نشر نادي “النصر” السعودي فيديو عبر حسابه بمنصة X، بمناسبة اليوم الوطني السعودي الـ93، وخلال 24 ساعة حصل على أكثر 35 مليون مشاهدة حتى كتابة هذا التقرير.
رقم كبير، رغم أن هنالك العديد من الفيديوهات الجذابة التي أنجزت بمناسبة اليوم الوطني، ونشرتها جهات سعودية وأندية مختلفة، فإن كلمة السرِ لدى “النصر” هي النجم البرتغالي كريستيانو رونالدو، الذي ظهر مرتدياً الثوب السعودي والبشت، حاملاً السيف، محتفلاً مع زملائه بمناسبة أثيرة على قلوب السعوديين جميعاً.
ارتدى كريستيانو الثوب وكأنه شخص اعتاد على لبسهِ، دون أن يظهر بشكلٍ هزليٍ كما في تلك الصور النمطية السلبية التي تروجُ عن أبناء الخليج العربي في أفلام هوليوود أو الملصقات الدعائية، وكأنهم مجرد بدوٍ أثرياء لا علم لديهم ولا حضارة.
كان كريستيانو رونالدو وإلى جواره ساديو ماني، وبقية نجوم نادي “النصر” السعودي، يتمايلونَ على أنغام العرضة السعودية الأصيلة، وهو بذلك يوجه رسالة عن مدى انسجامه مع ناديه أولاً، والدولة التي جاء إليها محترماً ثقافتها وتراثها، ومتفاعلاً مع مناسباتها الوطنية، معبراً عن محبته لها في أكثر من مرة. خلال الكلاسيكو الذي جمع “النصر” و”الأهلي” في “دوري روشن” وفاز فيه “العالمي” بـ 4 أهداف مقابل 3، سجل “الدون” هدفين، وظهر وهو يرقص “العرضة” أمام الجمهور الذي حياه كثيراً.
هذا المثالُ أعلاه يقود إلى فهم مغزى الاستثمار السعودي في الرياضة، وهو عمل مخطط له بوعي، وليس مجرد إنفاقٍ دون أهداف محددة، بل هو جزء من استراتيجية “رؤية المملكة 2030” التي تريد رفع مستوى جودة الحياة من جهة، وجعل الرياضة أحد روافد الاقتصاد الوطني.
ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، وفي حواره مع “فوكس نيوز”، تحدث عن نية المملكة الاستمرار في الاستثمار الرياضي، وعن نمو مساهمة الرياضة بالناتج المحلي لتصل إلى 1.5% بعدما كانت 0.04%.
الرياضة بقدرِ ما هي ضرورية كأحد روافد الدخل المالي، ودافعة للنمو الاقتصادي، هي أداة للتغيير المفاهيمي والاجتماعي والسلوكي. فمن خلال جذب نجوم عالميين من ثقافات ودول وأديان مختلفة، يتم دمج كل هذا التنوع في النسيج الوطني، لترسيخ ثقافة التعددية واحترام الآخر، وجعل المختلف على قدمِ الاحترام مع الذات، دون إحساسٍ بتفضيلٍ لبشرٍ على سواه.
أمرٌ آخر، النجوم الذين يلعبون في الدوري السعودي، تمت الاستفادة منهم في تكوين صورة حقيقية واقعية وإيجابية عن الإصلاحات الواسعة في السعودية، وأيضاً في بناء هوية وطنية جامعة، غير منكفئة على الداخل، بل منفتحة على العالم مندمجة مع البشر باختلاف أعراقهم وألوانهم.
كريستيانو رونالدو، كريم بنزيما، ساديو ماني، نيمار دي سيلفا، كل هؤلاء النجوم، ومعهم مدربُ نادي “الاتفاق” ستيفين جيرارد، وبقية اللاعبين الأجانب والمدربين الذين انتشرت صورهم بالثوبِ السعودي، هم بذلك يقدمون هذا الزي بوصفه علامة وطنية قادرة على استيعاب المختلف، غير مرتابة من الآخر، بل منفتحة عليه، مرحبة به، مادة يدها إلى العالم، داعية إياه لزيارة المملكة ومشاهدة ما يجري فيها.
حتى لو نُظر إلى الموضوع من زاوية فنية، سنجد صورة كريستيانو رونالدو، أفضل ترويج صادقٍ عن مدى أناقة وجمال الثوب السعودي، وهو بذلك يفتحُ أبواباً للمهتمين بالموضة للبحث عن الأزياء السعودية، خصوصاً أنها متعددة باختلاف المناطق، ومتنوعة بتنوع تضاريس المملكة وسعة أراضيها.
إذن، الرياضة السعودية اليوم تقومُ بأدوار كبيرة، تتعدى المتعة والمهارة، وتصل إلى صميم الثقافة والفن والأزياء وحتى الهوية التي تتشكل وتتطور يوماً بعد آخر.