نشرت في
في ليلة باردة من ديسمبر/كانون الأول، احتشد نحو خمسين شخصًا في مطعم Butterworth’s بكابيتول هيل، المفضّل لدى النخبة المؤيدة لحركة”ماغا/ MAGA” أو “لنجعل أمريكا عظيمة مرة أخرى”، للاحتفال بإعادة نشر الرواية الفرنسية المثيرة للجدل معسكر القديسين.
وصدرت هذه الرواية للكاتب جان راسبايل، عام 1973، وتصوّر تدمير الحضارة الأوروبية على يد أسطول من المهاجرين يصل من الهند.
وعلى الرغم من رفض معظم النقاد للرواية، إلا أن اليمين الفرنسي الأمريكي والأوروبي يعتبرها تحذيرًا تنبؤيًا، وتشكّل مصدر إلهام لعدد من صانعي السياسات اليمينية، بمن فيهم ستيفن ميلر وستيف بانون.
“نهاية الغرب” كما يتصور راسبايل
تستعير الرواية عنوانها من سفر الرؤيا في الكتاب المقدس، حيث تصوّر هجوم جحافل شيطانية على العالم الأخير.
وفي الرواية، أوروبا هي “معسكر القديسين”، والمهاجرون هم “جوج ومجوج”، أسطول مؤلف من مليون مهاجر. ويتسم تصوير راسبايل للمهاجرين بـ”المبالغة الشديدة”، حيث يُصوّرهم على أنهم “بلا إنسانية”، بلا أطفال طبيعيين، ويقودهم شخصية واحدة تُعرف باسم “أكل البراز” مع طفله الوحشي.
ويرى المدافعون عن الرواية أن النقد يركز بشكل مبالغ فيه على هذا التصوير، معتبرين أن القصة في جوهرها تنتقد الفرنسيين أنفسهم الذين “لم يدركوا مخاطر التهاون مع الهجرة”.
تأثير الرواية على الفكر السياسي
يشير خبراء إلى أن الرواية تلعب دورًا في تشكيل الأساطير السياسية، من خلال إثارة المخاوف من الهجرة وتصويرها على أنها تهديد وجودي للحضارة الأوروبية والأمريكية، ما يبرر في نظر بعض القراء اتخاذ تدابير استثنائية لمواجهتها.
كما تساهم الرواية في ترسيخ مفهوم “الاستبدال الكبير” للسكان الأصليين على يد المهاجرين من الجنوب العالمي.
وينتقد راسبايل النخبة الفرنسية التي تحركها مشاعر الذنب الاستعماري والتزامها بـ”المثل الإنسانية”، معتبراً أن “استسلامها للمهاجرين قد يؤدي إلى سقوط الحضارة ذاتها”.
كما تعرض الرواية الجيش الفرنسي متحللاً من الداخل، بينما يعجز الرئيس عن حماية البلاد، في حين تتعرض المدنيين للكارثة من جميع الجهات.
من أوروبا إلى الولايات المتحدة
منذ نشرها عام 1973، لاقت الرواية استهجانًا واسعًا، لكن بعض الشخصيات البارزة في اليمين الفرنسي اعتبرتها تحذيرية، مثل مارين لوبان، التي قرأتها وهي في الثامنة عشرة وما زالت تحتفظ بنسخة أولى موقعة في مكتبها.
ولم تظل الرواية محصورة في فرنسا، بل امتد تأثيرها إلى شخصيات سياسية أمريكية يمينية مثل ترامب وروبيو وج. د. فانس، الذين تأثروا بها بشكل مباشر أو غير مباشر.
كما أثرت الرواية على اثنين من مهندسي سياسات الهجرة في إدارة دونالد ترامب: ستيفن ميلر، نائب رئيس موظفي البيت الأبيض، الذي أوصى بها في رسائل بريد إلكتروني لصحفيي “برايتبارت”، وستيف بانون، مستشار الرئيس السابق، الذي يذكرها كثيرًا.
واستخدم ترامب لغة تحذيرية مماثلة، ودعا إلى صد “الغزو المهاجر” عبر الحدود الجنوبية للولايات المتحدة، بينما عمل مسؤولون مثل روبيو على ترويج سياسات هجرة صارمة على المستوى الدولي.
كما تأثرت السياسة الخارجية الأمريكية بالرواية، إذ ركّزت الاستراتيجية الوطنية للأمن القومي الأخيرة على ما وصفته بـ”تآكل الحضارة الأوروبية”، وحثّت أوروبا على استعادة ثقتها الوطنية والحضارية.
نقد أدبي للرواية
لا يرى خبراء الأدب في الرواية قيمة فنية كبيرة. وتوضح الأستاذة سيْسيل ألدوي من جامعة ستانفورد: “السرد غير منظم، والأسلوب ثقيل، والاستعارات غريبة، والشخصيات ضعيفة البناء”.
ورغم ذلك، تبرز الرواية بقوة في تصوير الغزو المهاجر، فتثير رد فعل عاطفي يمكن استغلاله سياسيًا.
وحتى الشخصيات التي تتخطى الحدود العرقية في الرواية، مثل monsieur Hamadura، تُواجه تناقضات كبيرة مع بقية النص، فمن من ناحية تُصور الحضارة على أنها مرتبطة بالعرق الأبيض، ومن ناحية أخرى تلمّح إلى أن الحضارة يمكن أن تكون حالة ذهنية يمكن أن يمتلكها الجميع.













