بقلم: يورونيوز
نشرت في
أفادت شبكة “NBC News” الأميركية بأن المسؤولين الإسرائيليين باتوا أكثر قلقًا إزاء ما يصفونه بـ”توسّع إيران في إنتاج الصواريخ الباليستية” ضمن برنامجها الصاروخي، وهو البرنامج الذي تضرّر جزئيًا نتيجة ضربات عسكرية إسرائيلية نُفذت في وقت سابق من هذا العام.
وأضافت الشبكة أن الإسرائيليين يستعدون لاطلاع الرئيس الأميركي دونالد ترامب على خيارات محتملة لإعادة استهداف هذا القطاع عسكريًا، وذلك بحسب شخص مطّلع مباشرة على الخطط، وأربعة مسؤولين أميركيين سابقين جرى إطلاعهم عليها.
وأعرب المسؤولون الإسرائيليون أيضًا عن قلقهم من أن إيران تعمل على إعادة تأهيل مواقع تخصيب نووية كانت الولايات المتحدة قد قصفتها في يونيو/حزيران الماضي.
غير أن المصادر أوضحت للشبكة أن تل أبيب ترى أن محاولات طهران إعادة بناء منشآت إنتاج الصواريخ الباليستية، إلى جانب إصلاح أنظمة الدفاع الجوي التي تضررت بشدة، تمثل مصدر القلق الأكثر إلحاحًا في المرحلة الراهنة.
وذكرت “NBC News” أن من المتوقع أن يلتقي ترامب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في وقت لاحق من هذا الشهر في ولاية فلوريدا، داخل منتجع مارالاغو العائد لترامب.
وخلال هذا اللقاء، يتوقع – وفق المصادر – أن يسعى نتنياهو إلى إقناع ترامب بأن زيادة وتيرة إنتاج الصواريخ الباليستية الإيرانية تشكّل تهديدًا قد يستدعي تحركًا سريعًا.
وأضافت أن جزءًا من حجّة نتنياهو المرتقبة يتمثل في أن التحركات الإيرانية لا تشكّل خطرًا على إسرائيل وحدها، بل تمثل تهديدًا أوسع للمنطقة بأسرها، بما في ذلك المصالح الأميركية.
كما يُتوقع أن يعرض رئيس الوزراء على ترامب خيارات مختلفة لمشاركة الولايات المتحدة أو تقديمها دعمًا لأي عمليات عسكرية جديدة محتملة، بحسب المصادر.
وعند سؤاله يوم الخميس عن اجتماع محتمل مع نتنياهو في 29 ديسمبر/كانون الأول، قال ترامب للصحافيين: “لم نرتب الأمر رسميًا، لكنه يرغب في لقائي”، في حين أعلن مسؤولون إسرائيليون أن الاجتماع سيُعقد بالفعل في هذا التاريخ.
وأشارت “NBC News” إلى أن الحكومة الإسرائيلية امتنعت عن التعليق على هذه المعلومات، كما لم ترد البعثة الإيرانية لدى الأمم المتحدة على طلب للتعليق.
وقالت المتحدثة باسم البيت الأبيض آنا كيلي: “أكدت الوكالة الدولية للطاقة الذرية والحكومة الإيرانية تقييم الحكومة الأميركية بأن عملية “مطرقة منتصف الليل” قضت بالكامل على القدرات النووية الإيرانية“. وأضافت: “كما قال الرئيس ترامب، إذا سعت إيران إلى امتلاك سلاح نووي، فسيتم استهداف ذلك الموقع والقضاء عليه قبل أن تقترب حتى من تحقيق هذا الهدف”.
وتأتي خطط إسرائيل لإطلاع ترامب على إمكانية تنفيذ ضربات عسكرية إضافية ضد إيران، ومنحه خيار المشاركة فيها، في وقت يدرس فيه الرئيس الأميركي تنفيذ ضربات عسكرية محتملة في فنزويلا، وهو ما قد يفتح جبهة حرب جديدة للولايات المتحدة، بالتوازي مع ترويج ترامب لحملة إدارته العسكرية ضد البرنامج النووي الإيراني، ولما يعتبره نجاحًا في التوصل إلى وقف لإطلاق النار بين إسرائيل وحركة حماس.
وفي خطاب للأمة ألقاه يوم الأربعاء، قال ترامب، إنه “دمّر التهديد النووي الإيراني وأنهى الحرب في غزة، محققًا للمرة الأولى منذ 3000 عام السلام في الشرق الأوسط”.
وأوضحت “NBC News” أن المخاوف الإسرائيلية تتزامن مع إبداء طهران اهتمامًا باستئناف محادثات دبلوماسية مع الولايات المتحدة تهدف إلى تقييد برنامجها النووي، وهو ما قد يعقّد مساعي إسرائيل لإقناع ترامب بالموافقة على تنفيذ ضربات جديدة.
كما نقلت الشبكة عن الشخص المطّلع مباشرة على الخطط الإسرائيلية قوله إن “تمويل إيران لوكلائها في المنطقة” يشكّل أيضًا مصدر قلق رئيسيًا للمسؤولين الإسرائيليين. وأضاف: “برنامج الأسلحة النووية مقلق للغاية. هناك محاولة لإعادة بنائه، لكنه ليس التهديد الأكثر إلحاحًا في الوقت الراهن”.
