تراجعت أسعار النفط الخام 5 في المائة أمس، إذ قوضت المخاوف بشأن إمكانية المصادقة على اتفاق سقف الدين في الولايات المتحدة شهية المخاطرة، حيث إن اعتماده يعزز من توقعات ارتفاع الطلب العالمي على الخام.
وبدأ تجار سوق النفط الخام التركيز على اجتماع وزراء تحالف “أوبك+” الذي سيعقد في 4 حزيران (يونيو) المقبل لتحديد سياسات الإنتاج في الشهور المقبلة.
وقال لـ”الاقتصادية” محللون نفطيون إنهم يعولون كثيرا على اجتماع “أوبك+” المقبل في إعادة التوازن للسوق بين العرض والطلب في ظل الركود العالمي.
وذكر سيفين شيميل مدير شركة “في جي أندستري” الألمانية، أن عدم اليقين يسيطر على سوق النفط الخام ما يعزز استمرار وتيرة التقلبات السعرية، موضحا أن تقارير ظهرت تفيد بأن الجمهوريين المتشددين في الكونجرس قد يعرقلون صفقة سقف الديون التي اتفق عليها الرئيس جو بايدن ورئيس مجلس النواب كيفين مكارثي، مبينا أن الضبابية المحيطة بصفقة سقف الديون قد تؤدي إلى استمرار توتر أسواق النفط هذا الأسبوع.
وأكد استمرار شكوك السوق حول جدية وفاعلية تخفيضات الإنتاج الروسية، مبينا أن بعض التقارير المعنية في السوق تحدثت عن أن موسكو لم تخفض إنتاج النفط كما تعهدت، بينما تصر على أنها ستخفض الإنتاج كما هو مخطط لها، لكن تخفيضات الإنتاج الروسي من النفط الخام البالغة 500 ألف برميل يوميا لم تتمكن حتى الآن من رفع أسعار النفط.
من جانبه، قال روبين نوبل مدير شركة أوكسيرا الدولية للاستشارات، إن تدفقات النفط الخام العالمية شهدت تحولات واسعة وكاملة في فترة زمنية قصيرة نسبيا، موضحا أنه بسبب مرونة الطلب العالمي على الخام فإن عائدات روسيا النفطية تتعافى أيضا على الرغم من قيود العقوبات الغربية وفرض سقف سعري من جانب مجموعة السبع.
وذكر أن أحدث بيانات تجارة النفط الدولية تشير إلى انخفاض تدفقات النفط الخام من غرب إفريقيا إلى آسيا حيث يشتري الصينيون الخام الروسي بشكل متزايد.
وأشار إلى أنه وفقا لوزارة الخزانة الأمريكية تعمل العقوبات وسقف السعر على الإمدادات الروسية على تحقيق هدفها ما يقلل عائدات النفط الروسية مع الحفاظ على السوق الدولية مزودة بالنفط بشكل جيد، مبينا أن التحول الذي أحدثته هذه العقوبات في طرق تجارة النفط العالمية هو السمة الأكثر أهمية في المرحلة الراهنة، حيث أصبحت روسيا أكثر اعتمادا على دولتين فقط من الدول المستوردة للنفط وهما الصين والهند، وفي الوقت نفسه أصبحت أوروبا أكثر اعتمادا على الدولتين نفسهما في الحصول على وقودها حتى مع وصول واردات الوقود الأمريكية إلى مستوى قياسي في وقت سابق من هذا العام.
من ناحيته، قال ماركوس كروج كبير محللي شركة “أيه كنترول” لأبحاث النفط والغاز، إن توترات السوق النفطية تتصاعد قبل أيام قلائل من عقد الاجتماع الوزاري الحاسم والمرتقب لتحالف “أوبك+” الذي سيحدد مستويات الإنتاج خلال النصف الثاني من العام الجاري.
