بقلم: يورونيوز
         نشرت في
            
            
تفجّرت الفضيحة في تقارير لوسائل إعلام لبنانية، وقد تضمّن تقرير لقناة “الجديد” مكالمة صادمة مع وسيطة تعمل في بيع الشهادات الجامعية. في المكالمة، تظاهرت إحداهنّ بأنها طالبة ترغب في الحصول على شهادة ماستر بهذه الطريقة، فكشفت الوسيطة أنّها شخصياً نالت شهادة دكتوراه على هذا النحو، وأنّ أحد المحامين أيضاً اشترى شهادته عبرها.
وقد أوضحت الوسيطة تفاصيل الأسعار التي تختلف باختلاف الدرجة العلمية: شهادة الإجازة تبدأ من 5000 دولار في الجامعة اللبنانية، الماستر 6500 دولار، والدكتوراه 7300 دولار، أمّا في الجامعة الأمريكية، فتكون الأسعار أعلى، وفق ما أعلنت عنه.
وأضافت أنّ كليات الطب مستثناة من عملية التزوير هذه، إذ يُمنح الراغبون فيها شهادة ماستر فقط، وكذلك الأمر بالنسبة للهندسة.
تحرّك حكومي وقضائي
اعتبر رئيس الحكومة اللبنانية نواف سلام أنّ ما ورد في الفيديو الذي بثّته قناة “الجديد” خطير بما يكفي للتحرّك الفوري. وقال إنّه تواصل صباحاً مع وزيرة التربية والتعليم العالي ريما كرامي طالباً منها اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة، على أن تتقدّم بإخبار إلى النيابة العامة التمييزية لفتح تحقيق رسمي.
وأكد سلام أنّ “كل من يثبت تورّطه في هذه القضية يجب أن ينال أقصى العقوبات”، مضيفاً أنّ “العبث بمستقبل الطلاب وبسمعة مؤسساتنا التربوية أمر لا يمكن التغاضي عنه أو التعامل معه بخفة، تحت أي ذريعة كانت”.
وبعد أيام من الجدل، أفادت تقارير إعلامية بأنّ مدعي عام جبل لبنان ادعى على 15 شخصاً في ملف الجامعة اللبنانية، بينهم الموقوفون الثلاثة: عميد الكلية، وأمين السر، وأحد الطلاب اللبنانيين، وقد شملت مواد الادعاء تهم الاحتيال والتزوير وإساءة الأمانة والرشوة وصرف النفوذ.
توضيح من الأساتذة الجامعيين
في خضم هذه التطورات، أصدرت الهيئة التنفيذية لرابطة الأساتذة المتفرغين في الجامعة اللبنانية بياناً أكدت فيه متابعتها الدقيقة لكل التحقيقات الجارية بشأن التزوير في كلية الحقوق – الفرع الأول، وما يُثار من شبهات في كلية الآداب – الفرع الثالث حول ارتكابات مالية ومخالفات إدارية.
وجاء في بيان الهيئة أنّها تتابع مجريات التحقيقات عن كثب، داعيةً الجميع، ولا سيما وسائل الإعلام، إلى توخي الدقة والموضوعية عند تناول قضايا الجامعة الوطنية، تفادياً للإساءة إلى كرامات الأفراد واحتراماً لسرية التحقيقات الجارية.
وأضافت الهيئة أنّها “لن تغطي أي مخالفات أو تجاوزات في أي من كليات الجامعة اللبنانية”، مؤكدة أنّ الجميع خاضع للقانون، ولا حماية لأي طرف متورط. وشدد البيان على ضرورة أن تسلك التحقيقات مسارها بشفافية وصرامة وصولاً إلى محاسبة جميع المرتكبين ومن تورّط معهم، مشيراً إلى أنّ ما يجري اليوم من ملاحقات قضائية يؤكد خضوع الجامعة اللبنانية للقوانين والأنظمة، وأنها ليست بمنأى عن المحاسبة مثلها مثل أي مؤسسة عامة أخرى.
الغضب الشعبي يتصاعد
لم تبقَ الفضيحة في أروقة القضاء والإعلام، بل انتقلت إلى وسائل التواصل الاجتماعي، حيث عبّر العديد من اللبنانيين عن استيائهم وخيبتهم من انهيار أحد آخر رموز التعليم الرسمي في البلاد.
روى الصحافي محمد بركات عبر منصة “إكس” جانباً من تجربته داخل الجامعة اللبنانية، متحدثاً عن ما وصفه بـمظاهر “الترفيع والترسيب” الانتقائي، مشيراً إلى أنّ “إحدى المدرّسات المحسوبات على جهة حزبية حاولت منعه من التقدّم إلى الماستر البحثي، قبل أن يُجبر على متابعة دراسته بالفرنسية للحؤول دون وصوله إلى مرحلة الدكتوراه”.
وفي منشور آخر، كتبت ناشطة تعليقاً يحمل قدراً كبيراً من الحسرة على ما آلت إليه الجامعة: “كان الفقير الذي يدرس في اللبنانية يفتخر بشهادته في دول الغرب والخليج. اليوم، فقدت الجامعة مكانتها، وسُحبت من الفقير فرصة التعليم التي كانت تُعَدّ ملاذه الأخير”.
أما أحد المستخدمين فعبّر عن استيائه من مفارقة مؤلمة، قائلاً إنّه “رأى طلاباً في الماضي يعملون في وظائف شاقة فقط لمساعدة أهلهم، فيما يستغلّ آخرون نفوذهم السياسي لتزوير شهاداتهم”، متسائلاً: “كيف يُطلب من الجيل الجديد متابعة دراسته وهو يرى الكذب يُكافأ والصدق يُعاقب؟”.
وتعدّدت التعليقات على المنصة، بين من رأى في ما يجري “صورة مصغّرة عن الانهيار العام الذي يضرب مؤسسات الدولة”، ومن اعتبر أن الجامعة اللبنانية “باتت رهينة للمحاصصة السياسية”، بعدما فقدت استقلاليتها ومكانتها الأكاديمية التي شكّلت لعقود مصدر فخر لطلابها وخريجيها في الداخل والخارج.

 
		


 اختر منطقتك
 اختر منطقتك	








