أدى قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بوقف المساعدات الخارجية إلى تفاقم الأزمات الإنسانية، مع تعليق شحنات الغذاء الطارئة وتجميد برامج التغذية في مناطق منكوبة مثل السودان وغزة، مما يعطل جهود الإغاثة ويهدد ملايين الأشخاص بالجوع الحاد.
بتعليمات من ترامب عقب توليه الرئاسة في 20 يناير، دخل تجميد المساعدات الخارجية الأمريكية حيز التنفيذ لمدة 90 يومًا، ما أوقف فجأة تدفق المساعدات التي تمثل 38% من إجمالي المنح العالمية وفقًا للأمم المتحدة.
ورغم تأكيد وزير الخارجية، ماركو روبيو، استثناء المساعدات الطارئة، إلاّ أن منظمات الإغاثة لا تزال عاجزة عن توزيع 500 ألف طن من المواد الغذائية بقيمة 340 مليون دولار، مُعلّقة في مستودعات أو عالقة في الشحن، وفقًا لمسؤولة سابقة في الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية (USAID).
تجميد المساعدات يهدد الأرواح
كشف عمال إغاثة عن تعليق المساعدات النقدية المخصصة لشراء الغذاء في السودان وغزة، وتجميد تمويل المطابخ المجتمعية التي تنقذ آلاف النازحين في مناطق النزاع بالسودان.
كما حذّر مصدر من تلف 30 ألف طن من الأرز والعدس مخزنة في مستودعات بدرجات حرارة مرتفعة، تكفي لإطعام مليوني شخص شهريًا، معرضةً للفساد قبل انتهاء فترة التجميد.
وأوقفت الحكومة الأميركية تمويل الشركات المنتجة للمكملات الغذائية للأطفال الذين يعانون من سوء التغذية الحاد، مما أدى إلى انخفاض الإمدادات الحيوية للأطفال الأكثر عرضة للخطر.
من جانبه، وصف مارك مور، المدير التنفيذي لشركة “مانا نيوتريشن”، إحدى الشركات المتضررة، القرار بأنه “كارثي”، محذرًا من أن “مئات الآلاف من الأطفال الذين يعانون من سوء التغذية قد يواجهون الموت بدون المساعدات الأميركية”.
“شبكة الإنذار المبكر” تُغلق أبوابها
ضرب القرار الأمريكي عنصرًا حيويًا في الحرب على الجوع وهي شبكة أنظمة الإنذار المبكر بالمجاعة (FEWS NET)، التي أُغلقت مع تعليق عمل الوكالة الأمريكية للتنمية.
كانت الشبكة، التي أُنشئت عام 1985 بعد مجاعات أفريقيا المدمرة، تُصدر تقارير حاسمة لتنبيه العالم إلى الأزمات الوشيكة، مستندةً إلى بيانات من 34 دولة. ووصف أندرو ناتسيوس، المدير السابق لـ (USAID)، إغلاقها بـ”نزع مقود السيارة أثناء السير”.
بدون (FEWS NET)، يفقد العالم آليةً كانت تُجبر الجهات الدولية على تحريك ملفات شائكة، كما حدث في دارفور عندما ضغطت الشبكة للإعلان عن مجاعة “زامزام” رغم اعتراضات الحكومة السودانية.
وحذّر كريس نيوتن، خبير الأمن الغذائي، من أن اختفاء الشبكة سيسرع عودة المجاعة كـ”أداة حرب”، بينما قال أليكس دي وال من مؤسسة السلام العالمي: “دون FEWS NET، النظام الدولي لمكافحة الجوع بلا عينين”.
إنقاذ متأخر.. ومصير مجهول
أثار القرار الأمريكي غضبًا دوليًا بعد توجيه “أوامر إيقاف عمل” لشركتي “مانا نوتريشن” و”إيديسيا نوتريشن”، الرائدتين في إنتاج أغذية علاجية لأطفال يعانون سوء التغذية الحاد.
يحذر الخبراء من تداعيات كارثية، مع ارتفاع عدد الأشخاص الذين يواجهون الجوع إلى 282 مليونًا في 59 دولة خلال عام 2023، وفقًا لتقرير الأزمات الغذائية العالمي لعام 2024.