احتشد البولنديون من مختلف أنحاء البلاد في العاصمة وارسو يوم السبت 12 أبريل للمشاركة في مظاهرة تحتفي بمرور ألف عام على تتويج أول ملك بولندي.
وشارك المتظاهرون بأزياء تاريخية، حيث رقصوا رقصة البولونيز، ورددوا النشيد الوطني، واستحضروا معتقداتهم الكاثوليكية، كما رددوا شعارات مؤيدة للمرشح المحافظ الذي يخوض الانتخابات الرئاسية الشهر المقبل.
المسيرة، التي شارك فيها الآلاف، حظيت بدعم حزب القانون والعدالة، وهو الحزب الشعبوي المحافظ الذي حكم بولندا لمدة ثماني سنوات حتى عام 2023، عندما تولى رئيس الوزراء الوسطي المؤيد لأوروبا دونالد توسك السلطة.
ويسعى حزب القانون والعدالة إلى استعادة السلطة في الانتخابات العامة المقبلة، وفي الوقت نفسه يعمل على دعم مرشحه لرئاسة الجمهورية، وهو المنصب الذي يمنح القائد الأعلى للقوات المسلحة نفوذاً على السياسة الخارجية وحق النقض (الفيتو) على القوانين.
ودعا زعيم حزب القانون والعدالة، ياروسلاف كاتشينسكي، “جميع الوطنيين” إلى الانضمام إلى المسيرة، التي بلغت ذروتها بتجمع أمام القلعة الملكية. وخطاب ألقاه مرشح الحزب، كارول ناوروكي البالغ من العمر 42 عامًا، أمام المؤيدين والأنصار.
القلعة، التي أعيد بناؤها بعد أن دمّرها الألمان خلال الحرب العالمية الثانية، تُعدّ رمزًا لتاريخ بولندا وصمودها.
“نريد بولندا عظيمة”
وقال كارول ناوروكي، وهو مؤرخ دخل معترك السياسة، إن على بولندا أن تحافظ على “هذاالتراث، وهذا الجمال، وهذا التاج الذي وُهب لنا”.
وأضاف ناوروكي: “نريد لبولندا أن تكون دولة ذات تطلعات وأحلام، لأنه علينا أن نكون أوفياء لتراث من سبقونا ولمن سيأتون بعدنا”. “نريد بولندا عظيمة!”
رايات أمريكية وتأييد لترامب
وشهدت المسيرة رفع بعض الأعلام الأمريكية وسط سيل من الأعلام البولندية، حيث أعرب عدد من الحاضرين عن دعمهم للرئيس الأمريكي دونالد ترامب. ومن بينهم ستانيسلاف بينيك، البالغ من العمر 81 عامًا، الذي فرّ من بولندا إبان الحكم الشيوعي واستقر في الولايات المتحدة حيث حصل على الجنسية الأمريكية.
وقال بينيك: “عائلتي بأكملها صوتت لترامب، وأنا الآن أعيش هنا وسأصوت لصالح ناوروكي”.
ويأتي هذا التجمع في وقت يسعى فيه حزب القانون والعدالة إلى حشد الدعم لمرشحه كارول ناوروكي، الذي يظهر استطلاعات الرأي تخلفه عن منافسه الليبرالي الأوفر حظًا، عمدة وارسو رافا ترزاسكوفسكي، في الانتخابات الرئاسية المقبلة.
كما يواجه ناوروكي تحديًا متزايدًا من صعود مرشح حزب الاتحاد اليميني المتطرف، سلاومير منتزن، الذي باتت شعبيته تمثل تهديدًا كبيرًا لسيطرة حزب القانون والعدالة على الناخبين المحافظين، الذين يشكلون قاعدة انتخابية واسعة في البلاد.
ويأتي حدث يوم السبت ليتزامن مع احتفالات الذكرى الألفية لتتويج أول ملوك بولندا، بوليسواف الشجاع. ففي عام 1025، مثلت تلك اللحظة التاريخية رمزًا عزيزًا لدى العديد من البولنديين، حيث أكدت الاستقلال الوطني للبلاد.
كما احتفل التجمع بذكرى أخرى ذات أهمية تاريخية، وهي مرور 500 عام على تقديم دوق بروسيا الولاء الرسمي للملك البولندي في عام 1525. ويحمل هذا الحدث صدى عاطفيًا لدى البعض في بلد عانى طويلًا من العدوان الألماني على مر فترات مختلفة من تاريخه.
وقدّر المنظمون عدد المشاركين في التجمع بـ 100,000 شخص، بينما قدرت قاعة مدينة وارسو – التي يديرها رافا ترزاسكوفسكي – الحضور بنحو 20,000 شخص.
وتمنح استطلاعات الرأي المرشح ترزاسكوفسكي حتى الآن على أكثر من 30% من نوايا التصويت ، في حين يتمتع ناوروكي بنسبة تزيد قليلاً عن 20%. وقد شارك المرشحان في مناظرة يوم الجمعة بهدف تحفيز قواعدهما الانتخابية التقليدية وجذب أصوات جديدة.
ومن المقرر إجراء الانتخابات الرئاسية في بولندا يوم 18 مايو المقبل. وتتبنى البلاد نظام الأغلبية المطلقة في الانتخابات، حيث يحتاج الفائز إلى الحصول على أكثر من 50% من الأصوات للفوز بالرئاسة. وفي حال عدم تحقيق أي مرشح لهذه النسبة، تُجرى جولة إعادة بين المرشحين الحاصلين على أعلى نسبتين.
ويشغل حاليًا منصب رئيس الجمهورية أندريه دودا، وهو سياسي مستقل وحليف لحزب القانون والعدالة المحافظ. ومع انتهاء فترة ولايته الثانية والأخيرة هذا الصيف، لم يعد مؤهلاً للترشح مجددًا.