القدس المحتلة- بينما تعتبر بلدة سلوان الحامية الجنوبية للمسجد الأقصى بمدينة القدس المحتلة فإن حي الشيخ جراح يعتبر الحامية الشمالية له، ولذلك تسعى سلطات الاحتلال لتطويقه والتغلغل الاستيطاني فيه.
وضمن المحاولات المستمرة لإحكام القبضة على الحي، ينشط العمل حاليا على تنفيذ مشروعين ضخمين، أولهما مدرسة دينية يهودية “يشيفا” تضم سكنا للطلبة المتدينين وستنشأ في الشطر الشرقي من الحي، المعروف بكرم الجاعوني.
أما المشروع الثاني فهو حي سكني استيطاني سيقام في الشطر الغربي من الحي المعروف فلسطينيا بـ”أرض النقاع” وإسرائيليا بـ”كبّانية أم هارون”.
استيطان ديني
وحول المدرسة الدينية تحدث خبير الخرائط والاستيطان خليل التفكجي للجزيرة نت قائلا إن مجموعة من اليهود المتدينين تقدموا للجنة المحلية في بلدية الاحتلال من أجل إقامة معهد ديني يتكون من 9 طوابق فوق الأرض و3 أسفلها بادعاء أن ملكية الأرض تعود لدائرة “أراضي إسرائيل”، وهي دائرة تشرف على الأراضي التي صودرت عام 1968 ضمن أكبر عملية مصادرة تمت في تلك الفترة وشملت 3345 دونما (الدونم يساوي ألف متر مربع).
وستبلغ مساحة البناء -وفقا للتفكجي- 9615 مترا مربعا على أرض تبلغ مساحتها 4 دونمات، كما سيتم إخلاء عدة عائلات فلسطينية إلى الشمال من هذا المشروع من أجل إقامة بناية مكونة من 5 طوابق تضم 10 وحدات سكنية للمستوطنين، وإلى الشرق من هذه المدرسة سيتم إقامة بناية مكونة من 6 طوابق لإقامة مكاتب خاصة بهذا المجمع.
وفي الشطر الغربي من الحي المعروف بـ”أرض النقاع” طُرح على الطاولة مشروع حي استيطاني ضخم على مساحة 17 دونما يضم 316 وحدة سكنية، وتسعى سلطات الاحتلال -وفقا للخبير المقدسي- لربط هذا المشروع بالبؤر الاستيطانية في الشطر الشرقي مرورا بمنطقة كرم المفتي وصولا إلى منطقة جبل المشارف التي تضم الجامعة العبرية.
وهكذا يتحقق هدف تقسيم الحي إلى شمالي وجنوبي لتسهيل السيطرة عليه، وربط شطري القدس الشرقي والغربي ببعضهما عبر إقامة البؤر الاستيطانية ضمن الأحياء الفلسطينية حتى لا تقسم مدينة القدس مرة أخرى، لأن هذه المشاريع يقع جزء منها ضمن المنطقة الحرام (الفاصلة بين حدود إسرائيل والأردن بين عامي 1948 و1967).
![2-أسيل جندي، صورة من الشطر الغربي في الشيخ جراح المعروف بأرض النقاع(الجزيرة نت).JPG](https://ayamalarab.com/wp-content/uploads/2025/02/002-1739291994.jpg)
9 مشاريع استيطانية
ووفق الباحث المتخصص في شؤون الاستيطان أحمد صب لبن فإن حي الشيخ جرّاح يعاني بشطريه من زحف استيطاني واستهداف له بـ9 مشاريع استيطانية.
وتتضمن هذه المشاريع بناء وحدات استيطانية وكنس يهودية ومبان عامة تتبع للحكومة الإسرائيلية، وفقا لصب لبن في حديث سابق للجزيرة نت.
وأضاف أن حي الشيخ جراح كبقية الأحياء المحيطة بالبلدة القديمة التي تقع في نطاق الأطماع الإسرائيلية الرامية لطرد السكان وتهجيرهم قسريا للسيطرة على أكبر مساحة جغرافية لضمان السيطرة على ما يدعى “الحوض المقدس” الذي يحيط بالبلدة القديمة.
وأضاف أن معاناة سكان الشطر الغربي من الحي بدأت عام 1967 حين وضعت المباني التي يقطنها السكان هناك تحت وصاية “حارس الأملاك العامة الإسرائيلي”، في هذا القسم الذي يقع في الحد الأقصى من حي الشيخ جراح على خط التماس الفاصل بين حدود عامي 1948 و1967.
وتعود ملكية هذا الشطر لعائلتي حجازي ومعو اللتين خاضتا نزاعا طويلا في المحاكم الإسرائيلية لمحاولة إثبات ملكيتهما لهذه الأرض حسب الباحث صب لبن.
“هناك العديد من الدلائل التي تثبت ملكية العائلتين للأرض، وتدعي إسرائيل أن اليهود يملكونها قبل عام 1948 لكن عائلات يهودية استأجرت منازل في الحي قديما وكانوا يدفعون الإيجار في المحاكم الشرعية بالقدس وهذا مثبت، إلا أن إسرائيل ضربت بعرض الحائط كل ذلك ووضعت كافة السكان تحت خطر الإخلاء لصالح المستوطنين”، وفق الباحث المقدسي.
خطير| مخططان استيطانيان مُقبلان، سيُقامان في قلب حي الشيخ جراح المقدسيّ؛ لقلب الكفة الديموغرافية!
التفاصيل مع “القدس البوصلة”.https://t.co/z7IO27otJy#القدس_البوصلة pic.twitter.com/IADx0CPevD
— القدس البوصلة (@alqudsalbawsala) February 5, 2025
تسجيل خطير
وأشار صب لبن إلى المحاولات المستمرة لتسجيل الأراضي باسم يهود، وهو ما تم فعليا لجزء منها وسجلت بمسميات إسرائيلية مما يزيد القضية تعقيدا.
وبالإضافة لخطورة المشاريع الاستيطانية التي ستنفذ بقوة الاحتلال في الحي فإن سكانه يعانون منذ سنوات من تغلغل المستوطنين بينهم، بعد استيلائهم على بعض العقارات في الشطرين الشرقي والغربي.
ويعتبر مشروع “تسجيل وتسوية الأراضي” الكابوس الذي يلاحق المقدسيين الذين تعتبر أوراقهم الثبوتية غير مقنعة من وجهة النظر الإسرائيلية، وبالتالي تسهل السيطرة على ما تبقى من أراضيهم وعقاراتهم، وفق مختصين مقدسيين.
ولوحظ منذ اندلاع الحرب الأخيرة على غزة في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 تسارع في إطلاق أو تنفيذ مشاريع استيطانية في القدس استغلالا لانشغال العالم ووسائل الإعلام بما يحدث في القطاع.
وكثفت الدوائر الإسرائيلية عملها في عدة اتجاهات انتقاما من المقدسيين عبر تكثيف وسائل الضغط الرامية لتهجيرهم من القدس وحسم كفّة الديمغرافيا في العاصمة المحتلة لصالح اليهود.