ينطلق، بعد غدٍ الخميس، معرض الرياض الدولي للكتاب 2025، بمشاركة 2,000 دار نشر ووكالة، من 25 دولة، وتتَّجه أنظار وشغف القُرَّاء والمهتمِّين بالصِّناعة الثَّقافيّة إلى أروقة المعرض الذي تنظِّمه هيئةُ الأدب والنّشر والتّرجمة في جامعة الأميرة نورة بنت عبدالرّحمن خلال المدَّة من الـ2 إلى الـ11 من أكتوبر.
ويعدّ المعرض وجهة ثقافيّة راسخة تضع السّعوديةَ في قلب المشهد الثّقافي العالمي، واتخذ هذا العام «الرياض تقرأ» عنواناً للنسخة الأحدث، تناغم مع شعار «السّعودية تقرأ» التي أطلقتها هيئةُ الأدب والنّشر والتّرجمة، بهدف تعزيز شغَفِ القراءة لدى المجتمع السّعودي وتشجيع الثّقافة والإبداع، وإثراء المشهد الأدبيّ والفكريّ في المملكة، ليبعث رسالةً أنّ الحملة ليست دعوةً محلية فقط، بل خطابٌ سعوديٌّ موجَّه للعالم، يقول إنّ المملكة تستثمر في المعرفة.
وتلفت المشاركة الدّولية الواسعة، إلى ثقة القطاع العالميّ في سوق المملكة، التي غدت مقصداً للتّبادل الثّقافي والاقتصادي، إذ يجتمع الشَّرق والغرب في منصَّة واحدة، لتفعيل الثّقافة باعتبارها أداة دبلوماسية فعَّالة لا تقلُّ أهميَّة عن أدواتها السّياسية والاقتصادية، ويتضمَّن برنامج المعرض فعاليات متخصّصة، تستهدف المهنيّين في صناعة الكتاب، وتُعدَّ منطقة الأعمال مختبراً حقيقيّاً لعقد الشّراكات وإطلاق المبادرات، هنا يلتقي الوكلاء الأدبيون بالمطابع المحليّة، وتُناقش التّحدِّياتُ التي تواجه الصّناعة، وتطرح مستقبلُ النَّشر الرَّقمي وحقوق الملكية الفكرية، وتنقله من مجرَّد مناسبة للقاء القرَّاء إلى منصّة اقتصاديّة متكاملة تدفع الصّناعة نحو مزيد من الاحترافية.
ويتيح المعرض للأسر والأفراد فرصةَ خوض تجربةٍ استثنائيّة تجمع بين المعرفة والتَّرفيه، من خلال قدوم العائلات إلى أجنحة المعرض، ما دفع المنظمين إلى تخصيص أنشطةٍ موجَّهة للأطفال، إلى جانب «ركن المؤلّف السّعودي» الذي يسلِّط الضَّوء على إبداع الكُتَّاب المحلِّيين، وكلّها عناصر تُرسّخ عادة القراءة في المجتمع، وتُعيد الكِتاب إلى مكانته الطبيعيّة في حياة الأجيال الجديدة، وهذا الطَّابع الشُّمولي يعكس شعارَ الدّورة الحاليّة «الرياض تقرأ»، الذي يؤكّد أنّ القراءة ليست مجرَّد فعلٍ فرديّ، بل هي مشروعٌ وطنيٌّ لبناء الإنسان وتعزيزِ التَّماسك الاجتماعيّ.
فيما تضمن البرنامج الثّقافي أكثر من 200 فعاليَّة تشمل النّدوات الحواريّة، والأمسيات الشِّعريّة، والورش التّدريبية، والعروض الفنيّة التي تغطي مساحاتٍ واسعةً من الأدب والفكر والفنون والتّقنية، وتأتي هذه البرامج تجسيداً عمليّاً لرؤية المملكة 2030، التي تسعى إلى جعل الثّقافة جزءاً أساسيّاً من حياة الفرد اليوميّة، ومورداً اقتصاديّاً مستداماً، وهذا التّنوُّع في الفعاليّات يُعزِّز من حضور السّعودية بوصفها مركزاً إقليميّاً وعالميّاً للحوار الثّقافي، ويمنح الزُّوَّار فرصةَ الاطّلاع على تجاربَ فكريّةٍ وفنيّة ثريّة من مختلف أنحاء العالم.
ويقدّم المعرض نموذجاً حيّاً للاقتصاد الثقافيّ كأداة للقوَّة النّاعمة، إذ يجمع بين البعد الاقتصادي المباشر من خلال المبيعات والصّفقات، والبعد الثقافي عبر تعزيز القراءة والحوار، والبعد الدّبلوماسي من خلال المشاركة الدّولية الواسعة، ما يجعل من المعرض حدثاً استراتيجيّاً يرسّخ مكانة السّعودية قوةً ثقافيّةً صاعدة في المشهد العالميّ، وبينما تواصل المملكة استثماراتها في الاستراتيجيّة الوطنيّة للثقافة، يبقى المعرض واجهةً مضيئة تعكس التّحولات العميقة وتفتح آفاقاً أوسع لمستقبلٍ تكون فيه الرّياض عاصمةً عالميَّة للثقافة والنشر والإبداع.
يذكر أنّ معرض العام الماضي، استقطب أكثر من مليون زائر، فيما تجاوزت المبيعاتُ المباشرة داخله 28 مليون ريال، بحسب البيانات الرَّسمية الصّادرة عن الهيئة، وأسهم المعرض في تنشيط الاقتصاد الثّقافي والمعرفي.
أخبار ذات صلة