بقلم: يورونيوز
نشرت في
في 27 تشرين الثاني/نوفمبر 2025، وُضع بوعقبة، البالغ 79 عامًا، رهن الحبس المؤقت إثر جلسة محاكمة فورية، عقب شكوى تقدّمت بها مهدية بن بلة، ابنة أول رئيس للجزائر المستقلة أحمد بن بلة، اتهمته فيها بـ”الإساءة إلى رموز الثورة” وبـ”نشر معلومات كاذبة وخاطئة ومشينة تمس برموز الدولة ورموز ثورة التحرير الوطني”. وقد انضمت وزارة المجاهدين إلى القضية بصفتها طرفًا مدنيًا.
لماذا أثار ملف “كنز الجبهة” كل هذا الجدل؟
جاءت القضية على خلفية ظهور بوعقبة قبل أيام في برنامج يبث عبر منصة يوتيوب، حيث استعاد قضية “خزينة جبهة التحرير الوطني” أو “كنز الجبهة”، وهو ملف يعود إلى فترة الثورة التحريرية بين 1954 و1962، ومتعلق بالأموال المودعة في مصارف سويسرية لدعم الثورة.
اعتمد بوعقبة في حديثه على ما أورده الكاتب الفرنسي الراحل بيار بيان في كتابه “المتطرف: فرانسوا جونو، من هتلر إلى كارلوس” (1996)، الذي يوثق دور المصرفي السويسري جونو في إدارة أموال الجبهة، وما أثارته تلك الأموال من صراع سياسي بعد الاستقلال وحتى الثمانينيات بين كبار المسؤولين وبعض شخصيات المعارضة التاريخية المنفية.
ورغم عدم توجيهه اتهامًا صريحًا لبن بلة بالاستيلاء على الأموال، إلا أن ابنته رأت أن طرح الموضوع يشكل “اعتداءً على مكانة والدها، أحد رموز الدولة الجزائرية”.
وأقدمت الشرطة، إضافة إلى توقيف بوعقبة، على إغلاق مقر القناة التي ظهر فيها بالشمع الأحمر، واعتقلت مديرها بالتهمة ذاتها قبل أن تُخلي سبيله.
ومن المنتظر أن تبدأ محاكمة بوعقبة في الرابع من كانون الأول/ديسمبر، في وقت يتصاعد فيه الجدل حول مساحة التعبير المسموح بها، وحول كيفية التعامل مع ملفات تاريخية خلافية ما زالت تشكل جزءًا حساسًا من السردية الوطنية.
مسيرة طويلة.. ونزاعات متكررة مع القضاء
يُعدّ بوعقبة أحد أقدم الصحافيين الجزائريين وأبرز المعلّقين السياسيين منذ سبعينيات القرن الماضي، واشتهر بكتاباته في الصحف الناطقة بالعربية وبزاوياته التي أثارت جدلًا مستمرًا في المشهد الإعلامي.
بدأ مسيرته المهنية في الصحافة الحكومية قبل انتقاله إلى صحف خاصة مثل “الخبر” و”الشروق”، وظلّ حاضرًا في النقاش العام عبر مقالاته التي تمزج بين النقد السياسي واستعادة الذاكرة التاريخية. ويُعرف بوعقبة أيضًا بظهوره في برامج الرأي والمقابلات، حيث غالبًا ما يقدّم قراءات تحليلية.
وسبق أن تعرض بوعقبة للاعتقال في 1992 بعد انتقاده اعتقال عشرات الإسلاميين في بدايات عهد الرئيس محمد بوضياف الذي اغتيل بعد نحو ستة أشهر من توليه السلطة. ومرّ أيضًا بتجارب ملاحقة وسجن عام 1996. كما حُكم عليه في 2023 بالسجن ستة أشهر نافذة إثر مقال ساخر عن منطقة يصوّت سكانها بكثافة رغم عدم تحسّن أوضاعهم الاقتصادية، إضافة إلى سحب جواز سفره.
وخلال سلسلة المقابلات التي أجراها مؤخرًا على القناة التي أُغلقت لاحقًا، استعاد بوعقبة مسيرته الطويلة في الصحافة، وعلاقاته بمسؤولين وشخصيات من حقبة الاستقلال، وكذلك نزاعاته المتكررة مع القضاء.













