- غياب قاعدة بيانات رقمية وطنية موحدة يؤدي إلى تكرار الأخطاء وإطالة زمن اتخاذ القرار وزيادة المخاطر المرتبطة بالمشاريع الكبرى
- إعداد كود الزلازل الوطني يعتمد على بيانات دقيقة لطبيعة التربة وسلوكها الديناميكي وتحديد معاملات الخطر الزلزالي الخاصة بكل منطقة
أكدت رئيسة مشروع إنشاء قاعدة بيانات جيوتقنية في معهد الكويت للأبحاث العلمية م.دانة العنزي سعي المعهد الى إنشاء تلك القاعدة الوطنية الرقمية كونها خطوة إستراتيجية حتمية لدعم البنية التحتية الرقمية لرؤية المدن الذكية وتعزيز قدرة الدولة على الاستجابة للأزمات وإعداد أكواد هندسية وطنية مستقلة.
وقالت م.العنزي من مركز أبحاث البيئة والعلوم الحياتية بالمعهد، في لقاء مع «كونا»، إن مشروعها الحالي يركز على إبراز أهمية إدارة البيانات الجيوتقنية وأرشفتها رقميا نظرا إلى كونها عنصرا محوريا في تصميم وتنفيذ البنية التحتية.
وأوضحت أن غياب قاعدة بيانات رقمية وطنية موحدة يؤدي إلى تكرار الأخطاء وإطالة زمن اتخاذ القرار وزيادة المخاطر المرتبطة بالمشاريع العمرانية الكبرى، لافتة إلى أن الرقمنة وإدارة البيانات المتكاملة أصبحتا من أهم عناصر البنية التحتية الحديثة مع التوجه العالمي نحو المدن الذكية.
واستشهدت في هذا السياق بالتجربة التاريخية لمنطقة الظهر أواخر الثمانينيات، قائلة إن المنطقة شهدت مشكلات هبوط أرضي كبيرة عامي 1988 و1989، مما استدعى استعانة المؤسسة العامة للرعاية السكنية بخبراء لتقييم الأضرار وتنفيذ تحقيقات موسعة من معهد الكويت للأبحاث العلمية.
وذكرت أن هذه الحادثة أوضحت خطورة غياب قاعدة بيانات وطنية، إذ أدت إلى بطء الاستجابة وزيادة حجم الخسائر مع الاعتماد على دراسات وقتية بدلا من وجود نظام معرفي دائم يمكن الرجوع إليه بسرعة.
وأشارت العنزي إلى أنه رغم الجهود البحثية السابقة، فإن الكويت لاتزال تفتقر إلى قاعدة بيانات جيوتقنية وطنية أو خرائط تفصيلية توضح خصائص التربة على أعماق مختلفة.
ونوهت بالتجارب الخليجية الرائدة التي سبقت بخطوات كبيرة في التحول الرقمي لإدارة بياناتها الوطنية، مؤكدة أن هذه التجارب تثبت أهمية الاستثمار في البنية التحتية الرقمية.
وأفادت بأن المملكة العربية السعودية الشقيقة تعتبر نموذجا إقليميا متقدما في البنية التحتية للبيانات الجيولوجية، مشيرة إلى المنصات والخدمات الرقمية التي توفرها هيئة المساحة الجيولوجية السعودية عبر بوابتها الرسمية وما يتصل بها من خرائط وبيانات جيولوجية وطنية تدعم مشاريع التنمية الكبرى وتخطيط البنية التحتية وتيسر الوصول المنضبط إلى السجلات والطبقات الأرضية لخدمة صناع القرار والجهات الفنية المختصة.
وأضافت أن «هذا التقدم انعكس على المشاريع العملاقة في السعودية، لاسيما المدن المستقبلية التي تعتمد التوأم الرقمي Digital Twin ونمذجة الطبقات تحت السطح وربطها ببيانات جيولوجية وجيوتقنية موثقة بما يعزز كفاءة التصميم والتنفيذ وإدارة المخاطر خلال دورة حياة المشروع، مؤكدة أن وجود قاعدة بيانات وطنية متخصصة تحت إشراف جهة جيوهندسية رسمية يمثل ركيزة لأي مشروع حضري متسارع النمو.
وأشارت إلى أن «الإمارات العربية المتحدة قدمت بدورها نماذج ناجحة في التحول الجغرافي ـ الرقمي»، لافتة إلى مبادرات دوائر البلديات والنقل في أبوظبي بالنمذجة، وهي خطوات عملية تمكن الجهات من تخطيط أكثر دقة واستباق أفضل للمخاطر الجيوهندسية وتكامل أوسع مع منصات المدن الذكية.
وبينت العنزي أن مواجهة المخاطر الجيولوجية Geohazards تتطلب اعتماد نظام شامل للبيانات الجيوتقنية والجيولوجية يعتمد على نظم المعلومات الجغرافية GIS لجمع بيانات تفصيلية عن التضاريس والخصائص الفيزيائية والكيميائية للتربة والحوادث التاريخية.
وأضافت أن «هذا النظام يتيح التنبؤ بالمشكلات قبل وقوعها وإنشاء آلية للإنذار المبكر وتمكين المهندسين والمصممين وصناع القرار من فهم الظروف تحت السطحية بدقة قبل حتى مرحلة دراسة الجدوى».
وشددت على أن دور قاعدة البيانات لا يقتصر على التخطيط العمراني وإدارة الأزمات بل يمتد ليشكل مرجعا أساسيا في إعداد وتطوير الأكواد الهندسية الوطنية.
وقالت إن «إعداد كود الزلازل الوطني يعتمد على بيانات دقيقة لطبيعة التربة وسلوكها الديناميكي وتحديد معاملات الخطر الزلزالي الخاصة بكل منطقة»، مضيفة أنه يوفر أيضا الأساس لإعداد كود جيوتقني وطني يرتكز على بيانات محلية بدلا من الاعتماد الكامل على الأكواد الأجنبية.
وتطرقت العنزي إلى الأهمية الحيوية لهذه القاعدة في المشاريع الوطنية الكبرى الحديثة مثل مدينة المطلاع السكنية ومشاريع التطوير في جزيرة بوبيان.
وأوضحت أن «مدينة المطلاع بأعمالها الإنشائية الواسعة تحتاج الى مرجع أساسي يساعد في فهم توزيع التربة لتقليل المخاطر وضمان سلامة البنية التحتية».
وتابعت أن «جزيرة بوبيان ذات تربة طينية رخوة ومعقدة ما يجعلها عرضة للتضخيم الزلزالي والمشاكل الجيوتقنية الأخرى ويتطلب دمج بيانات الاختبارات في قاعدة وطنية لتطوير حلول تصميمية تناسب واقع الجزيرة».
وأكدت أن إنشاء قاعدة البيانات الجيوتقنية الوطنية يعتبر ركيزة أساسية في دعم نظم التحذير المبكر والمساعدة في إدارة المدن الذكية بما يسهم في تعزيز كفاءة التخطيط العمراني واتخاذ القرار وتحسين إدارة البنية التحتية بما يواكب توجهات الدولة نحو التنمية المستدامة والتحول الرقمي.













