تتجه أنظار العالم حالياً نحو السويد، التي تقف على أعتاب إنجاز تاريخي غير مسبوق في مجال الصحة العامة، حيث تقترب بخطى ثابتة لتصبح أول دولة "خالية من الدخان" في العالم. هذا المصطلح، الذي تعتمده المنظمات الصحية الدولية، يُطلق على الدول التي تنخفض فيها نسبة المدخنين للتبغ التقليدي إلى أقل من 5% من إجمالي السكان. وتُعد التجربة السويدية نموذجاً فريداً يستحق الدراسة، إذ لم تعتمد فقط على سياسات الحظر التقليدية، بل ارتكزت بشكل أساسي على تبني استراتيجيات الحد من الضرر وتوفير البدائل المبتكرة.
السياق التاريخي والنموذج السويدي
لفهم هذا النجاح، يجب النظر إلى الخلفية التاريخية والثقافية للسويد. على عكس العديد من الدول الأوروبية التي ركزت حصرياً على سياسات "الإقلاع أو الموت"، اتبعت السويد نهجاً براغماتياً يعود لعقود مضت. تميزت السويد بانتشار استخدام "السنوس" (Snus)، وهو منتج تبغ يوضع تحت الشفة العليا، كجزء من ثقافتها المحلية. وعند انضمامها للاتحاد الأوروبي، ناضلت السويد للحصول على استثناء من الحظر الأوروبي المفروض على هذا المنتج، إيماناً منها بأنه بديل أقل ضرراً من السجائر التقليدية القابلة للاحتراق.
دور البدائل المبتكرة في خفض معدلات التدخين
لم يتوقف الأمر عند المنتجات التقليدية، بل واكبت السويد التطور التكنولوجي في مجال النيكوتين. شهدت السنوات الأخيرة صعوداً ملحوظاً لبدائل خالية من التبغ تماماً، مثل أكياس النيكوتين الحديثة والسجائر الإلكترونية (Vaping). هذه المنتجات المبتكرة وفرت للمدخنين البالغين خيارات متنوعة للحصول على النيكوتين دون التعرض للمواد الكيميائية الضارة الناتجة عن عملية حرق التبغ. تشير الإحصاءات إلى أن توفر هذه البدائل بأسعار معقولة وتشريعات منظمة ساهم بشكل مباشر في تسريع وتيرة الإقلاع عن التدخين التقليدي بمعدلات تفوق بكثير نظيراتها في الدول التي تحظر هذه البدائل.
النتائج الصحية والأثر الإقليمي والدولي
تنعكس ثمار هذه الاستراتيجية بوضوح في المؤشرات الصحية الوطنية؛ فالسويد تسجل اليوم أدنى معدلات الإصابة بالأمراض المرتبطة بالتدخين في الاتحاد الأوروبي، بما في ذلك انخفاض ملحوظ في حالات سرطان الرئة بين الرجال مقارنة بالمتوسط الأوروبي. هذا النجاح الصحي وضع "النموذج السويدي" على طاولة النقاش العالمية، حيث بدأ خبراء الصحة العامة وصناع القرار في دول مختلفة بدراسة إمكانية دمج مبدأ "الحد من الضرر" ضمن استراتيجياتهم الوطنية لمكافحة التبغ.
ختاماً، تثبت التجربة السويدية أن الوصول إلى مجتمع خالٍ من الدخان لا يتحقق فقط عبر القيود والضرائب، بل يتطلب انفتاحاً على الحلول العلمية والبدائل المبتكرة التي تراعي احتياجات المدخنين وتساعدهم على الانتقال نحو خيارات أقل ضرراً، مما يفتح أبواباً واسعة نحو مستقبل صحي أكثر استدامة.
The post السويد تقترب من مستقبل خالٍ من الدخان بفضل البدائل المبتكرة appeared first on أخبار السعودية | SAUDI NEWS.









