بقلم: السفيرة طوبى نور سونمز – سفيرة جمهورية تركيا لدى دولة الكويت
بصفتي سفيرة الجمهورية التركية لدى دولة الكويت، يشرفني أن أشهد تنامي قوة العلاقات بين بلدينا، وهي علاقة لا تقتصر على الطابع الاستراتيجي فحسب، بل تتسم أيضا بعمق الروابط الأخوية. إن الزيارة المرتقبة لفخامة الرئيس رجب طيب أردوغان إلى دولة الكويت تجسد هذا الترابط المتين، وتشكل دليلا على التزامنا المشترك بالسلام والازدهار والتضامن في منطقتنا.
لقد بنت تركيا والكويت شراكة قائمة على الاحترام المتبادل والثقة والتقارب الثقافي. وكان الاحتفال بالذكرى الستين لتأسيس علاقاتنا الديبلوماسية العام الماضي مناسبة للفخر والتأمل، وتذكيرا بمدى ما حققناه معا وبما يمكننا إنجازه في المستقبل.
لقد شكلت الزيارة التاريخية التي قام بها صاحب السمو الأمير الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح إلى تركيا في مايو 2024 نقطة تحول في علاقاتنا الثنائية. فقد كانت زيارته الرسمية الأولى خارج العالم العربي، وأول زيارة على مستوى الأمير إلى تركيا منذ سبع سنوات. وقد عكست هذه اللفتة الرفيعة إدراك الكويت لمكانة تركيا كشريك إقليمي رئيسي، وفتحت فصلا جديدا في مسيرة علاقاتنا المتميزة.
ومن الناحية الاقتصادية، تواصل شراكتنا الازدهار والنمو، إذ بلغ حجم التبادل التجاري بين بلدينا في عام 2024 نحو 720 مليون دولار. وتعمل أكثر من 400 شركة كويتية في تركيا، في حين تنشط نحو 50 شركة تركية في الكويت، لاسيما في قطاع الإنشاءات. وتمثل هذه الأرقام مؤشرات واعدة، ومع الإرادة السياسية القوية لدى الجانبين، نحن على ثقة بأنها ستشهد نموا أكبر في المرحلة المقبلة.
لقد شكل منتدى الأعمال التركي – الكويتي الذي عقد في نوفمبر 2024 خطوة مهمة في هذا الاتجاه. كما أسهمت الشركات التركية بدور محوري في مشاريع تطوير البنية التحتية في الكويت، ومن أبرزها مشروع مبنى الركاب الثاني لمطار الكويت الدولي (Terminal II). وتوفر القطاعات التركية الحيوية – مثل الإنشاءات والدفاع والسياحة والتكنولوجيا – فرصا استثمارية جاذبة للمستثمرين الكويتيين.
يظل التبادل الثقافي حجر الزاوية في علاقاتنا الثنائية، فاحتفالا بالذكرى الستين لتأسيس علاقاتنا الديبلوماسية، نظمنا سلسلة من الفعاليات، من افتتاح قسم للكتب التركية في مكتبة الكويت الوطنية إلى إقامة حفلات موسيقية ومعارض فنية، إضافة إلى تدشين لوحة جدارية في سوق المباركية. لم تكن هذه الفعاليات مجرد مبادرات ديبلوماسية، بل كانت احتفالات صادقة تعكس عمق تراثنا المشترك وروح المودة المتبادلة بين شعبينا.
تستمر الروابط بين شعبينا في الازدهار والنمو، فالسياح الكويتيون ومالكو العقارات في تركيا، والمهنيون الأتراك العاملون في الكويت، والاهتمام المتزايد بتعلم لغتينا والتعرف على ثقافتينا، جميعها دلائل على التواصل الحي والنابض بين مجتمعينا.
وعندما أتأمل المسيرة التي قطعناها معا، يغمرني شعور عميق بالأمل والامتنان، فتركيا والكويت ليستا مجرد شريكتين، بل هما شقيقتان يجمع بينهما التاريخ والقيم والرؤية المشتركة للمستقبل. وفي كل تحد نواجهه، وكل فرصة نغتنمها، نسير جنبا إلى جنب.
نسأل الله أن تشكل هذه الزيارة، ليس فقط فصلا جديدا في علاقاتنا الديبلوماسية، بل عهدا متجددا للسير معا، يدا بيد، نحو مستقبل يسوده السلام والازدهار والصداقة الدائمة.