- قوة سوق الأسهم البريطانية الحالية تعود جزئياً إلى الاستثمارات الكويتية وغيرها من استثمارات دول «التعاون»
- الإعلان عن صندوق بمليارات الجنيهات لدعم المصدِّرين البريطانيين الراغبين في الاستثمار بالخليج
أسامة دياب
قال وزير التجارة البريطاني كريس براينت إن زيارته إلى الكويت هي الأولى له، معربا عن سعادته البالغة بوجوده فيه، مضيفا: «أنا مؤرخ، وقد كتبت العديد من كتب التاريخ، ولذلك فإن مجيئي إلى مكان عاش فيه البشر منذ أقدم العصور أمر مثير وممتع للغاية».
وأوضح براينت، في مؤتمر صحافي جمعه مع عدد من ممثلي وسائل الاعلام المحلية، أن «السبب الرئيسي لزيارته هو دعم وتعزيز التعاون التجاري»، مشيرا إلى أن «الكثير من الناس في دول الخليج ارتبطوا بأعمال تجارية مع المملكة المتحدة على مدى سنوات وعقود وقرون، ونحن نريد البناء على هذا الإرث، ونسعى لإتمام اتفاقية التجارة الحرة في أقرب وقت ممكن».
وأضاف «هناك العديد من المجالات التي تتوافق فيها المنطقة مع المملكة المتحدة، ونرغب في تعزيز هذا التوافق، وقد أجرينا مناقشات جيدة جدا، وربما كانت أطول جولة من المحادثات بين الوزراء في البلدين، لكنها كانت إيجابية للغاية، وأنا متفائل جدا بأننا خلال الأسابيع القليلة المقبلة، أو على الأقل قريبا جدا، سنتمكن من التوصل إلى اتفاق موقع ومكتمل لاتفاقية التجارة الحرة بين الطرفين».
وذكر براينت أنه «يتبقى فقط بعض الأجزاء البسيطة التي تحتاج إلى تعديلها أو توضيحها، ونعمل على ذلك حاليا».
وبسؤاله عن آخر المستجدات في اتفاقية التجارة الحرة وموعد تنفيذها، أجاب «قريبا جدا، لا استطيع أن أحدد موعدا دقيقا لأنني لا أحب وضع مواعيد مصطنعة، لكن الموعد النهائي الذي حددته كان قبل أسبوعين، ونحن قريبون جدا، وهناك فقط بعض المجالات التي تحتاج إلى توضيح بين الطرفين، وسنعقد جولة أخرى من النقاشات الأسبوع المقبل في لندن، لكني أعتقد أن محادثات اليوم (أمس) كانت ناجحة جدا، وأنا سعيد للغاية بما حققناه».
وعما يمكن أن تقدمه المملكة المتحدة لدول الخليج لتعزيز الاستثمارات، قال «أريد أن أرى الاستثمارات تسير في الاتجاهين، فالكويت تاريخيا استثمرت كثيرا في المملكة المتحدة، ويمكن القول إن قوة سوق الأسهم البريطانية الحالية تعود جزئيا إلى الاستثمارات الكويتية وغيرها من استثمارات الخليج، وقد كانت دائما استثمارات آمنة وموثوقة، سواء كانت في أندية كرة القدم أو في البنية التحتية أو في قطاعات مختلفة».
وأضاف «أعلنا خلال الأيام الماضية عن صندوق ضخم بمليارات الجنيهات لدعم المصدرين البريطانيين الذين يرغبون في الاستثمار هنا في الخليج ضمن إطار تمويل الصادرات البريطاني. وفي النهاية، ما نحاول تحقيقه من خلال اتفاقية التجارة الحرة هو أكبر قدر ممكن من تحرير الأسواق حتى يتمكن الجميع من ممارسة مزيد من التجارة، فمن السهل توقيع الاتفاق، لكن المهم هو استخدامه فعليا، وهنا يأتي دور رجال الأعمال البريطانيين والخليجيين للعمل معا لتحقيق الازدهار الاقتصادي المشترك».
وتابع الوزير البريطاني «هذا الاتفاق يمكن أن يسهم في تعزيز الرخاء في المملكة المتحدة أيضا، كما أنه في وقت يبدو فيه أن التجارة الحرة تتراجع عالميا، فإن توقيع اتفاقية تجارة حرة بين المملكة المتحدة ودول الخليج يبعث برسالة قوية إلى العالم أن بريطانيا منفتحة على العالم وكذلك الخليج». وبسؤاله عن حجم الاستثمارات الكويتية في بريطانيا، قال «لا أعرف الرقم الدقيق، لكنه كبير جدا، وهي استثمارات من خلال الأسهم ورؤوس الأموال وصناديق أخرى وهي ضخمة للغاية في المملكة المتحدة، وأعتقد أن الرقم الرسمي مرتفع جدا، وإذا نظرنا إلى الفترة منذ توقيع اتفاقية الشراكة الاستثمارية، فإن مستوى الاستثمار في بريطانيا زاد بنحو الضعف تقريبا، لكن لا يمكننا تحديد أرقام نهائية».
