- فرنسا تحشد خبراتها الصناعية والتكنولوجية لدعم خطط الكويت في البنية التحتية والطاقة والمدن المستدامة
- 15000 جندي فرنسي قاتلوا جنباً إلى جنب مع القوات الكويتية.. والتعاون الدفاعي ركيزة أساسية في العلاقات الثنائية
- فرنسا الوجهة الأولى للكويتيين في فضاء «شنغن»… وأكثر من 1300 برنامج جامعي باللغة الإنجليزية لاستقطاب الطلبة الكويتيين
- 6 مذكرات تفاهم جديدة العام الحالي في القطاع الصحي بين وزارة الصحة الكويتية ومؤسسات طبية فرنسية رائدة
أجرى الحوار: أسامة دياب
أكد وزير أوروبا والشؤون الخارجية المكلف بالتجارة الخارجية والجاذبية الاقتصادية نيكولا فوريسييه، أن العلاقات الكويتية ـ الفرنسية تشهد زخما غير مسبوق عقب الزيارة التاريخية لصاحب السمو الأمير الشيخ مشعل الأحمد إلى باريس، وفتحت مرحلة جديدة من الشراكة الاستراتيجية بين البلدين، تقوم على رؤية «رابح ـ رابح» وتستهدف دعم مشاريع «رؤية الكويت 2035» في قطاعات البنية التحتية والطاقة والمدن المستدامة.
ولفت فوريسييه، في لقاء خص به «الأنباء» على هامش زيارته إلى البلاد على رأس وفد كبير من الشركات الفرنسية، أن فرنسا حشدت نخبة شركاتها الصناعية والتكنولوجية لدعم خطط الكويت التنموية، مشيرا إلى عمق الروابط بين البلدين التي تمتد لأكثر من ستة عقود، وإلى مكانة فرنسا كوجهة أولى للكويتيين في فضاء «شنغن»، مبينا في الوقت نفسه أن التعاون الدفاعي الذي رسخته مشاركة 15 ألف جندي فرنسي في تحرير الكويت لا يزال ركيزة ثابتة في العلاقات الثنائية.
وكشف الوزير عن توسع كبير في التعاون الصحي، تمت ترجمته بتوقيع 6 مذكرات تفاهم جديدة مع مؤسسات طبية فرنسية مرموقة، إضافة إلى جهود لاستقطاب المزيد من الطلبة الكويتيين إلى أكثر من 1300 برنامج جامعي باللغة الإنجليزية في فرنسا، مشيرا إلى الاهتمام المتزايد للشركات الفرنسية بالمشاريع العملاقة في الكويت، في إطار الشراكة الاستثمارية للفترة 2025 ـ 2035، وإلى دور مجتمع الأعمال الفرنسي في البلاد باعتباره «سفيرا للتميز» ومشاركا فاعلا في مشاريع التحول الرقمي، ومنها رقمنة أرشيف تلفزيون الكويت، فإلى التفاصيل:
ما أبرز أهداف زيارتكم إلى الكويت وأهم العناوين على أجندتها؟
٭ شهدت العلاقات الفرنسية ـ الكويتية خلال الأشهر الماضية زخما لافتا توج بزيارة صاحب السمو الأمير الشيخ مشعل الأحمد إلى باريس في 14 يوليو 2025 بدعوة من رئيس الجمهورية، ثم زيارة وزير أوروبا والشؤون الخارجية جان نويل بارو إلى الكويت في 24 أبريل 2025، وقد أرسى اللقاء التاريخي بين صاحب السمو الأمير والرئيس ماكرون، الذي تزامن مع العيد الوطني الفرنسي، خارطة طريق واضحة تقوم على بناء شراكة اقتصادية «رابح ـ رابح»، توجه نحو المستقبل والابتكار والتنويع والازدهار المشترك.
وتأتي زيارتي، بصفتي الوزير المكلف بالتجارة الخارجية والجاذبية الاقتصادية، على رأس وفد كبير من الشركات الفرنسية، لاستثمار هذا الزخم وترجمته إلى مشاريع عملية بالتعاون مع الجهات الكويتية المعنية، هدفنا هو حشد أفضل الخبرات الفرنسية لدعم القطاعات التي حددها صاحب السمو الأمير والرئيس الفرنسي كأولويات ضمن «رؤية الكويت 2035»، مثل البنية التحتية والطاقة والتنقل والصحة والتعليم والخدمات اللوجستية والمدن المستدامة.
كيف تقيمون العلاقات الثنائية الحالية بين فرنسا والكويت؟ وما أبرز أولويات تطويرها؟
٭ ترتبط فرنسا والكويت بعلاقة تاريخية راسخة قائمة على الثقة المتبادلة، ففي عام 2026 سيحتفل البلدان بالذكرى الخامسة والستين لتأسيس علاقاتهما الديبلوماسية، وقد ترسخت الروابط الثقافية عبر مؤسسات قديمة مثل معهد فولتير، الذي تأسس عام 1969 (المعهد الفرنسي حاليا)، والمدرسة الفرنسية منذ عام 1989، وعلى الصعيد الاستراتيجي، تعد اتفاقية الدفاع الموقعة عام 1992 والمجددة عام 2009 من أقدم الاتفاقيات الدفاعية الفرنسية مع دول الخليج.
