أكدت دول منظمة التعاون الإسلامي أن تدنيس المصحف يرقى لمستوى التحريض على الكراهية الدينية، وطالبت بمحاسبة مرتكبيه، وذلك خلال اجتماع طارئ لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في أعقاب حرق نسخة من المصحف الشريف في السويد.
ويسعى الاقتراح -الذي قدمته باكستان نيابة عن المجموعة الإسلامية؛ ردا على واقعة حرق المصحف الشريف الشهر الماضي- إلى أن يصدر المفوض السامي لحقوق الإنسان بالأمم المتحدة تقريرا عن الواقعة، ويدعو الدول لمراجعة قوانينها وسد الفجوات التي قد تحول دون منع أعمال الكراهية الدينية وملاحقة مرتكبيها قضائيا.
وسلط الاقتراح الضوء على الانقسامات في المجلس بين منظمة المؤتمر الإسلامي وأعضاء غربيين عبروا عن “قلقهم” إزاء ما قد ينتج عن ذلك من تداعيات تتعلق بما يرونه حرية تعبير وتحديات مطروحة أمام ممارسات قائمة منذ أمد طويل في مجال حماية حقوق الإنسان، حسب قولهم.
وكان مهاجر عراقي إلى السويد أضرم النار الشهر الماضي في المصحف الشريف خارج مسجد ستوكهولم المركزي، بعد أن منحته الشرطة تصريحا بذلك بموجب قرار قضائي، وهو ما أثار غضب العالم الإسلامي، وقوبل بموجة استنكار وتنديد واسعة في العالمين العربي والإسلامي.
وخلال جلسة النقاش الطارئة لمجلس حقوق الإنسان بشأن مواجهة الكراهية الدينية، أكدت وزيرة الدولة للتعاون الدولي بوزارة الخارجية القطرية لولوة الخاطر موقف قطر المناهض لخطاب الكراهية الدينية الممنهج، لا سيما ضد المسلمين ومقدساتهم.
وفي سياق تسهيل بعض الحكومات خطاب وسلوك الكراهية تجاه المسلمين أكدت أننا لا نستطيع التعامل بالمثل ليس خشية من الهجوم الذي كان سيطالنا من نفس تلك الحكومات ولكن امتثالا لقناعاتنا وقوانيننا وقبلها لقيمنا الإسلامية التي تمنعنا من استفزاز الآخرين وجرحهم في معتقداتهم كما علمنا القرآن. https://t.co/DxdGC6hKd5 pic.twitter.com/CgaIsJTcIn
— لولوة الخاطر Lolwah Alkhater (@Lolwah_Alkhater) July 11, 2023
من جهته، شدد وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان في كلمة له أمام مجلس حقوق الإنسان في جنيف على ضرورة سرعة التحرك لإيقاف ما وصفها بالأفعال المسيئة للمعتقدات والمشاعر الدينية.
ورأى في مداخلة عبر الفيديو أن حرية التعبير “قيمة أخلاقية تَنشُر الاحترام والتعايش بين الشعوب، وليست أداة لإشاعة الكراهية والصدام الثقافي والحضاري”.
📹 | كلمة صاحب السمو الأمير #فيصل_بن_فرحان @FaisalbinFarhan في جلسة النقاش الطارئة في مجلس حقوق الإنسان حول حادثة حرق القرآن الكريم، وذلك عبر الاتصال المرئي pic.twitter.com/LQ94VaASkk
— وزارة الخارجية 🇸🇦 (@KSAMOFA) July 11, 2023
وقال وزير الخارجية الباكستاني بيلاوال زرداري أن جميع الدول المسلمة لا تسمح أبدا بأي عمل ضد الكتب المقدسة للديانات الأخرى، وفي المقابل يجب ألا يُسمح بأي ممارسات تستهدف المصحف الشريف.
وأدلى وزراء من إيران وإندونيسيا بتصريحات مماثلة، ووصفت وزيرة خارجية إندونيسيا ريتنو مارسودي الواقعة بأنها عمل من أعمال الكراهية للإسلام.
وقالت “توقفوا عن إساءة استخدام حرية التعبير. الصمت (على ذلك) يعني التواطؤ”.
المواقف الغربية
بدوره، دعا ممثل الولايات المتحدة رشاد حسين إلى مكافحة خطاب الكراهية من خلال الحوار، مؤكدا أن بلاده تعارض قوانين مكافحة التجديف.
بينما وصفت سفيرة ألمانيا لدى الأمم المتحدة في جنيف كاتارينا ستاش واقعة حرق المصحف بأنها “استفزاز مروع” ونددت بها. لكنها أضافت أن “حرية التعبير أحيانا تعني أيضا تحمل آراء قد تبدو مزعجة وغير محتملة تقريبا”.
وقال مبعوث فرنسا إن حقوق الإنسان تتعلق بحماية الناس وليس الأديان ورموزها.
من جانبه، قال المفوض السامي للأمم المتحدة لحقوق الإنسان فولكر تورك إن حرق المصحف في السويد عمل “مسيء”، مشددا في الوقت نفسه على ضرورة أن يظلّ تقييد حرية التعبير استثناء، مذكرا بأن القانون الدولي ينص على أنه من واجب الدول “حظر أي دعوة للكراهية القومية أو العنصرية أو الدينية”.
وأضاف أن الأعمال التحريضية ضد المسلمين والديانات الأخرى أو الأقليات “مسيئة وغير مسؤولة وخاطئة”.
ردود فعل في الكويت وأفغانستان
من جهة أخرى، قال مجلس النواب الكويتي -في بيان الثلاثاء- إنه أصدر توصيات لوزارة التجارة بمنع بيع السلع التي تصنعها دول تسمح بالتعدي على القرآن.
كما وجه الوزارة بمنع التصدير إلى الدول التي تسمح بالتعدي على ثوابت الدين الإسلامي وتحمي المعتدين.
وفي السياق ذاته، أعلن المتحدث باسم الحكومة الأفغانية ذبيح الله مجاهد أن الحكومة قررت منع كافة أنشطة السويد في أفغانستان، احتجاجا على حادثة حرق نسخة من المصحف الشريف في ستوكهولم الشهر الماضي.
وطالبت الحكومة الأفغانية الدول الإسلامية بإعادة النظر في تعاملها مع السويد بعد حادثة حرق المصحف الشريف.
ومن المرجح أن يؤثر قرار طالبان على نشاط اللجنة السويدية من أجل أفغانستان غير الحكومية التي توظف آلاف العاملين في الإغاثة بالبلاد، وفي مجالات الصحة والتعليم والتنمية الريفية.