بعد سنوات من تشجيع المؤثرين على منصات التواصل الاجتماعي متابعيهم على الشراء المستمر من خلال العروض الترويجية وروابط التسوق، يروّج الآن بعضهم فكرة التقليل من الاستهلاك والتركيز على استخدام ما يمتلكونه بالفعل.
ويمثل الاتجاه الجديد على منصة تيك توك الذي يدعو إلى “عدم الشراء في عام 2025″، تحولا ملحوظا في ثقافة الاستهلاك على وسائل التواصل نحو ما يمكن وصفه بـ”التسوق الجاف”، إذ يميل المتابعون إلى نصائح إعادة التدوير والاكتفاء بما لديهم أكثر من الشراء.
تحدي العام الجديد
مع بداية العام الجديد، انتشر تحدي “عدم الشراء” في عام 2025 على وسائل التواصل الاجتماعي بهدف تشجيع الأفراد على إعادة النظر في عاداتهم الاستهلاكية.
واكتسب هذا التحدي شعبية كبيرة بين فئات متنوعة من منشئي المحتوى، بدءا من ربات البيوت اللواتي يركزن على التوفير المالي وإدارة الميزانية، وصولا إلى نشطاء المناخ الذين يرون في تقليل الاستهلاك وإعادة التدوير خطوة نحو حماية البيئة وتقليل البصمة الكربونية.
يتمحور التحدي حول الامتناع عن شراء العناصر غير الأساسية مثل الملابس الجديدة والديكور المنزلي والأجهزة التكنولوجية والوجبات الجاهزة طوال عام 2025.
وأعلن المؤثرون في مقاطع فيديو على تيك توك أن الهدف من التحدي ليس فقط تقليل الإنفاق، بل أيضا تشجيع الأشخاص على تبني أسلوب حياة أكثر وعيا واستدامة. ويدفع هذا التحدي المشاركين إلى التفكير مليا قبل القيام بأي شراء، وتقدير ما يمتلكونه بالفعل وإيجاد طرق مبتكرة لإعادة استخدام الموارد المتوفرة لديهم.
قالت إليسيا بيرمان، المؤثرة على منصة تيك توك، لموقع “يو إس توداي” إنها شاركت في تحدي عدم الشراء لأول مرة عام 2024. وأكدت بيرمان أنها تمكنت من سداد 34 ألف دولار من ديون بطاقة الائتمان على مدى العام الماضي، مضيفة أنها من خلال الاستمرار في التحدي هذا العام ستسدد بقية ديونها، التي تأمل في إكمال سدادها بحلول يونيو/حزيران المقبل، وتبدأ في ادخار المال.
وأدرجت بيرمان الملابس الجديدة ومنتجات التجميل والعطور والمجوهرات والكتب وديكورات المنزل على قائمة الأشياء التي لا يجب شراؤها هذا العام. وأضافت أنها تخطط لطلب الطعام الجاهز مرة واحدة فقط في الشهر حتى تستطيع ادخار المال.
لماذا من الجيد التوقف عن الشراء؟
ذكرت “فوربس” أن تحدي “عدم الشراء” ليس ظاهرة جديدة، لكنه عاد بقوة في عام 2025 نتيجة لمزيج من العوامل الاقتصادية والاجتماعية التي تعكس القلق المتزايد بشأن المستقبل المالي وعدم الاستقرار العام. وفي ظل التضخم المرتفع والركود الاقتصادي المحتمل والاضطرابات السياسية، يبدو أن الكثيرين يلجؤون إلى هذا التحدي كوسيلة لاستعادة قدر من السيطرة على حياتهم المالية والشخصية.
وبينما يمكن اعتبار تحدي عدم الشراء نوعا من المقاومة الهادئة لثقافة الاستهلاك المفرط، يأتي استجابةً واعية تهدف ليس فقط إلى تقليل الإنفاق، بل أيضا إلى إعادة التفكير في عادات الشراء وتأثيرها على جودة الحياة.
وفي هذا السياق، أشار تقرير منشور على “واشنطن بوست” إلى أن سهولة الوصول إلى المنتجات من خلال التسوق عبر الإنترنت جعلت من السهل تراكم الأشياء في المنازل، مما يؤدي إلى شعور بالإرهاق المادي والنفسي.
وذكر التقرير أنه على الرغم من أن شراء الأشياء قد يبدو وسيلة لتلبية احتياجات أو تحسين نمط الحياة، فإن التكديس غير المدروس يمكن أن يؤدي إلى الفوضى وزيادة مستويات التوتر.
