يشهد سوق الإسكان في المملكة المتحدة أول انخفاض سنوي في الأسعار منذ عام 2012، مع انتعاش طلب المشترين وسط أسعار المنازل المخفضة، ولكن الزيادة المحتملة في الضرائب قد تبقي المشترين في منازلهم.
بعد سنوات عديدة، قد يكون هذا هو الوقت المناسب لإعادة النظر في الأفكار الاستثمارية في قطاع العقارات، حيث شهدت أسعار المنازل في المملكة المتحدة أول انخفاض سنوي لها منذ أكثر من عقد من الزمان، وفقًا لشركة العقارات البريطانية Zoopla.
وهذا الانخفاض في الأسعار هو مجرد جانب واحد من مشهد الإسكان المعقد، الذي يتأثر بعوامل اقتصادية مختلفة ومعنويات المستهلك.
المعدلات المرتفعة لها تأثيرها
أحد العوامل المهمة التي تجذب المشترين هو أعلى مستوى من الخصومات على أسعار المنازل منذ أربع سنوات. يتم بيع المنازل بمتوسط خصم قدره 4.2٪، أي ما يعادل 12.125 جنيهًا إسترلينيًا (14.020 يورو) أقل من السعر المطلوب. وقد تفاقمت ظاهرة الخصم هذه بسبب الزيادات الأخيرة في معدلات الرهن العقاري، والتي دفعت المشترين المحتملين إلى البحث عن صفقات مواتية.
وسط هذه البيئة، كان هناك ارتفاع ملحوظ في صافي الاقتراض من ديون الرهن العقاري من قبل المقيمين في المملكة المتحدة، حيث وصل إلى 1.2 مليار جنيه إسترليني (1.38 مليار يورو) في أغسطس. وتمثل هذه الزيادة الزيادة الشهرية الرابعة على التوالي وأعلى مستوى منذ يناير 2023. وعلى الرغم من التحديات، لا يزال المشترون يدخلون السوق.
وانخفض صافي الموافقات على شراء المنازل في المملكة المتحدة، والتي غالبًا ما يُنظر إليها على أنها مؤشر لاتجاهات الاقتراض المستقبلية، إلى 45.4 ألفًا في أغسطس 2023، وهو أدنى مستوى منذ فبراير. ويمكن أن يعزى هذا الانخفاض إلى تشديد السياسة النقدية من قبل بنك إنجلترا، مما أثر على نشاط الإسكان.
كما انخفضت الموافقات على إعادة الرهن العقاري، بما في ذلك فقط تلك التي لدى مقرضين مختلفين، إلى 25 ألف جنيه إسترليني (28800 يورو)، لتصل إلى أدنى مستوى لها منذ يوليو/تموز 2012. وتشير هذه الاتجاهات إلى نهج حذر بين المشترين وأصحاب المساكن في مواجهة ارتفاع أسعار الفائدة.
التغييرات الضريبية تلوح في الأفق
وتوقع معهد الدراسات المالية (IFS) زيادة كبيرة في الضرائب تعادل حوالي 3500 جنيه إسترليني (4046 يورو) لكل أسرة بحلول الانتخابات العامة المقبلة. وتمثل هذه الزيادة المتوقعة في الضرائب حوالي 37% من الدخل القومي، ارتفاعًا من حوالي 33% في عام 2019. ومن المقرر أن تجمع حكومة المملكة المتحدة أكثر من 100 مليار جنيه إسترليني (115.5 مليار يورو) من عائدات الضرائب سنويًا بسبب هذه التغييرات.
وأشار بن زارانكو، كبير الاقتصاديين الباحثين في IFS، إلى أن هذا التحول نحو زيادة الضرائب ليس نتيجة للوباء فحسب، بل يعكس أيضًا زيادة الإنفاق الحكومي، والتحولات الديموغرافية، وضغوط الرعاية الصحية، وتخفيف إجراءات التقشف. وهو تطور يمكن أن يكون له آثار على سوق الإسكان وكذلك على الاقتصاد الأوسع.
بصيص أمل وسط انخفاض الأسعار
على الرغم من هذه التحديات، هناك بصيص من الأمل في سوق الإسكان في المملكة المتحدة. شهد طلب المشترين انتعاشًا، مع زيادة بنسبة 12% في الاستفسارات المقدمة إلى وكلاء العقارات منذ عطلة نهاية الأسبوع المصرفية في أغسطس، ومع ذلك، فإن هذا الارتفاع في الطلب موسمي جزئيًا.
كما أن ثقة المستهلك آخذة في الارتفاع، مدعومة باحتمال انخفاض أسعار الفائدة على الرهن العقاري في الأشهر المقبلة.
أتطلع قدما
وفي حين انخفضت أسعار المنازل بنسبة 0.5% خلال العام الماضي، وشهد جنوب شرق وشرق إنجلترا أكبر الانخفاضات بنسبة 1.5%، فمن المتوقع أن تستمر الأسعار في الانخفاض طوال فصل الخريف. من المتوقع أن يختتم سوق الإسكان في المملكة المتحدة العام بانخفاض أسعار المنازل بنسبة 2٪ إلى 3٪ تقريبًا عما كانت عليه في بداية العام، على الرغم من أنها لا تزال أعلى بنسبة 17٪ من مستويات ما قبل الوباء.
وربما يكمن المفتاح لتنشيط سوق الإسكان في خفض معدلات الرهن العقاري، وهو ما قد يؤدي إلى تعزيز القدرة على تحمل التكاليف وجذب المزيد من المشترين. ومع بدء المقرضين في تقديم أسعار فائدة ثابتة وتنافسية على الرهن العقاري أقل من 5%، هناك أمل في عودة المشترين بأعداد أكبر، مما يدعم المبيعات والتسعير.
يمر سوق الإسكان في المملكة المتحدة خلال فترة انتقالية تتميز بانخفاض الأسعار، والتغيرات الضريبية، وتغير تفضيلات المشتري. ومع تطور العوامل الاقتصادية، يظل مسار السوق إلى الأمام غير مؤكد، مع احتمال أن تلعب معدلات الفائدة المنخفضة على الرهن العقاري دوراً محورياً في انتعاشها.