وفي خضمّ هذه الذكرى، تعود إلى الواجهة قصة الملاكم الأمريكي المسلم محمد علي كلاي، الذي رفض الانخراط في صفوف الجيش الأمريكي خلال حرب فيتنام، متذرعًا بمعتقداته الدينية، وهو قرار كلفه ثمنًا باهظًا، فماذا نعرف عن هذه القضية؟
قرار الرفض وتداعياته
محمد علي، هو الملاكم الوحيد الذي فاز ببطولة العالم للوزن الثقيل ثلاث مرات، رفض في 28 نيسان/أبريل 1967 أداء الخدمة العسكرية خلال حرب فيتنام. إثر ذلك، جُرّد من لقبه العالمي، ومُنع من ممارسة الملاكمة، وغُرّم بمبلغ 10 آلاف دولار.
ففي 20 حزيران/يونيو من العام نفسه، أُدين محمد علي في محكمة بمدينة هيوستن الأمريكية لرفضه الانضمام إلى القوات المسلحة، وصدر بحقه حكم بالسجن لمدة خمس سنوات.
وفي تصريحات له، ربط محمد علي بين النزاعات الخارجية والأوضاع الداخلية في الولايات المتحدة، قائلاً: “لماذا يُطلب مني أن أرتدي زيًا عسكريًا وأسافر عشرة آلاف ميل لألقي القنابل على ذوي البشرة السمراء في فيتنام، بينما يُعامل من يُسمّون بالزنوج في لويزفيل معاملة الكلاب؟”.
وتزامنًا مع إدانة محمد علي، صوّت الكونغرس الأمريكي بأغلبية 337 صوتًا مقابل 29 صوتًا على تمديد التجنيد الإجباري أربع سنوات إضافية، وسط مخاوف من تصاعد الحركة المناهضة للحرب.
معركة “العدالة”
أشار جوليان بوند، الصحفي والسياسي الأمريكي، إلى أن موقف محمد علي أحدث صدى واسعًا في الشارع الأمريكي، ودفع كثيرين إلى إعادة التفكير بالحرب وتبعاتها.
بدوره، أعلن محمد علي استئناف الحكم، مشددًا على أن المسألة لا تتعلق فقط بالسجن أو الخدمة العسكرية، بل بالبحث عن العدالة، قائلاً: “إذا سادت العدالة، وإذا كانت حقوقي الدستورية مصانة، فلن أُجبر على الالتحاق بالجيش ولا على دخول السجن. وأنا واثق أن الحقيقة ستنتصر في النهاية”.
وبعد سنوات من هذه المعركة القانونية، ألغت المحكمة الأمريكية العليا بالإجماع إدانة محمد علي عام 1971، وذلك مع تغيّر المزاج العام في الولايات المتحدة تجاه حرب فيتنام.
ولاحقًا، صرح محمد علي أنه لا يشعر بالندم على قراره، موضحًا أن موقفه جاء بدافع شخصي وليس بدافع الزعامة، مشيرًا إلى أن نظام التجنيد الإجباري يفرّق بين الأغنياء والفقراء حسب تعبيره.