في مشهد إنساني يقطر ألما، يحاصَر قطاع غزة بالجوع والقهر، ولم يعد الخبز فيه قوتا يوميا للفقراء، بل تحول إلى حلم ثقيل المنال، وسلعة نادرة لا يملك ثمنها معظم السكان، حيث يقف الناس لساعات طويلة في طوابير مزدحمة، فقط من أجل بضع رقائق من الخبز لا تكفي لإسكات بكاء طفل جائع، لكنها بالنسبة لكثيرين فرصة حياة في مكان يموت فيه الناس من الجوع.
ففي المخيمات المكتظة التي تؤوي آلاف العائلات، والتي تفتقر إلى الطعام والماء والدواء، أصبحت الحياة معركة يومية للبقاء لا يربحها أحد، وحتى من يمتلك القليل بات يجد صعوبة في دفع ثمن الرغيف الذي ارتفع بشكل صادم، أما من لا يملك شيئا، فالحصول عليه بات مستحيلا.
وقد أثار الارتفاع الجنوني في أسعار الطحين موجة غضب عارمة عبر منصات التواصل، خاصة بعد أن تجاوز سعر كيلو الدقيق 50 دولارا في بعض المناطق -هذا إن توفر أصلا- في مشهد يعكس حجم الكارثة الإنسانية المتفاقمة.
ووثق مغردون شهادات مؤلمة عن الواقع اليومي في غزة، حيث يستغرق الحصول على الخبز ساعات طويلة من الانتظار في طوابير مزدحمة، مقابل ثمن باهظ قد يصل إلى 15 دولارا أو أكثر، لرغيفٍ لا يكفي لإسكات جوع طفل واحد.
بضع رقائق من الخبز ..
هذا ما استطعتُ الحصول عليه بعد وقتٍ من الانتظار في طابور الجوع.ثمنها؟
نحو 15 دولارًا — مقابل ما لا يكفي لإشباع طفلٍ جائع…
فكيف ببقية العائلة؟
فكيف بمن لا يملك شيئًا ليدفعه أصلًا؟
فكيف بغالبية الشعب الذين لم يصل إليهم الخبز أصلًا؟
فكيف بمن يعيش تحت خيمةٍ… pic.twitter.com/EbkOjxPydD— الحـكـيم (@Hakeam_ps) July 20, 2025
وأشاروا إلى أن ما يحدث في غزة “ليس فقرا، بل إنه تجويع ممنهج، وموت بطيء لأرواحٍ لا تطلب سوى البقاء حية ليوم آخر”، مضيفين: “غزة لا تعيش.. غزة تصارع الموت في كل لحظة. وحتى الخبز أصبح حلما ثقيلا”.
وأكد مغردون آخرون أن ما يجري في القطاع ليس مأساة فقط، بل جريمة متعمدة، ممنهجة وقاسية، فحين يتحول الطعام إلى رفاهية، ويُستخدم الجوع كسلاح، يصبح صمت العالم جزءا من الجريمة.
ورأى نشطاء آخرون أن المسألة تتجاوز السياسة والصراعات، لتصبح قضية إنسانية خالصة، متسائلين: “إذا لم نقف مع هذا الحق البسيط.. فماذا تبقى من إنسانيتنا؟”.
لا أحد يجب أن يضطر للتوسل من أجل قطعة خبز في القرن الحادي والعشرين.
ما يحدث في غزة ليس مأساة فقط، بل جريمة. متعمدة، ممنهجة، وقاسية. عندما يصبح الطعام رفاهية، والجوع سلاحا، يصبح صمت العالم جزءا من الجريمة.
هذا ليس مجرد صراع سياسي، بل مسألة إنسانية بحتة.
وإذا لم نقف مع هذا الحق…— Biers Morgan (@amrkhalidwalker) July 20, 2025
وتكررت صرخة واحدة على ألسنة كثيرين: “لا أحد يجب أن يضطر للتوسل من أجل قطعة خبز في القرن الـ21”.
وتساءل آخرون بأسى: “فكيف ببقية العائلة؟ فكيف بمن لا يملك شيئا ليدفعه أصلا؟ فكيف بغالبية الشعب الذين لم يصل إليهم الخبز أصلا؟ فكيف بمن يعيش تحت خيمةٍ ممزقة، لا يجد ماء، ولا دواء، ولا غذاء، ولا حتى حيلة؟”.
وفي شهادة مؤلمة، كتب أحد الناشطين: “بعد رحلة بحث عن طعام استمرت 4 ساعات، أكاد أجزم أنني من المحظوظين جدا اليوم، لأنني حصلت على ساندويشة فلافل، رغم أن سعرها بلغ 12 دولارا”.
وأشار إلى أنه تناول هذه الوجبة مرة واحدة فقط، ورغم أنها لا تغني ولا تسمن من جوع، فإنه شعر بأنه نال رفاهية استثنائية بالحصول عليها.
الحمد لله، الطحين توفر أخيرًا.
لكن سعر الكيلو؟ 40 دولار كاش، و50 عبر التطبيق.
ومع ذلك، هذه ليست التكلفة الحقيقية…التكلفة الحقيقية:
18 شهيدًا في يومٍ واحد، قضوا جوعًا قبل أن يصل إليهم رغيف الخبز.
و48 شهيدًا ارتقوا وهم ينتظرون المساعدات بين أكياس الطحين.هذه ليست مجرد أرقام، بل…
— GAZA (@GazaMohi) July 20, 2025
أما الطحين، فسعر الكيلو الواحد منه -حسب مدونين- وصل إلى 50 دولارا، هذا إن توفّر أصلا، لكن الكارثة لا تقف عند الأسعار، إذ أكدوا أن “التكلفة الحقيقية هي الأرواح التي تُزهق جوعا”، مشيرين إلى أن هناك “18 شهيدا في يوم واحد قضوا جوعا قبل أن يصل إليهم رغيف الخبز، و48 شهيدا ارتقوا وهم ينتظرون المساعدات بين أكياس الطحين”.
وكتب أحدهم: “سعر رغيف الخبز في غزة 10 دولارات، يعني اللي عنده 5 أولاد محتاج 100 دولار ليفطرهم خبزا حافا”، في حين كتب آخر: “في غزة أصبح سعر رغيف الخبز أغلى من دم أهل غزة”.
وكتب أحد المدونين أيضا: “رغيف الخبز عندنا ب 30 شيكلا، وكيس الطحين (50 كغم) بـ10 آلاف شيكل، والدواء أصبح خيالي السعر للكبار والصغار.. كفى صمتا، كفى قتلا وتجويعا”.
وأشار مغردون -في مفارقة مؤلمة- إلى أن ثمن وجبة بسيطة في غزة بات يُضاهي أسعار أفخم مطاعم العالم، حيث تجاوز سعر كيلو الدقيق 30 دولارا، وقد يستمر بالارتفاع في ظل استمرار الأزمة وتفاقم الحصار.