- الكويت مؤهلة لخلق التآزر بين “مجلس التعاون” وبقية دول المنطقة لمواجهة التحديات الإقليمية المشتركة
أشاد الأمين العام لمنظمة الأمم المتحدة للسياحة زوراب بولوليكاشفيلي بدور الكويت المحوري في تطوير السياحة الإقليمية من خلال مساهمتها الفاعلة في بناء استراتيجيات موحدة وتعزيز أطر التعاون والحوار بين دول الشرق الأوسط بما يخدم تحقيق الأهداف والتطلعات المشتركة.
وقال بولوليكاشفيلي في لقاء مع “كونا” بمناسبة يوم السياحة العالمي إن تولي الكويت رئاسة اللجنة الإقليمية للشرق الأوسط في منظمة الأمم المتحدة للسياحة للفترة 2025-2027 يمثل مسؤولية استراتيجية لاسيما في منطقة أثبتت نفسها كمحرك رئيسي للتحول السياحي على مستوى العالم، وهذه الرئاسة لا تعد مجرد اعتراف بالتزام الكويت بقطاع السياحة بل تشكل أيضا فرصة لتعزيز التعاون الإقليمي وتحويل الأولويات المشتركة إلى خطوات عملية ملموسة.
ولفت بولوليكاشفيلي إلى أن الكويت عضو مؤسس في منظمة الأمم المتحدة للسياحة منذ عام 1975 وهو ما يعكس التزامها الطويل بتطوير هذا القطاع الذي يتماشى مع المحور الاستراتيجي لخطة التنمية الوطنية “كويت جديدة 2035” التي تركز على تعزيز المكانة الدولية للبلاد على المستويين الإقليمي والعالمي، معربا عن ثقته بقدرة الكويت على الاضطلاع بدور قيادي في صياغة وتنسيق الاستراتيجيات الإقليمية التي تركز على محاور أساسية مثل الاستدامة والرقمنة والابتكار والتعليم وتحسين الاتصال.
وذكر أن المنظمة لمست خلال الاجتماع ال51 للجنة الإقليمية للشرق الأوسط الذي عقد حديثا في العاصمة القطرية وجود إرادة سياسية قوية لدى الدول الأعضاء لتعزيز التعاون في مجالات سياحة الرياضة والسياحة التعليمية والسياحة الفاخرة.
وفي هذا السياق، شدد على أن الكويت مؤهلة لقيادة هذا الزخم وخلق التآزر بين دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية وبقية دول المنطقة إلى جانب المساهمة في مواجهة التحديات الإقليمية المشتركة مثل تغير المناخ والتنويع الاقتصادي والحاجة إلى التدريب المتخصص وتوفير فرص عمل نوعية.
وأكد بولوليكاشفيلي أن منظمة السياحة العالمية ستقدم دعمها الكامل للكويت في هذا الدور الجديد بما في ذلك دعم جهودها في تعزيز التعاون الإقليمي وتحقيق الأولويات المشتركة، كما أكد أن المكتب الإقليمي للمنظمة في منطقة الشرق الأوسط ومقره الرياض سيواصل اضطلاعه بدور محوري في دعم الدول الأعضاء فنيا وتيسير تنفيذ المبادرات المشتركة في هذا المجال.
وذكر أن الكويت حققت عام 2023 إنجازا غير مسبوق بتصدرها الوجهات السياحية عالميا، حيث سجلت أعلى معدل نمو في العائدات السياحية بنسبة زيادة بلغت 151 % مقارنة بمستويات ما قبل جائحة كورونا عام 2019.
حضور خليجي
وعلى صعيد الحضور الخليجي على مسرح السياحة العالمي، قال بولوليكاشفيلي إن دول الخليج اكتسبت خلال السنوات الأخيرة دورا متزايد النشاط والأهمية داخل منظمة السياحة العالمية، لافتا إلى ان هذا الالتزام يتجلى في تعزيز الحضور السياسي داخل هيئات الحوكمة وفي إطلاق مبادرات استراتيجية ضمن مجالات رئيسية لتطوير القطاع.
وأوضح في هذا السياق أن الجمعية العامة للمنظمة ستصادق في اجتماعها بالعاصمة السعودية في نوفمبر المقبل على تنصيب رائدة الأعمال الإماراتية شيخة النويس لتولي منصب الأمين العام في مطلع 2026 لتكون أول امرأة تقود المنظمة منذ تأسيسها قبل خمسين عاما.
