بقلم: يورونيوز
نشرت في
اعلان
أصبحت استثمارات الصندوق السيادي النرويجي في إسرائيل محوراً أساسياً في الحملة الانتخابية، ما أثار نقاشاً علنياً غير معتاد حول كيفية إدارة أكبر صندوق ثروة سيادي في العالم، وفق ما أشارت وكالة رويترز.
وتشير التقديرات إلى أن أحزاب اليمين – المحافظون، حزب التقدّم، الليبراليون، والديمقراطيون المسيحيون – قد تفوز بـ 85 مقعداً، أي بفارق مقعد واحد فقط عن الأغلبية البرلمانية، وذلك استناداً إلى متوسط استطلاعات الرأي المنشورة على موقع pollofpolls.no خلال آب/أغسطس.
ضغط على حزب العمال الحاكم
صعّد الحزب الاشتراكي اليساري هذا الأسبوع ضغوطه على حزب العمال الحاكم، معلناً أنه لن يدعم حكومة يقودها العمال إلا إذا تخلت عن جميع الاستثمارات في الشركات التي وصفها بأنها متورطة في “الحرب الإسرائيلية غير القانونية في غزة”. وقد رفض حزب العمال هذا المطلب، لكن محللين يرون أن تجاهله بعد الانتخابات سيكون صعباً، بحسب ما ذكرت رويترز.
أزمة ثقة غير مسبوقة
قال الرئيس التنفيذي للصندوق نيكولاي تانغن لصحيفة “داغنز إندستري” السويدية أمس الجمعة 22 آب/أغسطس أن “هذه أسوأ أزمة مررت بها على الإطلاق، إنها وضع خطير لأنه يتعلق بالثقة في الصندوق”.
وفي مقابلة مع “رويترز” الأسبوع الماضي، استبعد تانغن الاستقالة، مؤكداً أنه ينفذ تفويض الصندوق كما أقره البرلمان.
ومنذ 30 حزيران/يونيو، تخلّى الصندوق عن استثماراته في 23 شركة إسرائيلية بعد جدل إعلامي حول شرائه حصة في شركة محركات طائرات تقدم خدمات لطائرات مقاتلة إسرائيلية. وقبل ذلك كان قد انسحب من شركتين فقط منذ اندلاع الحرب. وحتى 14 آب/أغسطس، كان الصندوق يحتفظ بحصص في 38 شركة إسرائيلية بقيمة 19 مليار كرونة (1.85 مليار دولار) في مجالات المصارف والتكنولوجيا والسلع الاستهلاكية والصناعات. ومن المتوقع حدوث مزيد من الانسحابات، وفق ما أوضح وزير المالية ينس ستولتنبرغ.
جدل داخلي حول الأخلاقيات
يرى مؤيدو الانسحاب أن استثمارات الصندوق تجعل النرويج شريكاً في انتهاك القانون الدولي عبر شركات تنشط في الأراضي الفلسطينية المحتلة، ويعتبرون أن الآليات الرسمية المطوّلة للانسحاب بطيئة وغير فعالة. لكن معارضي هذه الخطوة يحذرون من أن استهداف دولة بعينها يتعارض مع القواعد الأخلاقية للصندوق، مؤكدين أن الالتزام بالإجراءات الرسمية ضروري لضمان العدالة.
ويُذكر أن الصندوق، الذي يستثمر عائدات النفط والغاز في الخارج لتفادي تضخم الاقتصاد المحلي، تصل قيمته إلى نحو تريليوني دولار، أي ما يعادل 355 ألف دولار لكل مواطن نرويجي، وفق ما كشفت رويترز.
حساسية سياسية وتحديات متكررة
عادةً ما تسعى الأحزاب الكبرى إلى الاتفاق عبر “أغلبية عظمى” على التغييرات الخاصة بالصندوق، لتجنب تبديل السياسات مع كل حكومة جديدة. لكن النقاش الحالي وضع الصندوق في دائرة الضوء، ما يثير مخاوف بشأن سمعته الدولية.
ووفق وثائق حصلت عليها وكالة رويترز عبر طلب حرية المعلومات، ناقش مجلس الأخلاقيات ومسؤولو الصندوق ووزارة المالية في اجتماع بتاريخ 6 كانون الأول/ديسمبر كيفية الموازنة بين الاستثمار الأخلاقي وتفادي أن تُفسر القرارات على أنها مواقف سياسية عدائية.
انتقادات لوزير المالية
تعرض وزير المالية ينس ستولتنبرغ لانتقادات علنية غير مسبوقة من لجنة الرقابة والشؤون الدستورية في البرلمان بسبب ردوده على أسئلتها. وقال رئيس اللجنة، النائب المعارض بيتر فرويليخ، لهيئة الإذاعة العامة NRK: “هذا أكثر رد متعجرف قرأته خلال أربع سنوات”، مضيفاً أن الوزير “يقدّم محاضرات طويلة بدلاً من إجابات مباشرة”.
ووُضعت الإرشادات الأخلاقية للصندوق عام 2004، وتنص على عدم الاستثمار في شركات منخرطة بانتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان خلال النزاعات.
وقالت وزيرة المالية السابقة كريستين هالفورسن إن “ثقة الناس بالصندوق تعتمد على احترام هذه المعايير، وإذا اهتزت الثقة فلن يحظى بالدعم الشعبي نفسه”، وفق ما ذكرت رويترز.
كما شددت زعيمة حزب المحافظين السابقة إرنا سولبرغ، التي تولت الحكم بين 2013 و2021، على أن تحييد الاستثمارات عن التأثير السياسي كان أولوية دائمة.
أما وزير المالية الحالي، ينس ستولتنبرغ، فقال خلال لقاء شعبي في مدينة آريندال إن الصندوق اعتاد مواجهة التحديات: “لقد نجحنا طوال 30 عاماً في ما لم تقترب منه أي دولة أخرى: ادخار عائدات مواردنا الطبيعية وعدم إنفاقها، بل استخدام العائدات المالية فقط”.