بعد عشر سنوات من الأسر في قبضة تنظيم الدولة “داعش”، عادت الشابة الإيزيدية سيلفانا خضر، البالغة من العمر 29 عامًا، إلى العراق في رحلة استثنائية أعقبت سقوط نظام بشار الأسد في كانون الأول/ديسمبر الماضي، لتعيد فتح صفحات مليئة بالمآسي والأمل معًا.
سيلفانا، التي كانت تبلغ 17 عامًا عند اختطافها من قريتها كوتشو في محافظة سنجار عام 2014، فقدت والدها وشقيقين لها، وتم العثور على رفاتهم في مقبرة جماعية قريبة من سنجار. أما والدتها وشقيقها الآخر فلا يزال مصيرهما مجهولاً. من بين أشقائها الستة، بقيت واحدة فقط في العراق، بينما لجأ الآخرون إلى ألمانيا.
قالت سيلفانا بأسى: “أنا سعيدة وحزينة في الوقت نفسه. ليس لدي أب، ولا أم، ولا إخوة. شعور الوحدة ثقيل جدًا”.
بعد اختطافها، أُرسلت سيلفانا إلى سوريا حيث عانت من الجوع، البرد، والخوف. وأمضت أكثر من أربع سنوات في محافظة إدلب السورية، حيث عاشت وحيدة في قبو، دون أن تعلم أي أخبار عن عائلتها.
تحدثت عن تلك الفترة بقولها: “في إدلب، ساعدني الناس، ولم يكن هناك وجود لتنظيم الدولة. لكنني كنت وحيدة تمامًا، أخشى كل لحظة”. ورغم الأسئلة الكثيرة حول ما إذا كانت قد أُجبرت على الزواج، اكتفت بالرد بصوت منخفض: “لا”.
طريق العودة
مع سقوط النظام السوري في كانون الأول/ديسمبر2024، قررت سيلفانا العودة إلى العراق. استغرقت رحلتها خمسة أيام لعبور سوريا، رحلة محفوفة بالمخاطر لكنها كانت مدفوعة بأمل لقاء عائلتها.
عند عودتها، تلقت شقيقتها ملوكة مكالمة هاتفية تخبرها بأن سيلفانا لا تزال على قيد الحياة. قالت ملوكة: “كانت تلك لحظة فرح كبيرة، لكنها مشوبة بالحزن على من فقدناهم”.
ملوكة، التي كانت هي الأخرى قد اختطفت من قبل “داعش” وتم بيعها في الرقة عام 2018، نجحت في الهروب برفقة مجموعة من النساء. واليوم، تعيش على أمل العثور على والدتها وشقيقها الآخر.
الإبادة الجماعية للإيزيديين
سيلفانا ليست حالة استثنائية، فقد عانى الإيزيديون في شمال العراق من حملة إبادة جماعية نفذها تنظيم “داعش” عام 2014. شملت الجرائم قتل الرجال والصبيان واستعباد النساء وبيعهن. ووصف محققون دوليون هذه الحملة بأنها إبادة جماعية على حد زعمهم، وهو توصيف تبناه البرلمان الأوروبي وأُقر رسميًا على المستوى الدولي.
ووفقًا لمكتب إنقاذ الإيزيديين المختطفين، تم تحرير 3584 شخصًا حتى الآن من أصل 6417 مختطفًا. ورغم الجهود المستمرة، لا يزال أكثر من 2600 شخص في عداد المفقودين، مما يبرز حجم المأساة وتعقيد عمليات الإنقاذ.
وتعد قرية كوتشو، مسقط رأس سيلفانا، رمزًا للألم والمعاناة، حيث فقدت أكثر من 1000 من سكانها في حملة التنظيم. وعلى الرغم من مرور أكثر من عقد على المأساة، لا تزال هذه القرية شاهدة على الفظائع التي ارتكبها التنظيم بحق المجتمع الإيزيدي.