وكان عباس قد تعهد خلال القمة العربية الطارئة التي انعقدت في القاهرة في الرابع من مارس/آذار الماضي، بإعادة هيكلة الأطر القيادية الفلسطينية وضخ دماء جديدة في مؤسسات منظمة التحرير وحركة فتح وأجهزة الدولة، في محاولة لإعادة تنشيط الحياة السياسية الفلسطينية بعد سنوات من الجمود. ومنذ ذلك الحين، بدأ عباس فعليًا بإجراء تغييرات إدارية، كان أبرزها داخل الأجهزة الأمنية الفلسطينية.
وترافقت هذه التحركات مع تبني القادة العرب خلال القمة خطة لإعادة إعمار قطاع غزة، شملت الدعوة إلى عودة السلطة الفلسطينية إلى القطاع، والعمل على توحيد الصف الفلسطيني تحت راية منظمة التحرير الفلسطينية، التي تضم معظم الفصائل الفلسطينية باستثناء حركتي حماس والجهاد الإسلامي، المنخرطتين في حرب مدمرة مع إسرائيل منذ أكثر من 18 شهرًا.
تعيين حسين الشيخ حظي بترحيب سعودي، حيث أصدرت وزارة الخارجية السعودية بيانًا أعربت فيه عن دعمها للإجراءات الإصلاحية التي اتخذتها القيادة الفلسطينية، مشيدة باستحداث منصب نائب رئيس اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير ونائب رئيس دولة فلسطين، وتمنت للشيخ التوفيق في مهامه الجديدة.
وجاءت هذه التطورات في ظل تصاعد الدعوات العربية والدولية لإجراء إصلاحات جذرية داخل مؤسسات السلطة الفلسطينية، مع الاستعداد لدور أكبر في إدارة قطاع غزة ما بعد الحرب. ويرأس محمود عباس حاليًا منظمة التحرير الفلسطينية، التي تُعتبر الممثل الشرعي الوحيد للشعب الفلسطيني، إلى جانب رئاسته لدولة فلسطين المعلنة والسلطة الفلسطينية التي أنشئت بموجب اتفاقات أوسلو.
ويرى مسؤولون ومحللون فلسطينيون أن تعيين حسين الشيخ يفتح أمامه الطريق ليكون الخليفة المحتمل لعباس على رأس منظمة التحرير، وربما ليكون المرشح الأقوى لرئاسة السلطة الفلسطينية إذا جرت انتخابات مستقبلية. ويدعم هذا التوجه تصويت المجلس المركزي الفلسطيني، المؤلف من 188 عضوًا، الخميس الماضي، لصالح استحداث منصب نائب الرئيس، مما يعزز ترتيبات انتقال السلطة مستقبلاً.
ويمتلك حسين الشيخ، البالغ من العمر 64 عامًا، سيرة سياسية حافلة. فقد ولد في رام الله لعائلة لاجئة من قرية دير طريف، وأمضى أكثر من عشر سنوات في السجون الإسرائيلية بين أواخر السبعينيات وأوائل الثمانينيات. برز لاحقًا في العمل الإداري والسياسي من خلال رئاسته للهيئة العامة للشؤون المدنية الفلسطينية برتبة وزير، وهي الهيئة المسؤولة عن تنظيم العلاقة مع الجانب الإسرائيلي في القضايا اليومية للفلسطينيين، وهو يتقن اللغة العبرية التي تعلمها خلال فترة اعتقاله.
في عام 2020، تولى الشيخ مسؤولية دائرة المفاوضات مع الجانب الإسرائيلي عقب وفاة صائب عريقات، ثم تم تعيينه في عام 2022 أمينًا لسر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية. كما كلفه الرئيس عباس مؤخرًا برئاسة لجنة متابعة شؤون السفارات الفلسطينية في الخارج، في مؤشر إضافي على ثقته بدوره المتزايد داخل النظام السياسي الفلسطيني.