- 120 مليون لاجئ ونازح حول العالم نتيجة لتعدد الصراعات والحروب والمساعدات غير كافية
أسامة دياب
قال المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين فيليبو غراندي إن زيارته إلى الكويت تأتي في إطار التعبير عن التقدير والامتنان للشعب والحكومة الكويتية على الدعم الكبير والمتواصل الذي قدماه للمفوضية خلال السنوات الماضية.
وأضاف غراندي في مؤتمر صحافي عقده مع ممثلي وسائل الإعلام المحلية على هامش زيارته للبلاد، أن هذه هي المرة الثالثة التي يزور فيها الكويت بصفته مفوضا ساميا، والأخيرة قبل مغادرته منصبه نهاية العام الحالي، مشيرا إلى أن للكويت «تاريخا طويلا في تقديم المساعدات الإنسانية والإنمائية حول العالم، ودورا رياديا في هذا المجال على مستوى دول مجلس التعاون الخليجي».
وأوضح أنه أجرى لقاءات مع سمو ولي العهد الشيخ صباح الخالد، وسمو رئيس مجلس الوزراء الشيخ أحمدالعبدالله، ومسؤولين حكوميين آخرين، مضيفا أنه تم خلال الزيارة توقيع اتفاقيتيــن تمويليتين جديدتين تتعلقان بالوضع في السودان، إحداهما لتقديم المساعدات الإنسانية داخل السودان، والأخرى لدعم اللاجئين السودانيين في تشاد، بقيمة تقارب ستة ملايين دولار، مؤكدا أن «هذه مساهمة جيدة من الكويت في عمل المفوضية»، وأن مناقشات أخرى تجري بشأن مساهمات مستقبلية إضافية.
وأشار غراندي إلى أن أحد المواضيع الرئيسية التي تناولها في محادثاته مع الحكومة الكويتية هو الوضع في سورية، مؤكدا أن المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين «هي المنظمة الأممية الرائدة في شؤون اللاجئين والنزوح القسري».
وأوضح أن عدد اللاجئين والنازحين حول العالم ارتفع بشكل كبير خلال السنوات الـ 10 الماضية التي تولى فيها قيادة المفوضية، مبينا أنه «حين تسلم المنصب من أنطونيو غوتيريش كان العدد نحو 65 مليون شخص، أما اليوم فقد تجاوز 120 مليونا، نتيجة تعدد الحروب والنزاعات وندرة الحلول، فضلا عن عوامل أخرى مثل تغير المناخ».
وقال إن المفوضية تعمل بشكل وثيق مع منظمة الهجرة الدولية، نظرا لتداخل حركة الناس بين اللجوء والهجرة، لافتا إلى أن «الولاية الأساسية للمفوضية تتركز على من يفرون من الحروب والعنف والأزمات».
وأضاف ان الأزمات الكبرى التي تشغل المفوضية تشمل السودان وأوكرانيا وأزمة الروهينغا في بنغلاديش وأفغانستان والكونغو ومنطقة الساحل، متابعا «ربما تتساءلون لماذا لا أتحدث عن غزة؟ بطبيعة الحال غزة في صدارة اهتمام الجميع، لكن هناك تقسيما واضح للأدوار، فوكالة الأونروا هي المسؤولة عن اللاجئين الفلسطينيين في غزة وغيرها من المناطق، ولهذا فإن المفوضية ليست منخرطة في ذلك الملف».
وأكد أن هذا لا يعني أن المفوضية غير قلقة من الوضع في غزة، بل على العكس «نحن قلقون ومصدومون مما شهدناه خلال العامين الماضيين من معاناة الشعب الفلسطيني»، معربا عن سعادته بوجود وقف لإطلاق النار، متمنيا أن يصمد، «فهذا لا يرتبط بعملنا المباشر، لكنه جزء من قلقنا الإنساني تجاه تطور الأوضاع في الاتجاه الصحيح».
وأشار إلى أنه قبل توليه رئاسة المفوضية، كان يشغل منصب المفوض العام لوكالة الأونروا، ما يجعل ارتباطه بهذه القضية «شخصيا وإنسانيا أيضا».
وتابع غراندي قائلا: «هناك بعض التطورات الإيجابية في العالم، موضحا أن سورية تمثل إحدى هذه النقاط رغم هشاشتها، حيث عاد أكثر من مليون لاجئ سوري إلى بلادهم منذ ديسمبر، إضافة إلى نحو مليون ونصف مليون نازح داخلي، أي ان «ما يقارب مليونين ونصف مليون سوري عادوا إلى ديارهم باختيارهم».
وبين أن الوضع في سورية لا يزال صعبا من حيث الأمن والخدمات والبنية التحتية وفرص العمل، داعيا الكويت وسائر الدول إلى دعم جهود إعادة الإعمار «لأن ذلك سيساعد السوريين على البقاء في بلادهم ويمنع نشوء أزمات لجوء جديدة».
وأعرب عن أمله في أن تسهم دول المنطقة، وعلى رأسها الكويت، في إعادة بناء سورية، قائلا: «أعلم أن هناك اهتماما كويتيا وخليجيا بهذا الجانب، وأود أن أشجع عليه بقوة».
وأضاف غراندي أنه جاء أيضا «ليشكر الكويت على كل ما قدمته من دعم كبير خلال السنوات الأولى للأزمة السورية»، مشيرا إلى أنه شارك شخصيا في 3 أو 4 مؤتمرات استضافتها الكويت آنذاك، وكانت هي التي أطلقت المبادرة الدولية لدعم الشعب السوري.
