سلّطت صحيفة “مانيفستو” الإيطالية الضوء على المخاوف المتصاعدة من تنفيذ خطة إسرائيلية وشيكة لتهجير الفلسطينيين من قرى مسافر يطا جنوب الخليل، قائلة إن خطة الطرد الإسرائيلية الكبرى قد انطلقت من هناك.
وأورد تقرير نشرته الصحيفة عن هذه القضية أعده الكاتب ميكيلي جورجيو، الذي أجرى مقابلات مع بعض سكان المنطقة، حيث التقى بحمدان بلال، المخرج المشارك في فيلم “لا أرض أخرى”، وهو أحد سكان قرية سوسيا بمنطقة مسافر يطا.
وذكر بلال، الذي اعتدى عليه المستوطنون بعد عرض الفيلم، أن قريته تلقت 43 أمرا بالهدم، مضيفا تساؤله المقلق “فماذا عسانا نتوقع غير إجراء قسري نهائي؟”.
ونقل الكاتب عن محمد، أحد سكان القرية، قوله إن المستوطنين الإسرائيليين يريدون “هذه التلال وأراضي الرعي هذه، ويستهدفون هذا الضوء وهذا الغروب الرائع. سوسيا معزولة، وبعيدة عن المراكز الحضرية الكبرى، لكنها تظل في نظري أجمل مكان في العالم”.
تطال المنطقة بأكملها
وواصل محمد، في غضون ذلك، حديثه عن سوسيا وتاريخها العريق، وعن تصاعد اعتداءات المستوطنين الذين يسعون منذ سنوات لإنهاء وجود القرية.
ويبيّن الكاتب أن هذه الأحداث تطال منطقة مسافر يطا بأكملها وتلال جنوب الخليل، التي أعلنتها إسرائيل “منطقة تدريب عسكري رقم 918″، وبات السكان الفلسطينيون فيها مهددين بالتهجير القسري.
ووصف الكاتب الأجواء المحيطة بأنها يسودها الصمت، الذي لا يكسره سوى نباح كلب وصوت الريح وهي تداعب الأغطية المشدودة فوق المساكن لوقايتها من المطر والبرد.
وردا على سؤال للكاتب، أكد بلال أن الوضع في المنطقة يزداد سوءا يوما بعد يوم، مشيرا إلى استمرار ورود أنباء عن اعتداءات جديدة في قريتي أم الخير وجنبة وقرى أخرى، وإصابة فلسطيني آخر قبل ساعات قليلة من المقابلة.
كل شيء
وأضاف بلال أن المستوطنين اقتحموا قرية جنبة وأصابوا 5 من سكانها، ولم يكتفوا بذلك، بل عاد الجيش ليلا ودمر كل شيء: المدرسة والمنازل والمطابخ.. كل شيء.
واستمر بلال قائلا إن عنف المستوطنين في سوسيا لا يقتصر على الاعتداء على الأشخاص أو المنازل، بل يتجاوز ذلك، فمنذ فترة، باتوا يستخدمون حتى أغنامهم كسلاح، “إذ يجلبونها للرعي هنا لتدمير محاصيلنا الزراعية”.
وحول أسباب هذا الضغط من المستوطنين على قريته، أوضح بلال قائلا “يدّعون أنه مكان تاريخي وتوراتي، ولهذا السبب يريدون طردنا منه. وهم يستخدمون لذلك إستراتيجيات مختلفة بما فيها رعي الأغنام أمام منازل الفلسطينيين.
تسارع وتيرة الطرد
وذكر بلال، حسب الكاتب، أن ما حدث له من اعتداء يندرج ضمن الإستراتيجية الأشمل الهادفة إلى طرد جميع الفلسطينيين من تلال جنوب الخليل، مشيرا إلى تسارع وتيرة الطرد.
وأضاف، على سبيل المثال، أن المستوطنين كانوا في السابق يأتون فقط من المستوطنات المجاورة، أما الآن، وبشكل متزايد، فإنهم يأتون أيضا من أنحاء أخرى من الضفة الغربية.
وتوقع أن يكون هناك تنسيق متزايد بين مستوطني الشمال والجنوب لتنظيم صفوفهم لشن هجمات مشتركة، قائلا إن اعتداءاتهم الحالية يشارك فيها أشخاص “لم نرهم من قبل”.
المؤشرات واضحة
وبسؤاله عما إذا كانت خطة التهجير الشاملة لأهالي سوسيا ومسافر يطا برمتها باتت وشيكة، أجاب بلال “ماذا يمكننا أن نتوقع غير إجراء قسري واسع النطاق ونهائي؟ المؤشرات واضحة ومقلقة”.
ووصف حالة الخوف التي تسيطر على الأهالي قائلا “في كل لحظة يقع اعتداء جديد. الجميع في مسافر يطا يشعرون بالخوف”.
واستمر بلال “عندما يرسل الأهالي أطفالهم إلى المدرسة، يخشون أن يؤذيهم المستوطنون. الرعاة، عندما يخرجون بأغنامهم، يخشون على عائلاتهم في المنازل. نحن نعرف هدف إسرائيل، لكن لا يمكننا أن نتخيل الأسلوب التالي الذي ستستخدمه ضدنا. نحن عُزّل، على الرغم من أن النشطاء الدوليين والمحليين يبذلون قصارى جهدهم لمساعدتنا”.