعرقل الاعتقالات وتتناقض مع القانون الفدرالي.
4. نشر قوات فدرالية
ليس مستبعدًا أن يأمر ترامب بنشر قوات من الحرس الوطني في نيويورك، كما فعل سابقًا في مدن يسيطر عليها الديمقراطيون مثل لوس أنجلوس وشيكاغو وواشنطن العاصمة.
وفي الشهر الماضي، ألمح إلى احتمال نشر قوات في نيويورك إذا فاز ممداني، قائلاً: “لن نسمح بتدمير إحدى أعظم مدننا. سننظف الجريمة خلال 30 يومًا. احتاج الأمر 12 يومًا فقط في واشنطن، ونيويورك أكبر، لكننا أحرزنا تقدمًا كبيرًا في شيكاغو رغم مقاومة الحكومة.”
تحليل
يقول البروفيسور غرانت ريهر، أستاذ العلوم السياسية في جامعة سيراكيوز، لمجلة نيوزويك: “كل هذه الخيارات يمكن أن تُستخدم”، مرجحًا رفع الدعاوى القضائية وإرسال الضباط الفدراليين. وأضاف أن الهدف السياسي سيكون “تعقيد مهمة ممداني في الحكم بحيث يُنظر إلى إدارته على أنها فاشلة مع اقتراب انتخابات منتصف عام 2026.”
ومع ذلك، يرى ريهر أن استراتيجية ترامب قد تكون خاطئة، موضحًا أن “ممداني سيواجه تحديات كبرى حتى من دون تدخل الإدارة. الأفضل لترامب أن يتركه، فسياسات نيويورك كفيلة بخلق الفوضى من تلقاء نفسها.”
في المقابل، يرى آخرون أن ترامب يتصرف أولاً ثم يفكر لاحقًا، ولديه إدارة تعرف كيف تضغط على البلديات المحلية، ومع أنه يتمتع بـ”علاقات وثيقة بعالم الأعمال في نيويورك”، إلا أنه لن يقدم على ما يضرّ بمصالحهم. كما أنه ليس من السهل على ترامب إلحاق الأذى بعمدة منتخب جديد كما قد يظن البعض.
من هو مرشح ترامب؟
يفضل ترامب حاكم نيويورك السابق الديمقراطي أندرو كومو، وكان قد وصف التصويت لصالح منافسه الجمهوري كيرتس سليا بأنه “تصويت لممداني”.
وقال ترامب: “أفضل أن يفوز ديمقراطي لديه سجل من النجاح، على أن يفوز شيوعي بلا خبرة وسجل من الفشل الكامل والمطلق.”
أما كومو — الذي أمضى حياته السياسية كديمقراطي لكنه ترشّح هذا العام كمستقل لتجاوز الانتخابات التمهيدية للحزب الديمقراطي — فقد كرر كلام ترامب خلال مقابلة إذاعية على محطة WABC77 قائلاً: “الآن الأمر متروك للجمهوريين، وآمل أن يستمعوا للرئيس.”













