بقلم: يورونيوز
نشرت في
اعلان
أعلنت مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين أنها ستخفض ميزانيتها للعام المقبل بنسبة تقارب الخُمس، لتتراجع من 10.2 مليارات دولار في 2025 إلى نحو 8.5 مليارات دولار في 2026. وتأتي هذه الخطوة في ظل ضغوط مالية خانقة تواجهها المفوضية رغم الارتفاع غير المسبوق في أعداد النازحين واللاجئين حول العالم.
إجراءات تقشفية وإغلاق مكاتب
تشمل الإجراءات المعلنة إلغاء نحو أربعة آلاف وظيفة وإغلاق المكتب الإقليمي للمفوضية في بريتوريا، عاصمة جنوب أفريقيا، اعتبارًا من الأول من تشرين الأول/أكتوبر المقبل. وسينقل المكتب عملياته إلى مكاتب إقليمية أخرى. وكان مكتب بريتوريا يغطي شؤون اللاجئين الفارين من الصراع في جمهورية الكونغو الديمقراطية والنازحين بسبب التمرد في شمال موزمبيق، ويضم 72 موظفًا ويشرف على 16 دولة.
المتحدثة باسم المفوضية في جنوب أفريقيا، دنيا أسلم خان، قالت إن أثر انخفاض التمويل بدأ يظهر بالفعل على الخدمات، موضحة أن المساعدات النقدية تقلصت وأن برامج الصحة والتعليم والمساعدات الغذائية تأثرت بشكل مباشر. وأكدت أن إغلاق المكتب الإقليمي هو الخيار الأمثل لخفض التكاليف مع الحفاظ على حضور ميداني فعّال.
ضغوط المانحين وتحول الأولويات
الوثيقة الصادرة عن المفوضية لم تدخل في تفاصيل الأزمة المالية، لكنها أشارت إلى أن تقليص التمويل من كبار المانحين، وفي مقدمتهم الولايات المتحدة ودول غربية أخرى، كان العامل الحاسم.
ويرى مراقبون أن هذه الدول باتت تولي أولوية أكبر للإنفاق الدفاعي بسبب المخاوف الأمنية المتصاعدة من روسيا، ما انعكس مباشرة على وكالات الإغاثة الدولية.
الولايات المتحدة تظل المانح الأكبر للمفوضية بفارق كبير عن بقية الدول. إلا أنه، ومنذ عودة الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى البيت الأبيض مطلع العام الجاري، تغيّرت أولويات الإنفاق الأميركي وخضعت الميزانية لبرنامج صارم يهدف إلى تقليص الإنفاق العام، الأمر الذي زاد من الضغوط على المفوضية.
أرقام قياسية للنزوح
تتوقع المفوضية أن يرتفع عدد النازحين قسرًا وعديمي الجنسية حول العالم إلى رقم قياسي جديد يبلغ نحو 136 مليون شخص في 2026، مقارنة بـ129.9 مليون في 2024 و123.2 مليون في 2023. وتشير التقديرات إلى أن أكثر من شخص واحد من بين كل 67 شخصًا على وجه الأرض يعيش حالة نزوح قسري نتيجة الحروب أو الاضطهاد أو العنف.
وتبرز الحرب في السودان كأكبر أزمة نزوح في الوقت الراهن، إذ خلّفت حتى نهاية 2024 ما يقارب 14.3 مليون لاجئ ونازح. كما يشهد الفلسطينيون في قطاع غزة موجات نزوح داخلي جديدة بسبب الحرب الإسرائيلية المستمرة، مع احتسابهم ضمن فئة “اللاجئون المشمولون بولاية الأونروا” و”النازحون داخليًا” لكن مرة واحدة فقط في الأرقام الإجمالية.
خدمات أساسية مهددة
تحذّر المفوضية من أن التخفيضات المالية قد تنعكس مباشرة على الخدمات الأساسية المقدمة للاجئين، مثل المساعدات النقدية والرعاية الصحية والتعليم وتوزيع المواد الغذائية. وكانت منظمات أخرى تابعة للأمم المتحدة، مثل برنامج الأغذية العالمي، قد اضطرت بالفعل إلى إغلاق مكاتب في جنوب القارة الأفريقية مطلع هذا العام بسبب نقص التمويل.
11 مليون شخص مهددون بفقدان المساعدات
في 18 تموز/يوليو 2025، حذرت دومينيك هايد، مديرة العلاقات الخارجية في المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، من تداعيات خطيرة لخفض التمويل الإنساني، مشيرة إلى أن ما يصل إلى 11.6 مليون لاجئ ونازح قد يخسرون هذا العام المساعدات المباشرة التي تقدمها المفوضية، أي ما يقارب ثلث المستفيدين من دعمها في العام الماضي. وأوضحت أن النقص الحاد في التمويل، الذي لم يغط سوى 23% من احتياجات المفوضية لعام 2025، أدى إلى تعليق أو تقليص برامج أساسية تشمل الصحة والتعليم والإيواء، إضافة إلى وقف نقل الوافدين الجدد في مناطق النزاع وترك الآلاف عالقين في ظروف بالغة القسوة، بينما تتحمل النساء والأطفال النصيب الأكبر من هذه التداعيات.