قالت صحيفة واشنطن بوست إن أي شخص تابع خطاب الرئيس دونالد ترامب القاسي الموجه لنظام الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو، يتوقع لا محالة أن يكون النهج الأولي للإدارة الأميركية تجاه ذلك النظام صادما للغاية.
فقد كان ترامب يشتم نظام مادورو، وما زال وزير خارجيته ماركو روبيو يفعل ذلك، وقد انتقد ترامب أثناء الحملة الرئاسية رفع إدارة سلفه جو بايدن عقوبات ترامب النفطية عن مادورو، كما قال روبيو وقتها إنه “من غير المنطقي أن تلتقي إدارة بايدن مرة أخرى بنظام إجرامي يعتمد على المخدرات”، لأن ذلك يمنح دكتاتورية مادورو الشرعية الدولية، حسب رأيه.
وبناء على هذه التصريحات -كما يقول ماكس بوت في عموده بالصحيفة- كان من المعقول أن نتوقع من إدارة ترامب الثانية أن تعود إلى سياسة “الضغط الأقصى” لتغيير النظام التي انتهجتها إدارته الأولى، ولكن مبعوث ترامب للمهام الخاصة ريتشارد غرينيل سافر إلى كاراكاس والتقى مادورو، مما أسفر عن صورة للدبلوماسي الأميركي وهو يصافح زعيم “نظام إجرامي يعتمد على المخدرات”.
لص طائرات
وبالفعل وافق مادورو على إطلاق سراح 6 أميركيين محتجزين وقبول المرحلين الفنزويليين من الولايات المتحدة، وفي المقابل حافظت واشنطن حتى الآن على الإعفاء من العقوبات الأميركية التي تلقتها شركة شيفرون من إدارة بايدن للعمل في فنزويلا، وواصل ترامب الآن نهج بايدن.
وأشار الكاتب إلى أن هذه الصفقة صممها هاري سارجنت الثالث، وهو مانح جمهوري كبير في فلوريدا وله مصالح تجارية في فنزويلا.
وقد ذكرت صحيفة وول ستريت جورنال أنه كان جزءًا من مجموعة ضغط تجارية تحث ترامب على إبرام صفقة “مزيد من النفط مقابل عدد أقل من المهاجرين”، وقد نالت هذه الحجة استحسان ترامب، حتى الآن، ولكن روبيو ومستشار الأمن القومي مايكل والتز غير سعداء بذلك ويقاومان أي تخفيف آخر للعقوبات، حسب مصادر الكاتب.
وقد ظهر استياء روبيو -حسب الكاتب- أثناء زيارته جمهورية الدومينيكان عندما أشرف على استيلاء حكومتها على طائرة فنزويلية بزعم انتهاكها العقوبات الأميركية، وقال روبيو إن “الرسالة هي أن هذه العقوبات سوف تطبق وتعزز”، مضيفا أن نظام مادورو “ينتهك حقوق الإنسان” و”يساعد البلدان التي ترغب في إلحاق الأذى بالولايات المتحدة”، وردت وزارة الخارجية الفنزويلية بوصم روبيو بأنه “لص طائرات”.
معضلة ترامب
ويواجه ترامب معضلة -حسب ماكس بوت- فإما أن يلبي احتياجات أنصار الفنزويليين الأميركيين والكوبيين الأميركيين في فلوريدا من خلال العودة إلى خط متشدد ضد نظام مادورو، وإما أن يستمر في تقديم التنازلات لتسهيل ترحيل المهاجرين إلى فنزويلا، والحد من تدفق المهاجرين إلى الولايات المتحدة وزيادة إمدادات النفط العالمية.
ويفضل روبيو -حسب المتخصص في أميركا اللاتينية ويليام ليو غراندي- سياسة مواصلة الضغط على فنزويلا لأنها فشلت في تحقيق نتائج في ولاية ترامب الأولى، وأدت بدلا من ذلك إلى زيادة تدفق المهاجرين، ولكن السفير الأميركي السابق في فنزويلا ويليام براونفيلد يرى -كما أخبر الكاتب- أن سياسة ترامب المستقبلية تجاه فنزويلا سوف تمزج بين الضغط والتكيف.
ومع أنه لم يتغير شيء في فنزويلا، فإن إدارة ترامب تتظاهر الآن بخلاف ذلك -حسب الكاتب- وقد زعمت وزارة الأمن الداخلي أن “هناك تحسينات ملحوظة في العديد من المجالات مثل الاقتصاد والصحة العامة والجريمة”، في محاولة لتبرير قرار ترامب القاسي بإلغاء الوضع المحمي المؤقت لما لا يقل عن 350 ألف لاجئ فنزويلي في الولايات المتحدة، مما يجعلهم عرضة للترحيل، رغم أن بعثة تقصي الحقائق التابعة للأمم المتحدة وجدت أن فنزويلا تعاني من “واحدة من أكثر أزمات حقوق الإنسان حدة في تاريخ البلاد الحديث”.