بقلم: يورونيوز
نشرت في
أعلنت وزارة الدفاع الروسية أن نظام الصواريخ الباليستية متوسطة المدى “أوريشنيك”، القادر على حمل رؤوس نووية، دخل الخدمة القتالية الفعلية على الأراضي البيلاروسية، في خطوة تمثل تطورا نوعيا في الانتشار العسكري الروسي خارج حدوده، وفي توقيت يتزامن مع مرحلة حساسة من المساعي الدولية الرامية إلى إنهاء الحرب في أوكرانيا.
ونشرت الوزارة مقطع فيديو يُظهر مركبات قتالية تابعة للنظام الصاروخي المتحرك خلال تدريبات ميدانية في مناطق غابية، في تأكيد عملي على الجاهزية التشغيلية للسلاح الجديد. وجاء الإعلان الروسي بعد تأكيد سابق من الرئيس البيلاروسي ألكسندر لوكاشنكو بأن الصاروخ أصبح موجودا بالفعل على الأراضي البيلاروسية.
من الإعلان إلى الجاهزية الميدانية
كان لوكاشنكو قد كشف، خلال مؤتمر صحافي سنوي عُقد يوم الخميس 18 كانون الأول/ديسمبر، أن صاروخ “أوريشنيك” وصل إلى بيلاروس، موضحا أن بلاده ستستضيف ما يصل إلى عشرة أنظمة من هذا الطراز. ويأتي ذلك بعد أشهر من إعلان موسكو، في آب/أغسطس، بدء إنتاج الصاروخ، مع الإشارة آنذاك إلى أن نشره في بيلاروس قد يتم خلال عام 2025.
من جهته، كان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قد أعلن في وقت سابق أن “أوريشنيك” سيدخل الخدمة القتالية قبل نهاية العام، مشددا على أن روسيا تتجه نحو الإنتاج الكمي لهذا النظام، الذي وصف قدراته التدميرية بأنها تضاهي الأسلحة النووية في حال استخدامه برؤوس تقليدية متقدمة.
تجربة قتالية أولى ورسائل عسكرية
وسُجّل أول استخدام عملي للصاروخ في 20 تشرين الثاني/نوفمبر 2024، عندما أعلنت موسكو تنفيذ ضربة على مدينة دنيبرو شرق أوكرانيا باستخدام صاروخ تقليدي جديد متوسط المدى يحمل الاسم المشفّر نفسه. وأوضح بوتين حينها أن الهجوم نُفّذ برؤوس غير نووية ذات قدرات فرط صوتية، بسرعة تقارب 10 ماخ، ما يجعل اعتراض الصاروخ بواسطة أنظمة الدفاع الجوي الحالية مهمة شديدة الصعوبة.
تساؤلات حول طبيعة السلاح
أثار استخدام “أوريشنيك” جدلا واسعا حول طبيعته الدقيقة، إذ أشارت تقديرات أوكرانية إلى احتمال انتمائه إلى فئة صاروخية مختلفة، فيما تحدثت تحقيقات عسكرية عن مؤشرات غير اعتيادية في مسار الإطلاق وآثار الرصد. وأظهرت مشاهد الضربة مجموعات متعددة من الأجسام المتوهجة تهبط على الهدف، من دون تسجيل تفجيرات تقليدية واضحة، ما عزز فرضية استخدام ذخائر حركية تعتمد على طاقة الاصطدام.
وتشير تقديرات عسكرية إلى أن الصاروخ انطلق من قاعدة كابوستين يار في منطقة أستراخان الروسية، قاطعا مسافة تراوح بين 800 و850 كيلومترا. وبحسب التصنيف الروسي، ينتمي “أوريشنيك” إلى فئة الصواريخ متوسطة المدى، التي يتراوح مداها بين ألف و5,500 كيلومتر.
ما وراء التطوير والسياق الاستراتيجي
تفيد معلومات متداولة بأن تطوير الصاروخ جرى في معهد موسكو للتكنولوجيا الحرارية، المعروف بإنتاج الصواريخ ذات الوقود الصلب القابلة للإطلاق من منصات متحركة. ويأتي ذلك في سياق أوسع أعقب انتهاء معاهدة القوى النووية متوسطة المدى عام 2019، وهو ما أتاح لروسيا تطوير هذا النوع من الصواريخ بعد عقود من الحظر.
ويرى خبراء عسكريون روس أن “أوريشنيك” صاروخ باليستي فرط صوتي متعدد الرؤوس، وأن التجربة القتالية التي جرت في أوكرانيا استخدمت رؤوسا غير نووية، ما يؤكد وجود نسخة نووية محتملة من النظام. ويُنظر إلى دخوله الخدمة القتالية في بيلاروس باعتباره رسالة استراتيجية مباشرة للغرب، في لحظة سياسية وأمنية شديدة الحساسية.













