كشف تقرير إحصائي حديث صادر عن المركز الوطني للأرصاد في المملكة العربية السعودية عن بيانات مناخية لافتة، تسلط الضوء على الظواهر الجوية المتطرفة التي شهدتها البلاد على مدى أربعة عقود. ويغطي التقرير، الذي يستند إلى السجلات المناخية الموثوقة للمركز، الفترة الزمنية الممتدة من عام 1985م حتى الوقت الحاضر، مقدماً تحليلاً شاملاً لأدنى درجات الحرارة المسجلة وحالات تكون الصقيع خلال مواسم الشتاء (ديسمبر، يناير، فبراير).
خلفية مناخية وتاريخية
على الرغم من أن الصورة الشائعة عن مناخ المملكة العربية السعودية ترتبط بالصحاري الحارة والجافة، إلا أن جغرافيتها المتنوعة تؤدي إلى تباين مناخي كبير. فالمناطق الشمالية والوسطى، بفضل ارتفاعها عن سطح البحر وبعدها عن المؤثرات البحرية، تشهد شتاءً قارساً تنخفض فيه درجات الحرارة بشكل حاد، خاصة خلال الليل. وتعتبر موجات البرد القادمة من المرتفعات السيبيرية عاملاً رئيسياً في هذه الانخفاضات الشديدة، مما يجعل تسجيل درجات حرارة تحت الصفر أمراً متكرراً في مدن مثل حائل وطريف وعرعر.
أرقام قياسية وتفاصيل التقرير
أبرز ما جاء في التقرير هو تسجيل أدنى درجة حرارة على الإطلاق في المملكة خلال فترة الدراسة، والتي بلغت 10 درجات مئوية تحت الصفر (-10°م) في مدينة حائل بتاريخ 16 يناير 2008م. ويُعد هذا الرقم حدثاً مناخياً استثنائياً يؤكد قسوة الشتاء في تلك المناطق. وتلتها في الترتيب مدينة القريات بمنطقة الجوف التي سجلت 9 درجات تحت الصفر (-9°م) في نفس العام، بينما سجلت مدينة طريف بالحدود الشمالية 8 درجات تحت الصفر (-8°م) في أعوام مختلفة.
وأشار التقرير إلى أن عام 2008م كان عاماً محورياً في تاريخ المناخ الحديث للمملكة، حيث شهد تسجيل درجات حرارة دنيا قياسية في عدد كبير من المدن، شملت إلى جانب حائل، كلاً من الرياض (-5.4°م)، وبريدة (-5°م)، والقصيم (-4.2°م)، وتبوك (-4°م)، مما جعله أحد أكثر الأعوام برودة في الذاكرة الحديثة.
ظاهرة الصقيع وتأثيرها
لم يقتصر التقرير على درجات الحرارة فقط، بل رصد أيضاً أيام تكون الصقيع، وهي ظاهرة لها تأثير مباشر على القطاع الزراعي والبنية التحتية. وتصدرت مدينة طريف القائمة بفارق كبير، حيث شهدت 720 يوماً من الصقيع خلال فترة الدراسة، تلتها القريات بـ 588 يوماً، ثم حائل بـ 339 يوماً. وتعكس هذه الأرقام التحديات التي يواجهها المزارعون في المناطق الشمالية، حيث يمكن أن يتسبب الصقيع في إتلاف المحاصيل الزراعية ويتطلب إجراءات وقائية خاصة.
الأهمية والتأثيرات المتوقعة
يأتي إصدار هذا التقرير في وقت يتزايد فيه الاهتمام العالمي بالتغيرات المناخية. وتوفر هذه البيانات التاريخية الدقيقة قاعدة أساسية للباحثين وصناع القرار لفهم تقلبات المناخ في المملكة بشكل أفضل. فعلى المستوى المحلي، تساهم هذه المعلومات في تحسين أنظمة الإنذار المبكر، وتطوير استراتيجيات زراعية تتكيف مع موجات البرد، وتعزيز جاهزية قطاعات الخدمات للتعامل مع الظروف الجوية القاسية. أما على المستوى الأوسع، فإن توثيق مثل هذه الظواهر المتطرفة يخدم الدراسات المناخية الإقليمية والدولية التي تسعى لرسم صورة أوضح لمستقبل المناخ على كوكب الأرض.
The post أدنى درجة حرارة في السعودية منذ 40 عاماً | تقرير الأرصاد appeared first on أخبار السعودية | SAUDI NEWS.













