في ركن هادئ من مرسمه جلس الفنان التشكيلي عبدالله السمع أمام ورقة بيضاء، لكنها لم تكن بيضاء في عينيه، كانت تحمل صورة محفورة في القلب قبل أن ترسمها يده صورة والده ذلك الرجل الذي لم يكن مجرد أب بل كان السند والظل والمكان الأول الذي تشكلت فيه ملامح الحياة.
برصاص ناعم وخطوط حانية لكنها واثقة رسم الفنان ملامح والده بدقة تلامس الصدق أكثر من أي صورة فوتوغرافية. كل تجعيدة في الوجه لم تكن عبثاً بل كانت سطراً في كتاب التجربة، ولمعة في العينين كانت شاهدة على حكايات صامتة تعلم منها الابن ما لم تقله الكلمات.
يقول الفنان عن لوحته: «في هذه اللوحة الواقعية تنعكس ملامح والدي كما عهدته وجهاً يحمل تفاصيل تعب السنين، وعينين ترويان حكايات من الصبر والحب والمواقف الصامتة التي علمتنا الكثير».
لم تكن اللوحة مجرد بورتريه بل كانت مرآة لعلاقة متجذرة بين أب غرس القيم دون ضجيج وابن يرد الجميل بريشة وذاكرة؛ فكل تفصيلة من نسق الشماغ إلى تجاعيد الجبين كانت تعبر عن وفاء طويل وامتنان لا يصدأ.
هي ليست لوحة فقط بل وثيقة شعورية تعيدنا جميعاً إلى آبائنا، إلى ذلك الحضور القوي حتى في الغياب والحنان الذي لا يحتاج إلى كلام وكأن اللوحة تقول بصوت الفنان ووجدان الابن نحن لا ننسى من كان سنداً حتى في صمته.
اللوحة عرضت ضمن الأعمال المشاركة في معرض ألوان الباحة الذي أقيم في دار عوضة، وشهد حضوراً واسعاً من المهتمين بالفن التشكيلي ومحبي الجمال.
أخبار ذات صلة