وأشار إلى أن تفشي البيع على المكشوف أدى إلى ممارسة كثير من الضغط على الأسواق، لافتا إلى تأكيد بنك “ستاندرد تشارترد” عودة مراكز المضاربة في النفط الخام حاليا إلى ذروتها الهبوطية منذ آذار (مارس) الماضي وذلك على الرغم من سريان تخفيضات “أوبك+”، لافتا إلى بقاء الأسواق في حالة جيدة نسبيا بينما يواصل البائعون على المكشوف المراهنة على تدهور الظروف.
بدورها، أوضحت نايلا هنجستلر المدير السابق بالغرفة الفيدرالية النمساوية، أن عمليات إطلاق مخزونات النفط الاحتياطية من قبل الولايات المتحدة ودول أخرى والصفقات الجديدة التي أبرمت مع موردي النفط في جميع أنحاء الشرق الأوسط وشمال إفريقيا أدت إلى عرقلة الجهود في دعم الأسعار تعزيزا للاستثمارات الجديدة خاصة في مشاريع المنبع، مشيرة إلى وجود رغبة جامحة للولايات المتحدة وحلفائها في إبقاء الأسعار منخفضة.
وذكرت أن هناك كثيرا من المشترين الراغبين في الحصول على سعر مخفض للنفط الروسي سواء كان عند أو أعلى من الحد الأقصى لسعر البرميل البالغ 60 دولارا أمريكيا ويأتي في المقدمة الصين ثم الهند، موضحة أن النفط الروسي المخفض سيظل أكثر جاذبية للمستهلكين رغم الحظر والعقوبات، معتبرة أن خفض أسعار النفط سيظل عموما هاجس المستهلكين في داخل سوق النفط العالمي الأوسع.
وفيما يخص الأسعار، هبط النفط بنحو 5 في المائة أمس، وسط مخاوف من عدم المصادقة على اتفاق سقف الدين في الولايات المتحدة.
وبحسب “رويترز”، تراجعت العقود الآجلة لخام برنت 5 في المائة لتسجل 73.22 دولار للبرميل خلال التعاملات أمس.
بينما انخفضت العقود الآجلة للخام الأمريكي 5 في المائة لتسجل 69.02 دولار للبرميل.
وقال بعض النواب الجمهوريين المتشددين الإثنين إنهم قد يعارضون اتفاق سقف الدين في الولايات المتحدة، أكبر مستهلك للنفط في العالم، إلا أن الرئيس جو بايدن المنتمي إلى الحزب الديمقراطي وكيفين مكارثي رئيس مجلس النواب الجمهوري، لا يزالان متفائلين إزاء المصادقة على الاتفاق.
وتوصل بايدن ومكارثي مطلع الأسبوع إلى اتفاق لتعليق سقف الدين البالغ 31.4 تريليون دولار والحد من الإنفاق الحكومي للعامين المقبلين. ويتعين أن يقر الكونجرس المنقسم هذا الاتفاق قبل الخامس من يونيو، وهو اليوم الذي قالت وزارة الخزانة إن البلاد قد لا تكون قادرة بحلوله على الوفاء بالتزاماتها الأمر الذي قد يتسبب في اضطرابات للأسواق المالية.
وقال توشيتاكا تازاوا المحلل لدى فوجيتومي للأوراق المالية “حول المستثمرون انتباههم إلى نتائج اجتماع أوبك+”.
كما يترقب المتعاملون بيانات التصنيع وقطاع الخدمات في الصين التي ستصدر في وقت لاحق من هذا الأسبوع بحثا عن مؤشرات على تعافي الطلب على الوقود من أكبر مستورد للنفط في العالم.
من جانب آخر، ارتفعت سلة خام “أوبك” وسجل سعرها 76.88 دولار للبرميل الإثنين مقابل 76.25 دولار للبرميل في اليوم السابق.
وذكر التقرير اليومي لمنظمة الدول المصدرة للبترول “أوبك” أمس، أن سعر السلة التى تضم متوسطات أسعار 13 خاما من إنتاج الدول الأعضاء حقق أول ارتفاع عقب عدة انخفاضات على التوالي وأن السلة كسبت نحو دولار واحد مقارنة باليوم نفسه من الأسبوع الماضي الذي سجلت فيه 75.24 دولار للبرميل.