وعن توافق الاتفاقية مع رؤية «الكويت 2035»، قال براينت «من الواضح أن أي دولة تعتمد على صناعة واحدة ستواجه صدمات مستقبلية، لذلك من المهم التنويع الاقتصادي، ونحن مستعدون لدعم الكويت في هذا المسار، وهذا ما تعمل عليه بالفعل الآن، ولهذا السبب فإن اتفاقية التجارة الحرة مهمة جدا لأنها تشمل قطاعات متعددة وتخفض الحواجز الجمركية وغيرها من العقبات أمام التجارة».
وأضاف «الاتفاق لا يقتصر على النفط والغاز والحديد والصلب، بل يشمل مجموعة أوسع من المنتجات، فأطلقت المملكة المتحدة في وقت سابق من هذا العام استراتيجية صناعية جديدة حددت ثمانية قطاعات رئيسية، نرى أننا نمتلك فيها ميزة خاصة، منها الهندسة المتقدمة (بما في ذلك الفضاء)، والخدمات المالية، والصناعات الإبداعية، ونريد أن نبرز هذه القطاعات في استراتيجيتنا التجارية».
وأشار إلى أن «الفنانين البريطانيين مثل إد شيران وأديل ودوا ليبا يحظون بجماهير كبيرة في الخليج، وكذلك الأفلام والمسلسلات البريطانية، وكل هذه الصناعات تمثل مجالات نرغب في تعزيز التعاون فيها».
وعن تفاصيل المباحثات مع الجانب الكويتي، أوضح براينت «ركزنا اليوم بشكل رئيسي على اتفاقية التجارة الحرة، وإذا افترضنا أننا سنوقع الاتفاقية خلال الأسابيع الخمسة أو الستة المقبلة، فسيكون العام المقبل هو عام العمل الحقيقي لضمان تطبيقها واستخدامها فعليا، لأن توقيع الاتفاق لا يكفي إن لم يتم تفعيله».
وعن تقييمه للعلاقات التجارية بين الكويت والمملكة المتحدة، قال الوزير البريطاني «إن العلاقة ممتازة منذ فترة طويلة جدا، والهيئة العامة للاستثمار الكويتية موجودة باستمرار في بريطانيا، وهناك نقاشات مستمرة واحترام متبادل كبير، ففي الغرفة التي أقيم فيها داخل السفارة توجد صورة لجلالة الملكة الراحلة إليزابيث الثانية خلال زيارتها هنا، وأعتقد أن هناك طابعا بريديا يحمل صورتها أيضا، وهذا يعكس عمق العلاقة بين البلدين».
وحول تأثير خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي على علاقاتها الاقتصادية مع دول الخليج، قال براينت «لو كنا لا نزال أعضاء في الاتحاد الأوروبي لما كنت هنا الآن أتفاوض على اتفاقية تجارة حرة، لأن هذا الأمر كان سيتم من قبل الاتحاد، وقد يستغرق الاتحاد وقتا طويلا لإنجاز مثل هذه الاتفاقية، لكن إن نجحنا نحن في إنجازها مع الخليج، فقد يساعد ذلك الاتحاد الأوروبي لاحقا».
وتابع «لقد بذلنا جهدا كبيرا في هذه المفاوضات لأننا نعتقد أن العلاقات التاريخية بين الخليج والمملكة المتحدة قوية ونريد البناء عليها، والتقيت اليوم بالكثير من الوزراء الذين يعرفون المملكة المتحدة جيدا، وهناك مستوى عال من الثقة المتبادلة، وهو أمر مهم جدا».
وأضاف «صحيح أن خروجنا من الاتحاد الأوروبي منحنا بعض الصعوبات إلى جانب المزايا، فإحدى المزايا هي قدرتنا على إبرام اتفاقياتنا بأنفسنا، لكن من السلبيات أننا ما زلنا بحاجة إلى اتفاقية أفضل مع الاتحاد الأوروبي ذاته».
وعن حجم التجارة الحالية مع دول مجلس التعاون الخليجي، قال براينت «نحن نعتقد أن الاتفاقية الجديدة ستزيد حجم التبادل التجاري بنسبة لا تقل عن 16.6%، لكنني أؤكد أن علينا أن نكون طموحين جدا في هذا المسار، لأنني أؤمن بالتجارة الحرة والعادلة وبالنظام القائم على القواعد، فعندما تبرم اتفاقا عليك أن تلتزم به، لأن ذلك يحقق الازدهار للجميع». وأوضح أن «جميع الاقتصادات تحتاج إلى التنوع ولا يمكنها الاعتماد على قطاع واحد فقط، لأن ذلك يجعلها عرضة للتقلبات. ولهذا نريد اتفاقية متوازنة تحقق المنفعة للطرفين».
وختم قائلا «أعتقد أن اتفاقية التجارة الحرة التي نعمل عليها ستكون من أكثر الاتفاقيات طموحا في العالم، ومن أقوى الاتفاقيات التي يبرمها الخليج، ويجب أن نفخر بذلك. وكما تقول المغنية بيت ميدلر: عليك أن تعطي قليلا وتأخذ قليلا، وهذا هو جوهر اتفاقيات التجارة».












