لم تنجح الخطة التي قدمتها مسؤولة الشؤون الخارجية في الاتحاد الأوروبي، كايا كالاس، الرامية إلى تأمين دعم عسكري بقيمة 40 مليار يورو لأوكرانيا، في كسب تأييد قادة الاتحاد خلال القمة التي انعقدت في بروكسل يوم الخميس.
ورغم إدراج مسألة الدعم العسكري ضمن جدول أعمال القمة، لم يتوصل القادة إلى توافق حول تخصيص مبلغ بقيمة 5 مليارات يورو لتوفير مليوني قذيفة مدفعية لأوكرانيا، وهو ما كانت كالاس تصفه بالعنصر “الأكثر واقعية” ضمن خطتها.
وانعكس هذا الإخفاق في الوثيقة الختامية الصادرة عن القمة، والتي اكتنفها الغموض. إذ اكتفت بالإشارة إلى مبادرة كالاس دون تحديد أي أرقام مالية، وهو ما جعل بعض الدبلوماسيين يرون فيها مؤشرًا على تعثّر المشروع، ولم يترددوا في وصف الخطة بأنها “وُلدت ميتة”.
وجاء في نص الوثيقة، الذي وافقت عليه 26 دولة بينما استخدمت المجر حق النقض (الفيتو): “يذكّر المجلس الأوروبي بالمبادرات الرامية إلى تعزيز الدعم العسكري للاتحاد الأوروبي لأوكرانيا من قبل الدول الأعضاء والدول المشاركة الأخرى، على أساس طوعي”.
وحين طُرحت تساؤلات حول غياب التفاصيل المتعلقة بالأرقام من النص الختامي، اكتفى رئيس المجلس الأوروبي أنطونيو كوستا بالإشارة إلى أن الدول الأعضاء سبق أن تعهدت بدعم إضافي، ورجّح أن تُقدَّم تعهدات إضافية خلال الأسابيع المقبلة، ضمن إطار حزمة إعادة التسليح التي اقترحتها المفوضية الأوروبية.
وقال كوستا: “نواصل دراسة طرق أخرى لزيادة دعمنا لأوكرانيا. وسنستمر بثبات حتى نهاية هذه الحرب، وبعد ذلك، سنواصل دعم أوكرانيا من خلال ضمان تحقيق السلام، مع التركيز بشكل خاص على مسار انضمامها إلى الاتحاد الأوروبي”.
كالاس تدافع عن خطتها وزيلينسكي يوجه نداءً عاجلًا
قبيل انطلاق القمة، حاولت كالاس الدفاع عن مبادرتها، وقالت لدى وصولها إلى القاعة: “أعتقد أنه من المهم أن تكون هناك نتيجة ملموسة. إذا تعذّر علينا الاتفاق على خطة تمتد لعام كامل، دعونا نحدد ما هي الاحتياجات العاجلة لأوكرانيا في الوقت الراهن، وخاصة في ما يتعلق بالذخيرة”.
وفي السياق نفسه، وجّه الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي خطابًا عبر الفيديو إلى القادة الأوروبيين، دعا فيه إلى تخصيص دعم مالي عاجل لتأمين الذخائر.
وقال: “نحن بحاجة إلى أموال من أجل قذائف المدفعية، وسنقدّر حقًا دعم أوروبا بما لا يقل عن خمسة مليارات يورو في أقرب وقت ممكن”.
اعتراضات على منهجية التمويل
لم يكن التعثر الذي واجهته خطة كالاس مفاجئًا في أروقة مقرّ الاتحاد، فخلال الأيام التي سبقت القمة، عبّر دبلوماسيون عن سلسلة من التحفظات والأسئلة حول تفاصيل المبادرة، واعتبرها بعضهم مبادرة “حسنة النية لكنها أُعدت على عجل”.
ومن بين النقاط المثيرة للجدل كان اقتراح كالاس اعتماد مبدأ “الوزن الاقتصادي” عبر استخدام مؤشر الدخل القومي الإجمالي كمعيار لتوزيع المساهمات العسكرية، بهدف ضمان العدالة بين الدول، غير أن هذا الطرح قوبل برفض من قبل دول كبرى مثل فرنسا وإيطاليا، اللتين ستتحملان، بموجب هذا النموذج، أعباء مالية كبيرة.
وفي الوقت نفسه، أعربت عدة دول عن قلقها من الالتباس حول طريقة “احتساب التعهدات المقدّمة”، بما فيها الـ15 مليار يورو التي أشار إليها كوستا، وكذلك عن كيفية إشراك دول غير أعضاء في الاتحاد مثل المملكة المتحدة والنرويج ضمن هذه الجهود.
كما طالبت بعض العواصم الأوروبية بإيضاحات بشأن التداخل المحتمل بين خطة كالاس وحزمة الدعم الأخرى بقيمة 18 مليار يورو، والتي يعتزم الاتحاد الأوروبي تقديمها لأوكرانيا عبر قرض استثنائي مدعوم من الأرباح غير المتوقعة الناتجة عن تجميد الأصول الروسية، وهو بند أُدرج بالفعل ضمن وثيقة الاستنتاجات.
وتُضاف إلى ذلك تساؤلاتٌ حول فعالية المبادرة على المدى العملي، لا سيما وأنها صُممت كخطة طوعية لتجاوز الفيتو المجري، ما يضعف إلزاميتها ويثير الشكوك حول مدى قابليتها للتنفيذ. ورغم كل هذه العقبات، يرى بعض الدبلوماسيين أن المبادرة “لم تُدفن بعد”، ويعتقدون بإمكانية إنقاذها من خلال إدخال تعديلات استراتيجية، أبرزها إزالة مؤشر الدخل القومي الإجمالي من معادلة التوزيع.