مع اقتراب شهر نوفمبر من كل عام، تتجه أنظار المستهلكين في جميع أنحاء العالم، والمنطقة العربية بشكل خاص، نحو شاشات الهواتف والحواسيب استعداداً لموسم التخفيضات الأضخم، والذي يُعرف عالمياً بـ “الجمعة السوداء” ومحلياً بـ “الجمعة البيضاء”. ورغم أن هذا الحدث يمثل فرصة ذهبية للكثيرين لاقتناء احتياجاتهم بأسعار مخفضة، إلا أنه اكتسب في الآونة الأخيرة لقباً شعبياً ساخراً ومقلقاً في آن واحد وهو «جمعة المحتالين»، نظراً لتزايد عمليات الخداع والتلاعب بالأسعار التي ترافق هذا الموسم.
السياق التاريخي: من الجمعة السوداء إلى البيضاء
تعود جذور هذا الحدث إلى الولايات المتحدة الأمريكية، حيث يأتي مباشرة بعد عيد الشكر، ويمثل بداية موسم التسوق لعيد الميلاد. وقد سُمي بـ “الجمعة السوداء” لأن المتاجر كانت تنتقل فيه من الخسارة (المسجلة بالحبر الأحمر) إلى الربحية (المسجلة بالحبر الأسود). وفي منطقتنا العربية، تم تعريب المفهوم ليتناسب مع الخصوصية الثقافية والدينية ليصبح “الجمعة البيضاء”، وقد ساهمت منصات التجارة الإلكترونية الكبرى في ترسيخ هذا المفهوم خلال العقد الماضي، مما جعله حدثاً اقتصادياً سنوياً ينتظره الملايين.
لماذا يُطلق عليها «جمعة المحتالين»؟
يأتي هذا الوصف القاسي نتيجة لممارسات تجارية غير أخلاقية يلجأ إليها بعض البائعين والمتاجر الإلكترونية غير الموثوقة. ومن أبرز هذه الممارسات:
- التخفيضات الوهمية: حيث يقوم التاجر برفع سعر المنتج بشكل مبالغ فيه قبل أيام من العرض، ثم يعيد خفضه لسعره الأصلي أو أعلى قليلاً، موهماً المستهلك بوجود خصم كبير قد يصل إلى 70%.
- السلع المقلدة: استغلال هوس الشراء لترويج بضائع مقلدة على أنها أصلية بأسعار مغرية.
- الاحتيال الإلكتروني: إنشاء صفحات ويب مزيفة تشبه المتاجر الشهيرة لسرقة بيانات البطاقات الائتمانية للمتسوقين.
التأثير الاقتصادي والاجتماعي
لا يقتصر ضرر هذه الممارسات على الخسارة المالية الفردية للمستهلك فحسب، بل يمتد ليشمل تأثيرات أوسع. فعلى الصعيد الاقتصادي، تؤدي هذه العمليات إلى زعزعة الثقة في سوق التجارة الإلكترونية الناشئ في المنطقة، مما يضر بالتجار الشرفاء والمنصات الموثوقة. اجتماعياً، تخلق هذه الظاهرة حالة من الإحباط الاستهلاكي وتعزز ثقافة الشك الدائم، مما يدفع الجهات الرقابية وحماية المستهلك في العديد من الدول العربية إلى تكثيف حملاتها التفتيشية والتوعوية خلال هذه الفترة.
كيف تتسوق بذكاء وأمان؟
لتجنب الوقوع ضحية في «جمعة المحتالين»، ينصح خبراء الأمن السيبراني والاقتصاد باتباع خطوات محددة:
- استخدام أدوات وتطبيقات تتبع تاريخ الأسعار للتأكد من حقيقة الخصم.
- الشراء فقط من المواقع المعروفة والموثوقة والتأكد من وجود بروتوكول الأمان (HTTPS).
- عدم الانسياق وراء الإعلانات التي تصل عبر البريد الإلكتروني أو الرسائل النصية المجهولة.
- قراءة سياسات الاسترجاع والاستبدال بدقة قبل إتمام عملية الشراء.
في الختام، تبقى الجمعة البيضاء موسماً مميزاً للتسوق إذا ما تم التعامل معه بوعي وحذر، فالكرة دائماً في ملعب المستهلك ليكون خط الدفاع الأول عن حقوقه وأمواله.
The post حقيقة جمعة المحتالين: نصائح لكشف العروض الوهمية appeared first on أخبار السعودية | SAUDI NEWS.










