بقلم: يورونيوز
         نشرت في
            
            
تستعد الهيئة العامة للكنيست الإسرائيلي، يوم الأربعاء المقبل، لبحث مشروع قانون مثير للجدل يقضي بفرض عقوبة الإعدام على الأسرى الفلسطينيين المدانين بعمليات تصفها إسرائيل بأنها “إرهابية”، وذلك بعد أن صادقت لجنة الأمن القومي في الكنيست اليوم الاثنين 3 تشرين الثاني/نوفمبر على المضي به قدماً، تمهيدًا لقراءته الأولى، في خطوة اعتبرتها حركة “حماس” ومنظمات حقوقية “تصعيدًا خطيرًا” يشرعن القتل الجماعي ضد الفلسطينيين.
خلفية سياسية وأمنية
ويُعد القانون من أبرز المطالب التي تبناها وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير منذ دخوله الحكومة، باعتباره خطوة لـ”تعزيز الردع” و”تحقيق العدالة لضحايا الإرهاب”، بينما يرى منتقدوه أنه محاولة لتوظيف الغضب الشعبي بعد هجمات السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023 لترسيخ سياسة انتقامية جديدة ضد الفلسطينيين.
في السابق، واجه مشروع القانون معارضة من بعض الأجهزة الأمنية ومنسق الحكومة لشؤون الرهائن والمفقودين غال هيرش، الذي كان قد دعا إلى تأجيل النقاش في أيلول/سبتمبر الماضي خشية أن تؤدي مناقشته إلى ردود فعل انتقامية من “حماس” تجاه الرهائن. إلا أن هيرش أعلن تغييره لموقفه قائلاً إن “الواقع اليوم مختلف”، مؤكداً أن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو يدعم القانون.
وأوضح هيرش خلال جلسة اللجنة أنه “بعد عودة الرهائن الأحياء، لم يعد سبب المعارضة قائمًا”، مضيفًا أن القانون يمكن أن يكون “وسيلة للضغط من أجل إعادة باقي رفات الرهائن إلى ديارهم”.
أما نتنياهو، الذي تجنب في السابق إعلان موقف حاسم، فقد أيّد المشروع هذه المرة صراحة، في مؤشر على اصطفاف الحكومة خلف المطلب الذي يقوده بن غفير.
مضمون القانون وآلياته
ينص مشروع القانون على منح المحاكم الإسرائيلية صلاحية إصدار حكم الإعدام بحق أي فلسطيني يُدان بقتل إسرائيلي بدافع قومي أو عنصري، أو “بنية الإضرار بدولة إسرائيل والشعب اليهودي”. ويُلزم النص القضاة بفرض العقوبة بشكل إلزامي، من دون السماح بأي تخفيف أو استبدال لاحق للحكم.
كما يسمح القانون بإصدار الحكم بأغلبية القضاة، ويمنع الحكومة أو الرئيس من تخفيف العقوبة أو العفو عنها في المستقبل.
ويطالب بن غفير بعدم منح القضاء أو الأجهزة الأمنية أي سلطة تقديرية في تطبيق القانون، قائلاً إن “كل من يخرج ليقتل يجب أن يعلم أن مصيره الإعدام. حان وقت العدالة”، وفق ما كتب على منصة “إكس”.
أبعاد شخصية
يحمل المشروع أيضًا بعدًا شخصيًا لمقدمته النائبة ليمور سون هار ميلخ من حزب “عوتسما يهوديت”، التي فقدت زوجها في هجوم مسلح عام 2003، وأُطلق سراح أحد منفذي الهجوم في صفقة تبادل الأسرى عام 2011. وقالت في مداخلتها أمام اللجنة إن “الإرهابي الميت لا يهاجم مرة أخرى ولا يُفرج عنه في صفقات التبادل”، معتبرة أن القانون “حماية ضرورية لأمن الإسرائيليين”.
لكن النائب جلعاد كريف من حزب العمل عارض المشروع، واصفًا إياه بأنه “قانون شعبوي ومتطرف لا يهدف إلى مكافحة الإرهاب بقدر ما يهدف إلى تهدئة المزاج السياسي الداخلي”. واتهم كريف نتنياهو بالرضوخ لضغوط بن غفير بعد تزايد انتقادات الأخير للحكومة على خلفية صفقة الرهائن ووقف إطلاق النار في غزة.
ردود الفعل الفلسطينية والدولية
في المقابل، أدانت حركة “حماس” مصادقة لجنة الأمن القومي على المشروع، ووصفت الخطوة بأنها “تجسيد للوجه الفاشي للاحتلال” و”انتهاك صارخ للقانون الدولي الإنساني واتفاقية جنيف الثالثة الخاصة بمعاملة الأسرى”.
وطالبت الأمم المتحدة والمجتمع الدولي بـ”التحرك العاجل لوقف الجريمة الوحشية”، وتشكيل لجان دولية لزيارة السجون الإسرائيلية والاطلاع على أوضاع المعتقلين الفلسطينيين، لا سيما بعد التقارير عن “التعذيب والانتهاكات في معتقل سديه تيمان”.
وأكدت “حماس” أن القانون يشكل “خطرًا مضاعفًا على حياة أكثر من 11 ألف أسير فلسطيني”، بينهم نساء وأطفال ومئات المعتقلين الإداريين، معتبرة أن إسرائيل “تمارس الإعدامات الميدانية منذ سنوات، والآن تمنح نفسها غطاءً قانونيًا لذلك”.
أما نادي الأسير الفلسطيني وهيئة شؤون الأسرى والمحررين، فاعتبرا أن المشروع “يُشرعن القتل الرسمي”، ويُعد “تطورًا خطيرًا في منظومة التشريعات الإسرائيلية التي تستهدف الإنسان الفلسطيني”، مشيرين إلى أن مثل هذه القوانين “تفتح الباب أمام ارتكاب جرائم حرب بشكل معلن”.
الجدل الداخلي والمخاوف الحقوقية
في الداخل الإسرائيلي، يثير القانون انقسامًا حادًا بين الأحزاب والهيئات الحقوقية. فقد حذّرت جمعيات قانونية مثل “بيتسيلم” و”جمعية حقوق المواطن” في بيانات سابقة من أنّ إقرار مثل هذا القانون “سيمثل سابقة خطيرة” في النظام القضائي الإسرائيلي، الذي لم ينفذ حكم إعدام منذ إعدام أدولف آيخمان عام 1962.
واعتبرت المنظمتان أنّ التشريع “تمييزي بطبيعته”، لأنه لا يشمل الإسرائيليين الذين يقتلون فلسطينيين بدوافع قومية. ورغم أن هذه المواقف ليست صادرة اليوم، فإنها لا تزال حاضرة في النقاش الإسرائيلي الدائر حاليًا حول مشروع القانون الجديد.




									 
					








