كان لتعريفات ترامب الجمركية تأثير بالغ على إنتاج السيارات المحلي، وقدرة أمريكا على المنافسة، وفقًا لعدة محللين وشركات مصنّعة.
وقد حاول الزعيم الجمهوري تصوير هذه التغيرات على أنها طريقة ناجحة لاستقطاب المستثمرين في القطاع.
في حديثه للصحفيين، شرح ترامب أسباب تخفيفه من تبعات الرسوم قائلًا: “لقد أردنا فقط مساعدة الشركات خلال هذه المرحلة الانتقالية، على المدى القصير”، لافتًا إلى أنه “لم يرغب في معاقبتها.”
من جهته، قال وزير الخزانة سكوت بيسنت، إن الهدف هو تمكين شركات صناعة السيارات من زيادة الانتاج، وخلق المزيد من فرص العمل.
وأوضح بيسنت: “لقد عقد الرئيس ترامب اجتماعات مع منتجي السيارات المحليين والأجانب، وهو ملتزم بدعم القطاع في الولايات المتحدة. لذلك نريد أن نوفّر للشركات المصنعة مسارًا للقيام بذلك بسرعة وكفاءة وخلق أكبر عدد ممكن من الوظائف.”
ومن شأن قرار الرئيس الجمهوري أن يخفض الضرائب عن السيارات التي تُجمّع في الولايات المتحدة باستعمال قطع أجنبية. كما ينص على خصم بنسبة 3.75% على أسعارها لمدة عام واحد، وهو رقم جرى التوصل إليه من خلال فرض ضرائب بنسبة 25% على الأجزاء التي تشكل 15% فقط من سعر مبيعات السيارة.
أما بالنسبة للسنة الثانية، فإن الخصم سيصل إلى 2.5% من سعر مبيعات السيارة، حيث سيُطبّق على حصة أقل من أجزاء السيارة.
في هذا السياق، قال مسؤول كبير في وزارة التجارة، طلب عدم الكشف عن هويته، إن شركات صناعة السيارات أخبرت ترامب أن الوقت الإضافي سيمكّنهم من بناء مصانع جديدة، بعد أن ظهرت مخاوف من أن السياسات السابقة قد تعرقل خطوط التوريد.
إضافة إلى ذلك، وعد صانعو السيارات بأنهم سيضعون خططًا لمنشآت جديدة، ويزيدون من التعيينات ونوبات العمل.
وعن ذلك، قال جون إلكان، رئيس مجلس إدارة شركة “ستيلانتيس”، في بيان له إن الشركة تقدر إجراءات الرئيس لتخفيف الرسوم الجمركية.
وأضاف: “بينما نقيم آثار سياسات التعريفة الجمركية على عملياتنا في أمريكا الشمالية، فإننا نتطلع إلى أن يستمر تعاوننا مع الإدارة الأمريكية لتعزيز صناعة السيارات الأمريكية التنافسية وتحفيز الصادرات.”
وقالت ماري بارا، الرئيسة التنفيذية لشركة “جنرال موتورز”، إنها ممتنة لدعم ترامب للصناعة، وأشارت إلى أن الشركة تتطلع إلى الحديث مع الرئيس والعمل مع إدارته.
وقالت في بيان لها: “نحن نعتقد أن قيادة الرئيس تساعد في تحقيق تكافؤ الفرص لشركات مثل جنرال موتورز وتسمح لنا بالاستثمار أكثر في الاقتصاد الأمريكي.”
كما أكد جيم فارلي، الرئيس والمدير التنفيذي لشركة “فورد موتور“، أن شركته تقوم بأكثر من نظيراتها بالتصنيع محليًا.
وقال: “سنعمل عن كثب مع الإدارة الأمريكية وندعم رؤية الرئيس في دعم الصناعة المحلية.”
وتابع: “مع وضع السياسات الصحيحة، سيكون من المهم بالنسبة لكبار مستوردي السيارات أن يحذوا حذو فورد من حيث التزامها بالتصنيع في أمريكا. فإذا قامت كل شركة تبيع السيارات في الولايات المتحدة بمجاراة نسبة التصنيع الأمريكي لفورد، فسيتم تجميع 4 ملايين سيارة إضافية في أمريكا كل عام.”
في المقابل، قال سام فيوراني، المحلل في شركة AutoForecast Solutions، إن تعديلات ترامب ربما لن تساعد الصناعة على الازدهار والاستقرار كما يُعتقد، إذ لا يمكن التنبؤ بالمسارات التجارية.
وأشار فيوراني إلى أن على الإدارة الأمريكية أن تجد طريقة لإعادة تفعيل قطاع السيارات، وجادل بأن التعريفات الجمركية “لم تنظر إلى طريقة عمل المصنعين، وتتوقع منهم أن يكونوا قادرين على رفع الإنتاج في غمضة عين، ولكن الأمر لا يجري هكذا”، حسب تعبيره.
وأضاف الخبير: “إن إجراء تغيير في إنتاج السيارات يستغرق أشهرًا كحد أدنى، وعادة سنوات، ويستلزم مئات ملايين الدولارات، إن لم يكن مليارات الدولارات، ولذلك فهو أمر لا يجيب أن يُستخفّ به.”
وكانت صحيفة “وول ستريت جورنال” أول من نشر تفاصيل هذه الإجراءات، فيما قال حساب “الرد السريع” التابع للبيت الأبيض على موقع “إكس” إن ترامب وقّع أمرًا ثانيًا بعد ظهر يوم الثلاثاء للتخفيف من التعريفات الجمركية على القطاع.
في هذا السياق، يرى بعض المراقبين أن التعريفات قد تمثل تهديدًا وجوديًا لقطاع السيارات. حيث قال آرثر لافر، الذي منحه ترامب ميدالية الحرية الرئاسية خلال فترة ولايته الأولى، في تحليل خاص إن التعريفات الجمركية دون أي تعديلات قد تضيف 4,711 دولارًا إلى تكلفة السيارة.
وفقًا لمصدر شراء السيارات “كيلي بلو بوك”، فإن تكلفة شراء السيارات الجديدة وصلت إلى 47,462 دولارًا في المتوسط الشهر الماضي. إذ تضغط التعريفات الجمركية على خطوط التوريد، وهي شبكة معقدة تمتد عبر العالم. لأن تجميع سيارة في الولايات المتحدة لا يتطلب استيراد العديد من قطعها، بل يعتمد على عدة موردين حول العالم للحصول على آلاف الأجزاء.
وبالتالي، سيصبح شراء سيارة جديدة أكثر تكلفة للمستهلك، ما سيدفعه نحو سوق السيارات المستعملة، وهو قطاع قد يعاني من إجهاد على المدى القصير، كما ستؤثر الرسوم على صيانة السيارة بحد ذاتها.
تأتي هذه التعديلات في الوقت الذي زار فيه الرئيس البالغ 78 عامًا ولاية ميشيغان للاحتفال بمرور 100 يوم على عودته إلى السلطة، وهي ولاية همّها الرئيسي هو قطاع صناعة السيارات. إذ فاز ترامب في انتخابات العام الماضي من خلال وعده بزيادة وظائف المصانع.
ومع ذلك، لا تزال غير واضحة انعكاسات سياسة الزعيم الجمهوري على الاقتصاد الأمريكي بشكل عام ومبيعات السيارات تحديدا. غير أن معظم الاقتصاديين يرجحون أن التعريفات سترفع الأسعار وتبطئ النمو الاقتصادي، وبطبيعة الحال، لن تحقق الوعود المأمولة.