يصادف 15 تموز/ يوليو 2023 الذكرى السابعة لمحاولة الانقلاب في تركيا. لقد كانت بلا أدنى شك، محاولة لغزو بلادنا من قبل منظمة فتح الله غولن FETO. لقد كانت واحدة من أحلك الليالي في تاريخ جمهوريتنا وربما الأحلك.
ماذا حدث؟
فتح الله غولن، زعيم منظمة سرية وإجرامية وإرهابية، هو العقل المدبر لأحداث ليلة 15 يوليو 2016. فقد نفذ الانقلابيون، خيانة دنيئة بمحاولة الانقلاب التي قاموا بها، حيث لم يتردد أتباعه الموالون له داخل القوات المسلحة من استخدام القوة العسكرية المميتة ضد المدنيين الأبرياء، مما أسفر عن مقتل 251 وإصابة الآلاف.
لقد حاولوا اغتيال الرئيس التركي، وهاجموا سيارة رئيس الوزراء، وقصفوا مبنى البرلمان، وقتلوا المواطنين المتظاهرين في الشوارع. لقد قاموا بهذه الأعمال الشائنة ضد أمتنا بينما كانوا يرتدون الزي العسكري المقدس للجيش التركي، مستخدمين المركبات العسكرية والطائرات والمروحيات وجميع المعدات الفتاكة الأخرى التي يمتلكها الشعب.
لم تشهد بلادي هذا الحجم من الأعمال الوحشية قط. ومع ذلك، فإن أمتنا القوية المحبة للديموقراطية أنهت الطموحات الشريرة للانقلابيين، وحيدتهم في تلك الليلة. خرج الملايين من المواطنين، مع الرئيس رجب طيب أردوغان إلى الشوارع بمقاومة شديدة ضد المتسللين العسكريين. وقاموا بمساعدة القوات الأمنية الشرعية، وفي نهاية المطاف نجحوا معا في إحباط محاولة الانقلاب الفاشلة.
حاول الخونة اغتصاب سيادة الدولة والقانون، لكنهم لم يتمكنوا من تقدير مدى قوة الشعب وبطولاته الجبارة. لقد اجتمع الشعب بمختلف ميولهم وآرائهم السياسية ووضعوا خلافاتهم جانبا وقاموا بحماية جمهوريتهم الديموقراطية التي يفخرون بأنهم مواطنون فيها. لقد هزمت إرادة الاستحواذ على البلاد التي خططت لها منظمة فتح الله غولن FETO منذ زمن طويل، أمام إرادة الشعب لحماية ديموقراطيته.
لقد كانت الجرائم التي ارتكبت ليلة 15 يوليو مجرد غيض من فيض. فلو نجح الانقلاب، لكانت تركيا اليوم مختلفة تماما. فلن تكون هناك ديموقراطية، ولكان تم تجميد الحقوق والحريات الأساسية إلى أجل غير مسمى.
ما منظمة فتح الله غولن FETO؟
في هذه المرحلة، من المهم التأكيد على أن كل شيء بدأ تحت ستار «جهود التعليم الخيري» في أوائل السبعينيات، حيث تنكر فتح الله غولن وأتباعه في هيئة حركة تعليمية حميدة، عندما بدأوا حملة إنشاء مدارس في تركيا ولاحقا في جميع أنحاء العالم. لقد خلقوا أوهاما في أذهان الناس، وأظهروا أنفسهم كأشخاص أتقياء وخيرين. لقد اختاروا آلاف الأشخاص وحولوا التلاميذ الأبرياء إلى مجندين متشددين يخدمون أحلام غولن المظلمة.
تمكن خريجو هذه المدارس، الذين تعرضوا لغسيل دماغ في سن مبكرة، من التسلل إلى أكثر مؤسسات الدولة أهمية بسرقة أسئلة الامتحانات التي خولتهم أخذ أماكنهم داخلها. لقد أنشأوا شبكة ضخمة فيما بينهم من أجل تحقيق أهداف فاسدة. وعززت منظمة فتح الله غولن FETO نفوذها الاقتصادي والسياسي من خلال إساءة استخدام موارد الدولة وسلطتها لتحقيق مصالحها الدنيئة.
نظرا لتعقيد وخطورة هذه الخيانة، فقد شكل القتال ضد منظمة FETO داخل تركيا وخارجها إحدى الأولويات الرئيسية لدولتنا. وقد تم تقديم مرتكبي محاولة الانقلاب إلى العدالة على أساس سيادة القانون.
تم الكشف عن الهيكل التنظيمي لمنظمة FETO داخل المؤسسات الحكومية، وقد بدأت الإجراءات الإدارية والقضائية ضد أعضائها وتم إسقاط «هيكل الدولة الموازي». وأحبطت محاولات FETO للانتشار في جميع مجالات الاقتصاد من خلال كياناتها الوهمية، لاسيما في قطاعات التعليم والإعلام والمصارف.
بعد كل ليل مظلم فجر مشرق
كانت محاولة الانقلاب في 15 تموز/ يوليو بمنزلة حافة الهاوية لمستقبل بلادنا. وكما يقول المثل، بعد كل ليل مظلم فجر مشرق. وبمقاومتنا الملحمية للانقلابيين، أظهرنا لجميع الأصدقاء والأعداء أن تركيا لا يمكن أن تؤسر أو تركع. وبفضل الإجراءات التي تم اتخاذها في أعقاب محاولة الانقلاب، تمكنت تركيا من ترسيخ استقرارها السياسي وتعزيز دورها في السياسة الخارجية وتقوية مكانتها الإقليمية.
كان إحباط محاولة الانقلاب نقطة تحول في تاريخ الديموقراطية، ومصدر أمل وإلهام لجميع دول وشعوب العالم للتمسك بشدة بإرادة الأمم ضد أعداء الديموقراطية. ولهذا السبب، يتم الاحتفال بيوم 15 يوليو باعتباره «يوم الديموقراطية والوحدة الوطنية»، وهو يوم لإبقاء الذاكرة الجماعية حية.
بهذه المشاعر نتذكر بامتنان شهداءنا وقدامى المحاربين الذين بذلوا حياتهم دفاعا عن الديموقراطية.
إنهم أبطال «القرن التركي»
نتضرع إلى البارئ عز وجل أن يتغمد الشهداء برحمته ويدخلهم فسيح جناته.