يواجه الفلسطينيون بالضفة الغربية لليوم الثالث على التوالي شحا كبيرا بتوفير الوقود، كما يعيشون إغلاقا إسرائيليا مشددا على المعابر وبين المدن والقرى، وسط توقعات بتزويد الوقود للمحطات اليوم الأحد.
ومنذ شرعت إسرائيل بقصف إيران استيقظ الفلسطينيون في الضفة الغربية، وخاصة في شمالها، بمدن مثل نابلس وقلقيلية، على أزمة وقود حادة، نفدت معها الكميات التي كانت مخزنة مع ساعات الظهر تقريبا، وتدافع الناس بالآلاف للتزود بالوقود وتخزينه.
ويروي المواطن الفلسطيني ياسر الشيخ كيف عاد أدراجه إلى منزله في مخيم بلاطة قرب مدينة نابلس شمال الضفة الغربية قبل أن يتمكن من إتمام رحلته بسبب عدم تمكنه من التزود بالوقود من أي محطة للمحروقات في المدينة.
تهافت على محطات الوقود
بعد محاولات كثيرة جاب عبرها معظم محطات الوقود في المدينة، لم يحظ الشيخ بأي شيء، وبالكاد عاد إلى منزله قبل أن يفقد آخر قطرات في مركبته التي بدأت تشير ساعتها إلى قرب نفاد الكمية القليلة المتبقية بداخلها.
ويقول الشيخ إنه لا يعرف متى سيتم توفير الوقود، لكنه يتابع بشكل حثيث مواقع التواصل لمعرفة آخر الأخبار وأماكن توفر الوقود، ويضيف أن بعض أصحاب المحطات قالوا إنهم تلقوا وعودا بتوفيره اليوم الأحد.
ويؤكد -في حديثه للجزيرة نت- أنه لن يأتي بمركبته لعمله وسط نابلس، وسيستخدم المواصلات العامة التي تواجه هي الأخرى أزمة بفعل نفاد الوقود.
وكانت الأزمة حاضرة فعلا لدى سائق التاكسي إياد سالم الذي قال إنه عبأ سيارته بالكامل من البنزين، وملأ 4 غالونات أخرى (الغالون سعة 16 لترا)، وكلفه ذلك نحو 170 دولارا.
ويقول سالم للجزيرة نت إنه اضطر لتعبئة هذه الكمية نظرا لحاجته لها، فهو يعمل سائق أجرة، ويضيف “مركبتي حديثة وتعمل بالوقود والطاقة الكهربائية معا، ولهذا ستكفيني كمية الوقود التي ابتعتها لشهر تقريبا”.
ولم تكن -حسب سالم- أي أزمة لحظة وصوله صباح الجمعة الماضي إلى محطة الوقود بنابلس، لكن بعد ساعات فقط من انتشار خبر الهجوم الإسرائيلي على إيران، تهافت الناس وبدأ الوقود يتقلص داخل محطات المحروقات التي أخذت تحدد الكمية المبيعة للمواطنين.

وعود بالتوريد
رسميا، ورغم إعلان هيئة البترول أن العمل جار لتوفير إمدادات الوقود والغاز كالمعتاد اليوم الأحد، فإن المواطنين لا يزالون يعيشون حالة من الإرباك بفعل نقص الوقود، واصطف كثيرون منذ ساعات الصباح عند محطات المحروقات بانتظار قدومه.
ودعا رئيس هيئة البترول، مجد الحسن، في بيان رسمي وصل الجزيرة نت، المواطنين إلى عدم التهافت على محطات الوقود، مشيرا إلى أنهم يواصلون إجراءاتهم بالتنسيق مع هيئة الشؤون المدنية وجهات الاختصاص لتوريد الوقود اليوم الأحد.
وفي الأثناء، تداول المواطنون معلومة عبر مواقع التواصل، مفادها أن إسرائيل ستورد المحروقات اليوم إلى الضفة الغربية، وسيتم ضبط البيع لكل مركبة بنحو 30 دولارا فقط، مما يعكس شعورا بالخوف من تكرار الأزمة، وبأن إسرائيل ربما لا تزود الفلسطينيين بكميات كبيرة كما كان في السابق.
من جهته، يقول ياسر الشكعة، وهو صاحب محطة محروقات وسط نابلس، إنه شهد ومنذ فجر الجمعة تهافتا كبيرا على شراء الوقود، أدى ذلك لنفاد المخزون لديه بعد ساعات فقط.
وتتراوح سعة الشاحنة التي تزود الشكعة بالوقود بين 25 ألف لتر و38 ألف لتر، الثلث من مادة البنزين وضعفهما من السولار، وعادة ما تكفي الكمية لـ3 أو 4 أيام، إلا أنه لم تكن كذلك هذه المرة.
ويضيف أن إسرائيل تحدد -عادة- الكمية المطلوبة للسوق الفلسطيني، وترسلها إلى هيئة البترول الفلسطينية التي تقوم بدورها بتوزيعها للتجار بالضفة، كل حسب احتياجه، مبينا أنه لا يعرف كيف سيتم التوزيع هذه المرة.
ويوضح الشكعة أن الإسرائيليين يتخوفون دوما من الأزمات ولا يتحملونها ويعلنون حالة الطوارئ، وأنهم بالدرجة الأولى يهتمون بأنفسهم وحاجتهم، ولا يكترثون للفلسطينيين.
ويقول: “الوضع الاقتصادي لدينا يرتبط دوما بالحالة السياسية”.
ويؤكد الشكعة أن الجهات الصحية والإسعاف والطوارئ لها الأولوية، يليها الأمن والمواطن بعد ذلك، ويلفت إلى أن “المشكلة لدينا في الثقافة، وعلينا ضبط سلوكنا والاكتفاء بتعبئة كميات تتناسب مع حاجتنا وإتاحة المجال للآخرين”.
https://www.facebook.com/ShababFM101.4/posts/pfbid02FSTPxkxyySwe5hjM5nFSd3imqwPMvV6exwFPi8pnEVxL5n928PLb9N2NMtKFdfsCl
من ناحيته، يرى الخبير الاقتصادي مؤيد عفانة، أن التوريد يتم -عادة- بشكل منتظم وليس هناك أزمة، ولكن تخوف المواطنين فور شروع إسرائيل بالحرب زاد إقبالهم على تعبئة الوقود، مما خلق نقصا به، وتزامن ذلك مع نهاية الأسبوع وإغلاق إسرائيل للمعابر، وعطلة السبت.
ورغم أنه لا يظهر حتى الآن إذا ما كانت إسرائيل ستقلص من كميات الوقود للفلسطينيين أو تضيق عليهم، فإن عفانة حذر من تفاقم الأزمة فعلا إن استمرت إسرائيل بإغلاق الحواجز ومنعت وصول الوقود لمحطات المحروقات بشكل أو بآخر.