وذكرت “NBC News” أن الضربات الأميركية التي نُفذت ضد إيران في يونيو/حزيران، والمعروفة باسم عملية “مطرقة منتصف الليل”، شاركت فيها أكثر من 100 طائرة، وغواصة واحدة، وسبع قاذفات من طراز B-2. وقال ترامب إن هذه الضربات “قضت بالكامل” على مواقع تخصيب اليورانيوم الإيرانية، إلا أن تقييمات أولية، بحسب الشبكة، أشارت إلى أن الأضرار قد لا تكون بالحجم الذي وصفه الرئيس.
وأضافت الشبكة أن القوات الإسرائيلية نفذت في الوقت نفسه ضربات استهدفت عددًا من مواقع الصواريخ الباليستية الإيرانية، كما أن ضربات إسرائيلية نُفذت في أبريل/نيسان وأكتوبر/تشرين الأول 2024 أدت إلى إلحاق أضرار بجميع أنظمة الدفاع الجوي الإيرانية من طراز S-300، وهي الأكثر تطورًا لدى إيران، ما مهّد لاحقًا الطريق أمام تنفيذ طلعات جوية مأهولة داخل الأجواء الإيرانية بعد تقليص التهديد الذي يواجه الطيارين بشكل كبير.
وعلى خلاف الضربات التي استهدفت منشآت إنتاج الصواريخ، تطلّب إلحاق أضرار كبيرة بالمواقع النووية الإيرانية تدخلًا عسكريًا أميركيًا مباشرًا، نظرًا للحاجة إلى استخدام قنابل خارقة للتحصينات أميركية الصنع تزن 30 ألف رطل.
محادثات محتملة بين طهران وواشنطن؟
ولمح ترامب الأسبوع الماضي إلى إمكانية العودة إلى المحادثات مع إيران، لكنه حذّر في الوقت نفسه طهران من محاولة إعادة بناء برامجها الصاروخية أو النووية. وقال إن إيران “يمكنها أن تحاول” إعادة بناء قدرتها على إنتاج الصواريخ الباليستية، “لكن الأمر سيستغرق منها وقتًا طويلًا”.
وأضاف ترامب: “لكن إذا حاولوا العودة من دون اتفاق، فسنقضي على ذلك أيضًا. يمكننا تدمير صواريخهم بسرعة كبيرة، ولدينا قوة هائلة”.وأفادت “NBC News” بأنه قبل ضربات يونيو/حزيران، عرض المسؤولون الإسرائيليون على ترامب أربعة خيارات للتحرك العسكري، شملت تنفيذ إسرائيل للعملية بمفردها، أو بدعم أميركي محدود، أو تنفيذ عمليات مشتركة بين الولايات المتحدة وإسرائيل، أو أن تتولى الولايات المتحدة تنفيذ العملية وحدها. وفي نهاية المطاف، قرر ترامب الموافقة على عملية مشتركة.
نتنياهو يحضّر ملفاته للاجتماع
وأضاف الشخص المطّلع على الخطط الإسرائيلية أن نتنياهو قد يعرض مجموعة خيارات مشابهة خلال اجتماع مارالاغو. وأشار إلى أن اتفاق وقف إطلاق النار الهش بين إسرائيل وحماس يُتوقع أن يحتل مكانة بارزة في محادثات نتنياهو وترامب، وسط مخاوف من أن الطرفين لا يتخذان خطوات كافية لتنفيذ المرحلة التالية من الاتفاق.
وبموجب المرحلة الثانية من الاتفاق، يُفترض أن تسحب إسرائيل قواتها من قطاع غزة، وأن تتولى هيئة انتقالية إدارة القطاع بدلًا من حركة حماس، على أن يتم كذلك نشر قوة استقرار دولية في غزة.
ونقلت “NBC News” عن مسؤولين إسرائيليين سابقين قولهم إن ترامب قد يكون أقل حماسًا لأي تحرك عسكري جديد ضد إيران إذا استمر التوتر بين المسؤولين الأميركيين والإسرائيليين بشأن طريقة تعامل نتنياهو مع ملف وقف إطلاق النار. وبحسب الشبكة، فإن إنتاج إيران من الصواريخ الباليستية قد يصل، في حال عدم كبحه، إلى نحو 3000 صاروخ سنويًا. وقال أحد المسؤولين الإسرائيليين السابقين، الذي ناقش هذه المخاوف مع مسؤولين إسرائيليين حاليين، إن تهديد الصواريخ الباليستية وعددها المحتمل في أي هجوم يمثل مصدر القلق الأكثر إلحاحًا بالنسبة لإسرائيل.
وأضاف: “لا يوجد شك حقيقي، بعد الصراع الأخير، في أننا قادرون على تحقيق تفوق جوي وإلحاق أضرار بإيران تفوق ما يمكن أن تلحقه بنا. لكن تهديد الصواريخ حقيقي جدًا، ولم نتمكن من منعها كلها في المرة الماضية”.
وأشار الشخص المطّلع مباشرة على الخطط الإسرائيلية، إلى جانب أحد المسؤولين الأميركيين السابقين، إلى أن امتلاك إيران عددًا كبيرًا من الصواريخ الباليستية سيساعدها على تحسين حماية مواقع تخصيبها النووي.
وأضاف أن المسؤولين الإسرائيليين يساورهم القلق نفسه حيال إعادة بناء أنظمة الدفاع الصاروخي الإيرانية، وتمويل وتسليح “وكلائها” في المنطقة، إذ يرون أن ذلك قد يمكّن طهران من تسريع إعادة بناء برنامجها النووي نتيجة قدرتها المتزايدة على الدفاع عن منشآت التخصيب.













