قال مصدر دبلوماسي سوداني للجزيرة إن الجيش السوداني علّق مشاركته في مفاوضات جدة. وأشار المصدر إلى أن التعليق يأتي احتجاجا على هجمات قوات الدعم السريع على مواقع الجيش في العاصمة والولايات. وكانت الوساطة الأميركية السعودية أعلنت التوصل لأكثر من اتفاق هدنة بين طرفي الصراع في السودان بناءً على مفاوضات أجريت في مدينة جدة بالسعودية، وانتُهكت هذه الاتفاقيات مرارا.
كما نقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن مسوؤل في الحكومة السودانية، طلب عدم كشف هويته، أن الجيش اتخذ هذا القرار “بسبب عدم تنفيذ المتمردين (قوات الدعم السريع) البند الخاص بانسحابهم من المستشفيات ومنازل المواطنين، وخرقهم المستمر للهدنة”.
وفي أول رد على القرار، قال مصدر في قوات الدعم السريع -في تصريح صحفي- إن تعليق الجيش مشاركته في مفاوضات جدة محاولة لإفشال منبر جدة.
واتهم المصدر الجيش السوداني بعرقلة التفاوض عبر الاستمرار في خرق الهدنة الإنسانية من خلال الهجوم بالطيران والمدافع الثقيلة وتحريك القوات من الولايات إلى الخرطوم.
وأوضح أن إشارة قائد الجيش لاستخدام القوة المميتة التي أطلقها خلال مخاطبته جنوده أمس الثلاثاء تأتي ضمن خطة تعليق التفاوض لاستخدام الحل العسكري، حسب تعبيره.
ومساء أول أمس الاثنين، أعلنت السعودية والولايات المتحدة اتفاق الجيش السوداني وقوات الدعم السريع على تمديد اتفاق وقف إطلاق النار الموقّع بينهما لمدة 5 أيام إضافية.
وجاء الإعلان بالتزامن مع انتهاء مدة اتفاق معلن بين الجيش والدعم السريع لوقف إطلاق النار قصير الأمد لمدة 7 أيام وترتيبات إنسانية، برعاية سعودية أميركية.
وبدأت محادثات جدة في أوائل مايو/أيار الحالي، وأدت إلى إعلان يتعلق بالالتزام بحماية المدنيين واتفاقين قصيرين لوقف إطلاق النار تمّ انتهاكهما مرارا.
الآلية الموسعة
في غضون ذلك، تعقد الآلية الموسعة بشأن الأزمة السودانية اجتماعها الأول في أديس أبابا اليوم الأربعاء، وذلك بموجب قرار قمة مجلس السلم والأمن الأفريقي التي عقدت السبت الماضي.
ويهدف الاجتماع إلى وضع خارطة طريق الاتحاد الأفريقي للأزمة السودانية بمشاركة الشركاء الدوليين والإقليميين.
وكشف مصدر دبلوماسي للجزيرة أن 21 دولة ستشارك في الاجتماع، إلى جانب الاتحاد الأفريقي ومنظمات الإيغاد والجامعة العربية والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة.
وأكد المصدر أن الاجتماع سيضع آليات لتنسيق الدعم للسودان، وتأمين وقف فوري ودائم وشامل وغير مشروط للأعمال العدائية، فضلا عن وضع خارطة طريق تعمل على تنسيق ومواءمة الجهود الإقليمية والقارية والدولية لحل الأزمة.
وقد حصلت الجزيرة على نسخة من بنود خارطة طريق الاتحاد الأفريقي والآلية الموسعة لحل الأزمة السودانية.
وتشدد الآلية الموسعة على منع التدخل الخارجي في الشؤون السودانية، وتسهيل وصول المساعدات الإنسانية للسودانيين فورا عبر ممرات جوية وبرية وبحرية.
فضلا عن تنسيق الإجراءات الدولية ومنع أي مبادرات تقلل من العمل المشترك.
وتتضمن خارطة الطريق الأفريقية استئناف العملية السياسية لاستكمال الانتقال السياسي الذي قطع بسبب الصراع.
وتعهدت الآلية الموسعة بالعمل على إشراك مجموعة كاملة من أصحاب المصلحة السودانيين بما في ذلك الأحزاب السياسية والفاعلون المدنيون.
في هذه الأثناء، طالب الاتحاد الأفريقي بوقف إطلاق النار في السودان فورا، وقال مدير إدارة الصراع في مجلس السلم والأمن في اجتماع اللجنة الدولية الموسعة الخاصة بالسودان إن الطرفين لم يلتزما باتفاقية جدة.
وندد باستمرار استهداف المدنيين وعدم الاتزام بالقانون الإنساني الدولي، وطالب بإيصال المساعدات بشكل عاجل وفوري، وحذر من تأثيرات الحرب في السودان على دول الجوار.
بدورها طالبت مورين أتشيغ ممثلة منظمة الإيغاد، خلال الاجتماع، المجتمع الدولي بالعمل على إيقاف القتال وإنهاء معاناة الشعب السوداني.
استمرار الاشتباكات
في غضون ذلك، تحدث سكان عن اندلاع اشتباكات عنيفة حتى وقت متأخر أمس الثلاثاء في جنوب العاصمة الخرطوم وفي مدينة أم درمان، التي تقع على الضفة المقابلة لنهر النيل.
وقال مراسل الجزيرة إن اشتباكات واسعة النطاق دارت أمس الثلاثاء في مناطق متفرقة من العاصمة الخرطوم بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، رغم الهدنة المعلنة التي يتبادل الجانبان الاتهامات بانتهاكها.
وأضاف المراسل أنّ الاشتباكات دارت بين الجانبين في شارع الغابة ومدخل جسر الفتيحات بالعاصمة، وشهدت إطلاق نار بأنواع مختلفة من الأسلحة.
وقالت غرفة الطوارئ بحي الحلفايا شمالي الخرطوم بحري إن 3 من سكان الحي قتلوا جراء اعتداءات نفذتها عناصر تابعة لقوات الدعم السريع على الحي. في حين أفادت مصادر سودانية للجزيرة بوقوع اشتباكات وسط وشمالي الخرطوم، وإطلاق نار كثيف جنوبي شرقي مدينة الأبيض بولاية شمال كردفان.
ومنذ 15 أبريل/نيسان الماضي تستمر المواجهات في السودان مخلّفة أكثر من 1800 قتيل، وفقا لمنظمة أكليد، وأكثر من مليون ونصف المليون نازح ولاجئ، بحسب الأمم المتحدة.
وبحسب تقرير أمس الثلاثاء للمجلس النرويجي للاجئين، فقد انتشرت أعمال “النهب والسرقة في الخرطوم، وجردت بعض المناطق بالكامل من الممتلكات”.