
تشهد الساحة الفنية المصرية في الآونة الأخيرة تحولاً جذرياً ومثيراً للقلق في العلاقة بين الفنان وجمهوره، حيث برزت ظاهرة «تضخم الأنا» لتصبح السمة الغالبة على تصريحات وسلوكيات عدد من كبار النجوم. هذه الحالة لم تعد مجرد تعبير عابر عن الثقة بالنفس، بل تحولت لدى البعض إلى خطاب استعلائي دائم يطغى أحياناً على القيمة الفنية للأعمال المقدمة، مما يطرح تساؤلات جدية حول مستقبل العلاقة بين «القوى الناعمة» والشارع المصري.
بين «نمبر وان» وتصريحات السقا.. فجوة تتسع
بدأت هذه الظاهرة تتشكل بوضوح مع الفنان محمد رمضان، الذي اعتمد منذ سنوات استراتيجية «الصدمة» عبر لقب «نمبر وان»، مصدراً حالة من الاستفزاز الجماهيري بإلغائه الضمني لتاريخ المنافسين وتصوير الساحة الفنية وكأنها حكر عليه. ومؤخراً، التحق النجم أحمد السقا بهذا الركب، ليجد نفسه في مرمى نيران النقد بعد تصريحات اعتبرها الكثيرون «سقطة» غير محسوبة، خاصة حينما عقد مقارنة ضمنية بين بنيته الجسدية وشخصية الصحابي الجليل خالد بن الوليد. هذا الربط لم يُقرأ فنياً، بل اعتُبر تجاوزاً للرمزية الدينية والتاريخية، فضلاً عن رسالته السابقة لنادي ليفربول بشأن محمد صلاح، التي اتسمت بنبرة وصاية وضعت الفنان في حجم أكبر من الحدث الرياضي العالمي.
غياب «تواضع الكبار».. نظرة على تاريخ الفن
للفهم العميق لهذه الأزمة، لا بد من استحضار السياق التاريخي للفن المصري. ففي زمن «الفن الجميل»، كان نجوم بحجم أم كلثوم، عبدالحليم حافظ، وفاتن حمامة يدركون أن رأس مال الفنان الحقيقي هو محبة الجمهور وتواضعه أمامه. كانت العلاقة قائمة على الاحترام المتبادل، ولم يسجل التاريخ حوادث تعالٍ فجّة كما نرى اليوم. إن ما يحدث حالياً يمثل انقلاباً على هذه الأعراف، حيث ساهمت منصات التواصل الاجتماعي في إزالة الحواجز، لكنها في الوقت ذاته كشفت عن جوانب شخصية صادمة لبعض النجوم، جعلتهم يتوهمون أنهم فوق النقد وفوق الجمهور الذي صنع نجوميتهم.
من التصريحات إلى الاشتباك بالأيدي
لم تتوقف حدود «الأنا» المتضخمة عند التصريحات الإعلامية، بل تطورت لتأخذ شكلاً سلوكياً عنيفاً ومنفراً. فقد رصد المتابعون وقائع مؤسفة لتوترات علنية، أبرزها واقعة «الصفع» المرتبطة بالهضبة عمرو دياب، وانفعالات فنانين كبار مثل أحمد عبدالعزيز ومحمد صبحي في مواقف مختلفة. هذه المشاهد التي تظهر الفنان وهو يوبخ معجبيه أو يتعامل معهم بحدة، تعكس خللاً في فهم سيكولوجية الجماهير في العصر الرقمي، حيث يتم توثيق كل لحظة وتداولها، مما يخصم من رصيد الفنان الإنساني قبل الفني.
تأثير الظاهرة على «القوة الناعمة»
إن استمرار وتصاعد لغة التعالي والغطرسة الفنية لا يهدد فقط شعبية هؤلاء النجوم محلياً، بل يلقي بظلاله على صورة الفن المصري إقليمياً. فالجمهور العربي الذي طالما قدر الفنان المصري لتواضعه وقربه من الناس، بات يشعر بنفور متزايد تجاه هذه السلوكيات. في النهاية، يبقى الجمهور هو الحكم والترمومتر الحقيقي للنجاح، والتاريخ الفني يثبت دائماً أن الموهبة وحدها لا تكفي للبقاء في القمة إذا لم تكن مسيجة بأخلاق التواضع وذكاء التعامل الاجتماعي.
The post ظاهرة تعالي النجوم: السقا ورمضان يثيران الجدل بتصريحات صادمة appeared first on أخبار السعودية | SAUDI NEWS.