هذا الإرث يظهر في الحياة اليومية، فالكثير من الكويتيين يتحدثون الفرنسية، ويسافرون إلى فرنسا أو يملكون عقارات فيها، كما تعد فرنسا الوجهة الأولى للكويتيين في فضاء «شنغن»، أما التعاون العسكري، فمتجذر منذ حرب تحرير الكويت، حيث شارك 15 ألف جندي فرنسي إلى جانب القوات الكويتية، وتواصل فرنسا استقبال الضباط الكويتيين للتدريب العسكري واللغوي، وننطلق من هذا التاريخ الثري لبناء شراكة مستقبلية قائمة على الابتكار والمشاريع الطموحة، انسجاما مع ما أكد عليه قادة البلدين خلال لقائهم الأخير في باريس من حيث تعزيز التواصل بين الفاعلين الاقتصاديين واستثمار التميز الفرنسي في خدمة مشاريع التحول ضمن «رؤية 2035»، كما يأتي إعلان النوايا للشراكة الاستثمارية (2025 ـ 2035)، الموقع خلال زيارة صاحب السمو الأمير لباريس، ليؤطر هذه الدينامية ويعزز تبادل الاستثمارات بما يخدم مصالح الطرفين.
ما أبرز القطاعات التي تناولتموها خلال الزيارة؟
٭ نعمل على جميع القطاعات التي حددها قادة بلدينا كأولويات، ومن بينها النقل الجوي والبنية التحتية والخدمات اللوجستية والاتصال، فللشركات الفرنسية خبرة عالمية في إدارة المطارات والتنقل الذكي، وهو ما ينسجم مع طموح الكويت في تطوير ميناء مبارك الكبير والمنشآت الجديدة في مطار الكويت، وفيما يتعلق بالطاقة والتحول الطاقي فإن فرنسا تمتلك شركات رائدة في الطاقة المتجددة وكفاءة الطاقة وتقنيات تحويل النفايات إلى طاقة، وهي حلول مهمة لتحديث الشبكات الكهربائية وتلبية احتياجات مراكز البيانات والمدن الجديدة.
وفي مجال الهندسة الحضرية والمدن المستدامة فنحن نوفر حلولا عملية ومبتكرة في إدارة النفايات والنقل الحضري وتطوير المدن الذكية، وبشأن الرعاية الصحية فإن هذا القطاع يشهد نموا متسارعا في التعاون، وقد تم توقيع ست مذكرات تفاهم هذا العام بين وزارة الصحة الكويتية ومؤسسات طبية فرنسية مرموقة تشمل رعاية المرضى والتدريب وتبادل الخبرات، كما أن لدينا طموحا مشتركا في مجال التعليم العالي لاستقطاب مزيد من الطلبة الكويتيين إلى الجامعات الفرنسية ذات التصنيف العالمي، خصوصا كليات الهندسة وإدارة الأعمال، مع توفر أكثر من 1300 برنامج تدريسي باللغة الإنجليزية.
كيف ترون دور الاستثمارات المتبادلة في تعزيز هذه الشراكة؟
٭ أكد قادة البلدين خلال زيارة صاحب السمو الأمير إلى باريس التزامهما بتقوية تدفقات الاستثمار في إطار الشراكة الاستثمارية 2025 ـ 2035، ونعمل حاليا على تشجيع زيادة الاستثمارات الكويتية في فرنسا، وفي الوقت ذاته دعم الشركات الفرنسية الراغبة في تأسيس عملياتها أو تطوير حضورها في الكويت، وتتميز فرنسا ببيئة اقتصادية متقدمة تقوم على الابتكار والصناعة والخبرة في إدارة المشاريع الكبرى، ما جعلها إحدى أهم وجهات الاستثمار الأجنبي في أوروبا، وفي المقابل، تثير مشاريع الكويت الطموحة ضمن «رؤية 2035» اهتماما متزايدا من الشركات الفرنسية، وهو ما يعكسه حجم الوفد المرافق لي، الذي يضم أكثر من عشرين شركة.
ما الدور الذي يلعبه مجتمع الأعمال الفرنسي في الكويت؟
٭ حرصت خلال زيارتي على لقاء مجتمع الأعمال الفرنسي، باعتباره أحد أعمدة الوجود الاقتصادي لفرنسا في الكويت. يعمل الفرنسيون هنا في قطاعات متنوعة تشمل الصناعة والتعليم والمالية والتقنيات الحديثة والرعاية الصحية، ويتمتعون بخبرة طويلة ومعرفة دقيقة بالسوق الكويتية، كما زرت الموقع الذي تديره شركة «فيكتراكوم» بالتعاون مع «إيجابي سلطان للاتصالات»، والذي يعمل على رقمنة أرشيف تلفزيون الكويت ـ وهو مثال حي على مساهمة الشركات الفرنسية في مشاريع التحول الرقمي، فهؤلاء الخبراء، الذين يعيش كثير منهم في الكويت منذ سنوات طويلة، يمثلون أفضل سفراء للتميز الفرنسي، ونحن حريصون على تعزيز دورهم وضمان استفادة الشركات الفرنسية الجديدة من خبراتهم، بما يدعم مشاركتهم في المشاريع التنموية الكبرى في البلاد، والجدير بالذكر أن الجالية الفرنسية في الكويت تبلغ أكثر من 800 فرنسي يسهمون بفاعلية في تعزيز العلاقات الثنائية، وهي في المجمل جالية نوعية ومؤهلة بصورة مميزة.












