تكتسب القمة الخليجية الـ 46 أهمية استثنائية في ظل الظروف الدقيقة التي تمر بها المنطقة والعالم، حيث تتجه أنظار المراقبين والمواطنين الخليجيين نحو هذا الحدث البارز الذي يجمع قادة دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية. وتأتي هذه القمة استكمالاً لمسيرة حافلة من العمل المشترك، تهدف إلى تعزيز اللحمة الخليجية وتوحيد الرؤى تجاه الملفات الشائكة التي تفرض نفسها على الساحتين الإقليمية والدولية.
السياق التاريخي ومسيرة مجلس التعاون
منذ تأسيس مجلس التعاون الخليجي في مايو عام 1981 في العاصمة الإماراتية أبوظبي، دأبت القمم الخليجية على أن تكون المنصة العليا لصناعة القرار الاستراتيجي في المنطقة. وعلى مدار أكثر من أربعة عقود، نجح المجلس في الحفاظ على كيانه كأحد أكثر المنظمات الإقليمية استقراراً وفاعلية، متجاوزاً العديد من العواصف السياسية والاقتصادية. وتأتي الدورة السادسة والأربعون لتبني على مخرجات القمم السابقة، لا سيما فيما يتعلق بتنفيذ رؤية خادم الحرمين الشريفين لتعزيز العمل الخليجي المشترك، والتي شكلت خارطة طريق للتكامل خلال السنوات الماضية.
الملفات الاقتصادية: نحو تكتل عالمي
يتصدر الملف الاقتصادي أجندة القمة الـ 46، حيث يسعى القادة إلى تسريع وتيرة التكامل الاقتصادي وصولاً إلى الوحدة الاقتصادية الكاملة بحلول عام 2025. ومن أبرز المحاور المطروحة:
- السوق الخليجية المشتركة: إزالة ما تبقى من عوائق جمركية وغير جمركية لضمان انسيابية حركة البضائع والأموال.
- مشروع السكك الحديدية: متابعة سير العمل في مشروع قطار الخليج الذي سيربط دول المجلس، مما سيعزز التبادل التجاري وحركة السياحة البينية.
- التحول الرقمي والطاقة: تنسيق الجهود في مجالات الأمن السيبراني، والذكاء الاصطناعي، بالإضافة إلى مشاريع الربط الكهربائي والطاقة المتجددة.
التحديات الأمنية والسياسية
لا يمكن فصل القمة عن محيطها الجيوسياسي الملتهب؛ إذ تناقش القمة ملفات أمنية بالغة الحساسية، في مقدمتها القضية الفلسطينية وضرورة وقف التصعيد في المنطقة، بالإضافة إلى الملف اليمني والجهود المبذولة لإحلال السلام الدائم. كما تتناول القمة العلاقات مع دول الجوار الإقليمي، مؤكدة على مبادئ حسن الجوار وعدم التدخل في الشؤون الداخلية، مع السعي لبلورة موقف خليجي موحد تجاه التهديدات الأمنية والملاحة البحرية في الممرات المائية الحيوية.
الأهمية الاستراتيجية والتأثير الدولي
تتجاوز أهمية القمة الخليجية الـ 46 البعد المحلي والإقليمي لتصل إلى البعد الدولي، حيث ينظر العالم إلى دول الخليج كشريك موثوق في ضمان أمن الطاقة العالمي والاستقرار الاقتصادي. ومن المتوقع أن تخرج القمة بتوصيات تعزز الشراكات الاستراتيجية مع القوى الدولية الكبرى والتكتلات الاقتصادية العالمية، مما يرسخ مكانة مجلس التعاون كلاعب محوري في النظام الدولي الجديد.
The post القمة الخليجية 46: تعزيز التعاون ومواجهة التحديات appeared first on أخبار السعودية | SAUDI NEWS.