كيفية خوض التحدي
يتحول تحدي “عدم الشراء” إلى أكثر من مجرد تجربة مالية، بل هو إدراك لتأثير القرارات الاستهلاكية على الرفاهية الشخصية. وفي وقت يقدم فيه تحدي “عدم الشراء لعام 2025” حلا عمليا لمواجهة الضغوط الاقتصادية من خلال التركيز على الاكتفاء بما يمتلك الشخص وتجنب الاستهلاك المفرط، ثمة عدد من الخطوات والإستراتيجيات التي تساعد على خوض “التحدي”، مما يسهم في خلق نمط حياة أكثر بساطة وتوفيرا واستدامة، وفقا لـ”نوريشينج مينيماليزم”، منها:
!["التسوق البطيء" سبيلك لمكافحة إغراء الشراء السهل عبر الإنترنت](https://ayamalarab.com/wp-content/uploads/2025/02/002-5-1720100805.jpg)
1- تحديد الاحتياجات الأساسية
إعداد قائمة بالأشياء الضرورية التي تستخدم يوميا، مثل المواد الغذائية ومنتجات النظافة والأدوية والفواتير والصيانة المنزلية. يمكن تقسيمها حسب الفئات لتسهيل التخطيط وإدارة الميزانية، وتجنب شراء أشياء مكررة.
2- إعادة التفكير في مصادر الشراء
البحث عن بدائل مستدامة وقابلة لإعادة الاستخدام لتقليل النفقات والاستهلاك مثل استبدال المناشف الورقية بقطع قماش. مع اختيار أماكن أرخص في الشراء مثل متاجر الجملة أو دعم المتاجر المحلية والأسواق المستعملة، مما يعزز الاستهلاك الواعي والاستدامة المالية.
3- تطوير مهارات التأقلم
تحديد دوافع التسوق واستبدالها بأنشطة بديلة، مثل ممارسة هوايات جديدة والانضمام لمجموعات اجتماعية، وتبني عادات تمنح الشعور بالإنجاز أو معالجة الأسباب العاطفية، لضمان الالتزام بعدم الشراء دون الشعور بالحرمان.
4- تنظيم الممتلكات والاستمتاع بها
بدلا من شراء أشياء جديدة، يمكن استثمار الوقت في إعادة اكتشاف وتنظيم الأشياء الموجودة بالفعل. يمكن تجديد المساحة من خلال تغيير ترتيب الأثاث، والاعتناء بالممتلكات، واستكشاف العناصر المنسية، مما يعزز التقدير والاكتفاء بما هو موجود.
5- التجديد بدلا من الشراء
بدلا من شراء ديكورات جديدة، يمكن إعادة تصميم الأثاث أو الديكورات الموجودة بالفعل. يمكن طلاء طاولة قديمة، أو تغيير أغطية الوسائد، أو إعادة ترتيب القطع بطرق مبتكرة. يمنح التجديد شعورا بالراحة والإبداع دون الحاجة للإنفاق. كما يمكن إعادة تدوير المنتجات مثل الملابس.
![A bustling shopping street in Munich, Bavaria, Germany, on November 30, 2024, is alive with the festive spirit as shoppers fill the streets, admire holiday decorations, and select Christmas gifts. The atmosphere is lively, with a sense of excitement for the upcoming holidays. Kaufinger Strasse in Munich is crowded as many people are out shopping for Christmas gifts. The store windows are decorated with festive displays, showcasing a wide range of gifts and holiday items. Passersby stop to admire the windows and choose presents for the upcoming holiday season. Numerous Christmas stalls in the middle of the street invite people to drink mulled wine or eat snacks. As one of Munich's central shopping streets, Kaufinger Strasse attracts both locals and tourists who are completing their pre-Christmas shopping. The festive atmosphere is enhanced by the Christmas decorations and the increasing number of shoppers in the stores. The street becomes a lively spot for those looking to buy gifts and experience the holiday spirit.](https://ayamalarab.com/wp-content/uploads/2025/02/02-1739187545.jpg)
6- تحديد المحفزات وتقليلها
من الضروري معرفة الدافع إلى التسوق سواء كان الشعور بالملل أو التأثر بالإعلانات أو التأثير الاجتماعي، ثم العمل على الحد منها. يمكن إلغاء متابعة المؤثرين، واستخدام أدوات حظر الإعلانات أو إيجاد بدائل إيجابية للتفاعل الاجتماعي، مما يساعد على التحكم في القرارات المالية بوعي أكبر.
7- استبدال التسوق باللياقة البدنية
ممارسة الرياضة بانتظام توفر بديلا صحيا للتسوق، حيث تشغل الوقت وتمنح الشخص هدفا جديدا للتركيز عليه. الانضمام لصالة رياضية صغيرة أو بدء روتين تمارين في المنزل يمكن أن يعزز اللياقة، ويقلل من الرغبة في الإنفاق، ويوفر بيئة اجتماعية جديدة، مما يجعلها عادة مفيدة على جميع الأصعدة.