نشرت في
مع أن زيارة الرئيس السوري الانتقالي أحمد الشرع إلى أمريكا ضَمَت العديد من المحطات اللافتة، كاستقبال الرئيس دونالد ترامب إياه في المكتب البيضاوي، وظهوره في فيديو وهو يلعب كرة السلة مع ضباط أمريكيين، وتجواله في شوارع العاصمة واشنطن، وهي التي كانت قد رصدت مبلغ 10 ملايين دولار مقابل رأسه، فإن إحدى هذه المشاهد، التي لا تقل غرابة عن سواها، هي ظهوره في مقابلة مع قناة “فوكس نيوز” الأمريكية وحواره الإعلامية جيليان تورنر، بانفتاح ظاهر، علمًا أنه كان يطلب من الإعلاميات أن يرتدينَ الحجاب أثناء الحديث معه.
فقبل هذه المقابلة بـ 11 شهرًا، عندما كان الشرع لا يزال يحتفظ بكنيته، أبو محمد الجولاني، وقبل سقوط دمشق في يد الجماعات المعارضة المسلحة، بقيادة هيئة تحرير الشام، التي كان يتزعمها، ظهر في مقابلة مع قناة “سي إن إن” مع الإعلامية جميلة كردشة، وهي تضع الحجاب على رأسها، في ما يبدو أنه استجابة لطلب من الشرع نفسه.
التعاطي مع النساء: تحت المجهر
ومنذ توليه السلطة، أخذت طريقة تعاطيه مع النساء حيزاً إعلامياً واسعاً، وسرعان ما أصبحت عدسات الكاميرات تلاحقه لرصد أي حركة يصدرها، سواء في ظهوره الإعلامي مع زوجته لطيفة الخروبي، أو في لقاءاته مع شخصيات دبلوماسية نسائية، أو حتى في تعامله مع العامة.
ويمكن القول إن هذه التفاصيل لم تكن مجرد مقياس لمدى الالتزام الديني أو التشدد عند الشرع فحسب، بل تحولت إلى اختبار حقيقي لمرونة الرئيس السوري الجديد، ونافذة عبرها يتطلع المراقبون لمعرفة ما إذا كان سيفرض قيمه الدينية على سوريا الجديدة، وهو القادم من خلفية جهادية واضحة.
موقف ثابت من مصافحة النساء؟
فخلال لقائه بكريستالينا جورجيفا، مديرة صندوق النقد الدولي، في واشنطن، امتنع الشرع عن المصافحة، في خطوة ذكّرت بموقف مماثل له مع وزيرة الخارجية الألمانية السابقة أنالينا بيربوك أثناء زيارتها التاريخية إلى سوريا في يناير الماضي.
وفي تلك الزيارة التي قامت بها برفقة نظيرها الفرنسي جان إيف لودريان، وضع الرئيس يديه على صدره، متجنبًا ملامستها، مما أثار جدلاً واسعاً.
وقد ردت بيربوك لاحقًا بالقول إن الموقف لم يكن مفاجئًا لها، وأضافت: “كان من الواضح لي منذ بداية الزيارة أن المصافحات التقليدية لن تحدث، وكان اللقاء مقتصرًا على تبادل النقاشات الرسمية فقط”. ورأت أن هذه الحالة كانت متوقعة في إطار العلاقات الدبلوماسية الحالية مع الحكومة السورية الجديدة.
موقف آخر
إلى جانب ذلك، كان قد انتشر للشرع مقطع على وسائل التواصل الاجتماعي، لشابة سورية غير محجبة طلبت منه أن تأخذ معه صورة، فأشار إليها بأن تضع قبعة على رأسها حتى يتمكن من التصوير معها، وقد تفاوتت ردود الفعل تجاه الموقف، علمًا أن الشابة أوضحت في أكثر من مناسبة لاحقًا أن ما حصل لم يزعجها.
ورد الشرع خلال مقابلة مع المحرر الدولي لبي بي سي، جيرمي بوين، على امتعاض الناس من تلك الحادثة بالقول: “لم أجبرها، هذه حريتي الشخصية، فأنا أحب أن أُصَوَّر بالطريقة التي تناسبني”.
نسخة أكثر اعتدالًا؟
وفيما يرى بعض المراقبين أن مواقف الرئيس لا تزال تحمل بصمات من ماضيه، رغم محاولاته المتكررة لتجاوز ذلك، يعبّر آخرون عن إعجابهم بشخصيته التي “ترفض المجاملة السياسية” وتمسكه بما يصفونه “بقيمه الدينية”. لكن، وبما أن للسياسة متطلباتها الخاصة، يبقى السؤال المطروح: هل يشهد العالم حقاً على ظهور نسخة أكثر اعتدالًا من رجل دمشق القوي؟