وأكد أن الكويت واجهت لاحقا بعض التحديات التي أدت إلى انخفاض حجم مساعداتها الإنسانية، إلا أنه عبر عن تفاؤله بعودة نشاطها مجددا مع الإصلاحات الحكومية الجارية وازدياد انخراط القطاع الخاص والمؤسسات الخيرية الكويتية، موضحا أنه سيجتمع بعدد منها قبل مغادرته البلاد، معربا عن أمله في أن «يستمر هذا التقليد الأصيل في الكويت بمساعدة المحتاجين والمنكوبين حول العالم».
وردا على سؤال حول ما إذا كانت المساعدات الحالية كافية في ظل ارتفاع عدد اللاجئين إلى 120 مليونا، أوضح غراندي أن «الدعم غير كاف على الإطلاق»، مشيرا إلى أن العديد من الدول المانحة الكبرى، مثل الولايات المتحدة وعدد من الدول الأوروبية، خفضت مساهماتها هذا العام لأسباب مختلفة، ليس تجاه المفوضية فقط بل تجاه مجمل العمل الإنساني.
وقال: «نحن جميعا في حالة تراجع في الوقت الذي يجب أن نتقدم فيه، لأن الاحتياجات تتزايد ولا تتناقص»، مؤكدا الحاجة العاجلة إلى موارد إضافية لتغطية نفقات العام دون عجز مالي، مضيفا: «نطلب من جميع شركائنا وأصدقائنا، ومنهم الكويت، أن يقدموا المزيد».
وفيما يتعلق بوفاء الدول بتعهداتها المالية، قال غراندي إن «الدول عادة تفي بتعهداتها في المجال الإنساني»، مضيفا أن المشكلة ليست في عدم الدفع بل في «طريقة إعلان التعهدات»، موضحا أن بعض الدول «تكرر الإعلان عن المبلغ نفسه في أكثر من مؤتمر فيبدو وكأنه تمويل جديد، بينما هو نفسه»، مؤكدا أن «الكويت دائما ما أوفت بتعهداتها المالية كاملة».
وأضاف: «المشكلة الحقيقية ليست في عدم تنفيذ التعهدات بل في محدوديتها، فهي ببساطة غير كافية لتلبية الاحتياجات الإنسانية المتزايدة».
وبشأن العدالة في توزيع المسؤوليات بين الدول الغربية الغنية والدول المستضيفة ذات الموارد المحدودة، أكد غراندي أن «اللاجئين هم أشخاص يعبرون من بلد إلى آخر، أي انهم ليسوا من مواطني الدولة المستضيفة»، مبينا أن الدول المضيفة «تتبرع عمليا بمساحتها ومواردها وتتحمل تكاليف أمنية واقتصادية واجتماعية كبيرة»، ولذلك «ينبغي أن تكون مسؤولية اللاجئين مسؤولية دولية مشتركة، لا أن تتحملها دولة واحدة».
وأضاف ان مساهمات الدول غير المستضيفة، مثل الكويت، في دعم الدول المستضيفة تمثل «تجسيدا لمبدأ تقاسم المسؤولية المنصوص عليه في القانون الدولي»، مشيرا إلى أن «الكويت رغم أنها ليست موقعة على اتفاقية اللاجئين، فإن ممارساتها تكرس روح هذه الاتفاقية».
وعما إذا كانت المفوضية مسؤولة عن اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، أوضح غراندي أن هناك «تقسيما واضحا للمسؤوليات منذ 75 عاما»، مبينا أن «الأونروا أنشئت قبل المفوضية، وهي المسؤولة عن اللاجئين الفلسطينيين في فلسطين (غزة والضفة الغربية) والأردن وسورية ولبنان»، مضيفا أنه «في حال وجد لاجئون فلسطينيون في دول أخرى مثل العراق أو أوروبا، فإن مسؤوليتهم تقع على عاتق المفوضية».
وأشار إلى أن المفوضية تعمل في لبنان والأردن على ملف اللاجئين السوريين فقط، بينما تختص الأونروا بملف اللاجئين الفلسطينيين، مؤكدا أن «في فلسطين لا توجد جهة أخرى تتعامل مع اللاجئين سوى الأونروا».
القطاع الخاص يسهم في توظيف اللاجئين وتمكينهم اقتصادياً
قال المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين فيليبو غراندي إن «القطاع الخاص يستطيع أن يلعب دورا مهما جدا ليس فقط من خلال التبرعات المالية، بل أيضا بالمشاركة في تصميم البرامج وتقديم الخبرات، خصوصا في مجال التكنولوجيا التي تعد أداة أساسية في تسجيل اللاجئين وتوزيع المساعدات ومتابعة أوضاعهم».
القطاع الخاص في بعض الدول «يسهم كذلك في توظيف اللاجئين وتمكينهم اقتصاديا، وهو شكل آخر من أشكال الدعم الحيوي»، مضيفا أن «هناك أيضا مسارا إسلاميا في العطاء الخيري يقوم على الزكاة والوقف، وقد طورت المفوضية أدوات تتوافق مع أحكام الشريعة الإسلامية في جمع هذه التبرعات، وحصلت على تراخيص في 18 دولة لجمع أموال الزكاة، وهي قناة تمويل مهمة جدا نعتز بها».













