أثارت تصريحات رئيس الوزراء البولندي دونالد توسك، التي أدلى بها أخيراً، حول ضرورة سعي بولندا لامتلاك «القدرات الأكثر تقدماً، بما في ذلك الأسلحة النووية والأسلحة غير التقليدية الحديثة»، جدلاً واسعاً في الأوساط السياسية والعسكرية الأوروبية، في سياق وصفه بأن هذا التوجه «سباق جاد من أجل الأمن، وليس من أجل الحرب».
وتأتي تصريحات رئيس الوزراء البولندي في وقت تشهد المنطقة توترات متصاعدة، خصوصاً مع استمرار الحرب في أوكرانيا والعلاقات الأوروبية المتوترة مع روسيا، ما يفتح الباب نقاش واسع حول مستقبل الأمن في أوروبا، هل ستتحول بولندا إلى قوة نووية؟ أم أن هذه التصريحات مجرد رسالة سياسية لتعزيز موقف وارسو في المفاوضات مع حلفائها؟
دوافع بولندية
تقع «بولندا» في موقع جغرافي حساس، حيث تحدها أوكرانيا من الجنوب الشرقي، التي تعاني من حرب مدمرة مع روسيا منذ فبراير 2022، و«كالينينغراد» الروسية من الشمال، وهي منطقة عسكرية إستراتيجية، وهذا الموقع جعل بولندا واحدة من أبرز الدول الأعضاء في حلف شمال الأطلسي (الناتو) التي تجعلها تشعر بتهديدات مباشرة، ومع تصاعد التوترات في أوروبا الشرقية، أصبحت «وارسو» تدرك أن الاعتماد على الأسلحة التقليدية قد لا يكون كافياً لضمان أمنها القومي.
وفي أبريل 2024، كان الرئيس البولندي «أندريه دودا» قد أعرب عن استعداد بلاده لاستضافة أسلحة نووية تابعة للناتو كجزء من برنامج «المشاركة النووية» لحلف الأطلسي، وهو ما أثار ردود فعل حادة من موسكو، لكن تصريحات توسك الأخيرة تشير إلى طموح أكبر: امتلاك بولندا لأسلحة نووية خاصة بها، وليس مجرد استضافة أسلحة أمريكية.
منذ بدء الحرب في أوكرانيا، تبنت روسيا خطاباً حاداً تجاه الدول المجاورة الداعمة لنظام كييف، بما في ذلك بولندا، التي تعد من أكبر داعمي كييف عسكرياً وسياسياً، ومع تهديدات روسيا المتكررة باستخدام الأسلحة النووية، قد ترى بولندا أن امتلاك قدرات نووية خاصة بها سيوفر رادعاً مباشراً ضد أي عدوان محتمل.
أخبار ذات صلة
كما أن عودة الرئيس الأمريكي دونالد ترمب إلى البيت الأبيض في يناير 2025 أثارت مخاوف في أوروبا بشأن التزام الولايات المتحدة بحلف الناتو، تصريحات ترمب السابقة حول تقليص الدعم العسكري لأوروبا دفعت دولاً مثل بولندا إلى البحث عن بدائل لتعزيز أمنها الذاتي، خصوصاً في ظل اعتماد الناتو على الترسانة النووية الأمريكية بشكل رئيسي.
التغيّرات في ساحة المعركة
أكد «توسك» أن «ساحة المعركة تتغير» مشيراً إلى أن الأسلحة التقليدية لم تعد كافية في مواجهة التقنيات الحديثة مثل الصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة التي تستخدمها روسيا، هذا التحول قد يدفع بولندا للسعي نحو أسلحة غير تقليدية لمواكبة السباق التكنولوجي العسكري.
تحذيرات روسية سابقة
لم يصدر تعليق رسمي من روسيا بعد على تصريحات توسك الأخيرة، لكن الكرملين كان قد حذر في 2024 من أن أي نشر لأسلحة نووية في بولندا سيواجه بإجراءات لازمة لضمان الأمن الروسي، من جانبها، قد ترى دول أوروبية أخرى، مثل ألمانيا، أن هذا التوجه يهدد الاستقرار الإقليمي ويزيد من مخاطر التصعيد.