ونوه بالتركيز الجاد لدول الخليج على تنمية رأس المال البشري، لافتا إلى أن المنطقة دفعت قدما بمبادرات تعليمية ومهنية بدأت بالفعل في تحقيق نتائج ملموسة.
وذكر في هذا السياق أن عدد المسجلين في أكاديمية السياحة عبر الإنترنت التي تديرها المنظمة تجاوز 30 ألف طالب منهم أكثر من 50 % من النساء بدعم من شركاء إقليميين، كما أن برنامج التعليم السياحي الموجه للمدارس الثانوية قيد التنفيذ حاليا في عدة دول خليجية، بالإضافة إلى ذلك اعتبر بولوليكاشفيلي أن التزام المنطقة بالابتكار والرقمنة يتجسد في التحسين المستمر لمنصات التدريب ودمج أدوات مثل الذكاء الاصطناعي ضمن برامج التعلم الإلكتروني التابعة للمنظمة.
وأكد ان إطلاق المكتب الإقليمي للشرق الأوسط في عام 2021 عزز من القدرة التشغيلية للمنظمة في المنطقة وأتاح تعاونا أكثر سلاسة، كما سهل تصميم مشاريع تتماشى مع الأولويات المحلية وتعزيز الارتباط مع النظام البيئي السياحي الإقليمي.
وقال بولوليكاشفيلي إن “المشاركة الفاعلة لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية لا تعزز فقط البعد الإقليمي لمنظمة السياحة العالمية بل تسهم أيضا بشكل ملموس في الأجندة العالمية للمنظمة” ،مشيرا إلى أن ريادتها في قطاعات مثل السياحة الفاخرة وسياحة الرياضة إلى جانب التزامها بالتعليم والتحول الرقمي تضيف قيمة متميزة تدفع الابتكار وتعزز مرونة قطاع السياحة على مستوى العالم.
تنويع اقتصادي
واعتبر أن دول مجلس التعاون ترسخ السياحة كمحرك رئيسي للتنويع الاقتصادي وتوليد فرص العمل النوعية وتعزيز الحضور الدولي للمنطقة؛ لافتا إلى أن المنظمة تثمن عاليا الالتزام الاستراتيجي من قبل هذه الدول بنموذج تنمية سياحية يتميز بالمرونة والابتكار والتركيز على المدى الطويل.
وأضاف أن المملكة العربية السعودية تصدرت نمو الإنفاق السياحي الدولي خلال عام 2024 بمعدل ارتفاع بلغ 17 في المئة مما عزز مكانتها كأحد أهم الأسواق المصدرة للسياحة على مستوى العالم معتبرا ان تلك الاتجاهات تعكس بروز منظومة سياحية أكثر صلابة وتنافسية مدعومة بتخطيط استراتيجي مستدام واستثمارات قوية في البنية التحتية والترويج الدولي.
واعتبر أن الفعاليات البارزة مثل كأس العالم لكرة القدم وسباقات الفورمولا 1 ورالي داكار أدت دورا محوريا في ترسيخ مكانة دول مجلس التعاون كوجهات رائدة في استضافة الأحداث العالمية الكبرى، لافتا إلى ان هذا النهج الشامل – الذي يجمع بين الاستثمار والابتكار والاستدامة – يحدث تحولا في صورة السياحة الخليجية على المستوى الدولي.
وأكد أن منظمة السياحة التابعة للأمم المتحدة ستواصل دعم دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية في هذا المسار من خلال تقديم المساعدة الفنية وتوفير منصات التعاون والدعم المؤسسي بما يضمن استمرار السياحة كأداة فعالة لتحقيق تنمية شاملة ومستدامة في المنطقة.
وعن أداء المنطقة خلال عام 2025، قال إن السياحة في دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية تواصل تسجيل تطورات إيجابية ملحوظة مما يعزز وتيرة التعافي التي شهدتها الأعوام السابقة.
ولفت إلى أنه في الأشهر الأولى من هذا العام سجلت وجهات مثل المملكة العربية السعودية والكويت وقطر تقدما كبيرا في عدد الوافدين الدوليين وفي الإنفاق السياحي مدفوعة بعروض سياحية متنوعة بشكل متزايد وتحسينات في الربط الجوي وبرنامج غني من الفعاليات الدولية.