شهدت مدينة اللاذقية، المعقل الرئيسي للطائفة العلوية على الساحل السوري، يوماً دامياً اليوم (الأحد)، حيث قُتل ثلاثة أشخاص وأصيب أكثر من 40 آخرين خلال احتجاجات حاشدة. وتأتي هذه التطورات في ظل مناخ سياسي متوتر تشهده سوريا بعد الإطاحة بنظام الرئيس السابق بشار الأسد، مما يفتح الباب أمام تحديات أمنية وسياسية جديدة.
وتجمع آلاف المتظاهرين من أبناء الطائفة العلوية في ساحة الأزهري وسط مدينة اللاذقية، رافعين مطالب سياسية جوهرية تمثلت في الدعوة إلى تطبيق نظام سياسي لا مركزي في سوريا، بالإضافة إلى الإفراج عن آلاف المعتقلين من أبناء الطائفة في السجون. وسرعان ما تفاقم الموقف الميداني، حيث اندلعت أعمال عنف وإطلاق نار، مما أدى إلى سقوط ضحايا.
خلفية تاريخية وسياق سياسي متغير
تكتسب هذه الاحتجاجات أهمية خاصة بالنظر إلى الخلفية التاريخية للطائفة العلوية في سوريا. فعلى مدى عقود حكم عائلة الأسد، شكلت الطائفة العلوية الدعامة الأساسية للنظام، وشغل أبناؤها مناصب حساسة في الجيش والأجهزة الأمنية. هذا الارتباط التاريخي يجعل من خروج احتجاجات بهذا الحجم من داخل معاقلهم حدثاً فارقاً، يعكس حالة من القلق العميق حول مستقبل الطائفة ومكانتها في سوريا الجديدة.
ومع انهيار النظام السابق، تجد الطائفة العلوية نفسها في مواجهة واقع سياسي جديد وغير مألوف، يتسم بالغموض والمخاوف من أعمال انتقامية أو تهميش سياسي. ويبدو أن المطالبة بنظام لا مركزي أو فيدرالي تنبع من رغبة في تأمين شكل من أشكال الحكم الذاتي الذي يضمن حماية أمنية وسياسية لمناطق نفوذهم التقليدية، وعلى رأسها الساحل السوري.
الأهمية والتأثيرات المحتملة
على الصعيد المحلي، تمثل هذه الأحداث أول اختبار حقيقي للسلطة الانتقالية القائمة وقدرتها على إدارة التوترات الطائفية وضمان أمن جميع مكونات المجتمع السوري. إن طريقة التعامل مع هذه الاحتجاجات ومطالبها ستشكل مؤشراً مهماً على مسار المصالحة الوطنية وبناء الدولة في مرحلة ما بعد الأسد. كما أن سقوط قتلى يزيد من تعقيد المشهد ويرفع من احتمالات انزلاق المنطقة إلى دوامة جديدة من العنف.
أما إقليمياً ودولياً، فإن مصير الأقليات في سوريا، وخاصة الطائفة العلوية، يحظى بمراقبة حثيثة. وتخشى القوى الإقليمية والدولية من أن يؤدي أي فراغ أمني أو سياسي إلى تفجر صراعات طائفية واسعة النطاق قد تزعزع استقرار المنطقة بأكملها. وبالتالي، فإن هذه الاحتجاجات قد تدفع المجتمع الدولي إلى زيادة ضغوطه على الحكومة السورية الجديدة لتبني نهج شامل يضمن حقوق جميع المواطنين ويحول دون تصفية الحسابات السياسية.
وقد أكد بيان صادر عن المكتب الإعلامي لمحافظة اللاذقية حصيلة الضحايا، مشيراً إلى مقتل ثلاثة أشخاص وإصابة أكثر من 40، دون أن يوضح ما إذا كانت جميع الإصابات قد وقعت في ساحة الأزهري أم شملت مدناً أخرى تشهد احتجاجات مماثلة، مما يترك الباب مفتوحاً أمام تساؤلات حول حجم الاضطرابات الحقيقي في المنطقة.
The post مقتل 3 في احتجاجات العلويين باللاذقية والساحل السوري appeared first on أخبار السعودية | SAUDI NEWS.













