حين عرض الجزء الأول من سلسلة أفلام “الشر المميت” (The Evil Dead) عام 1981، لقىي نجاحا كبيرا، رغم ميزانيته التي كانت أقل من نصف مليون دولار، وقوبل بالتقدير بين صناع السينما، حتى إن كاتب روايات الرعب الشهير ستيفن كينج أعجب به، وقدم له مراجعة ممتازة.
وسرعان ما تحوّل الفيلم إلى أحد كلاسيكيات سينما الرعب بين عشاق هذا النوع، خاصة مع إعادة إنتاجه بعد ذلك تلفزيونيا.
“الشر المميت” بصوت بروس كامبل
بعد أن لعب الممثل بروس كامبل بطولة سلسلة “الشر المميت” في دور آش ويليامز لنحو 40 عاما في 3 أفلام طويلة و3 مواسم من المسلسل التلفزيوني، قرر أنه حان وقت التوقف عن لعب هذا الدور، قائلا إنه لم يعد يملك اللياقة البدنية نفسها التي تؤهله للتعامل مع أفلام الحركة، لكنه في الوقت ذاته يرحب بتقديم صوت البطل إذا تحوّلت السلسلة إلى رسوم متحركة.
يذكر أن مخرج السلسلة سام ريمي يفكر بالفعل في تحويل السلسلة إلى رسوم متحركة، لكن لماذا أحب الجمهور تلك السلسلة الشهيرة على مدى عقود؟
يعتقد بروس كامبل أن سبب استمرار السلسلة لسنوات طويلة بشعبيتها نفسها يعود إلى الارتباط بالأبطال، خاصة آش ويليامز الذي يتوحد معه المشاهدون ويشعرون أنهم مثله قادرون على محاربة الموتى.
كما أن محاربة الأشخاص العاديين للشر دون بطولة خارقة ولا كائنات من كواكب أخرى من أسباب النجاح، حيث يقول المشاهد لنفسه “يمكنني أن أحارب الشر أفضل من هؤلاء”.
وبدت السلسلة مميزة منذ عرض أول فيلم، حيث جمع سام ريمي بين الكوميديا والرعب فيما يشبه نوعا سينمائيا جديدا يجمع الخدع المضحكة والمؤثرات الخاصة ليخرج الفيلم مضحكا ومخيفا في الوقت ذاته، مع لمسة من الإثارة التي تجذب المشاهد بقوة.
فيمكننا أن نرى الهيكل العظمي ينهض ويرقص باليه برأسه المقطوع، كما نرى مقل العيون وقد استقرت مكان الأفواه، مما يجعل المشاهدين ينفجرون بالضحك ويصرخون من الخوف في آن واحد.
ربما كان للقصة أيضا دور كبير في نجاح السلسلة، فهي حكاية قديمة قدم الزمن، قدمت في العديد من الأفلام والمسرحيات؛ قصة امتلاك الشيطان أراوح الأحياء عن طريق التعاويذ الشريرة الملطخة بالدماء، التعاويذ الموجودة في كتاب سحري قديم. هنا نجد أن الجمهور ما زال يبحث عن المتعة والترفيه في المقام الأول.
ويأتي نجاح العمل من إدراك صناع العمل قيمة الترفيه والإثارة، وقدرتهم على ترك مساحات مظلمة في إطار الفيلم تسمح لخيال المشاهد بالاشتعال والتماهي مع العمل.
ليس خيال المشاهد فقط الذي يشتعل، بل فضوله أيضا خاصة عند ارتباطه ببطل ما، هنا لا يمكن للمشاهد غالبا التوقف عن المشاهدة لمعرفة التغيرات التي طرأت على البطل، هل تقدم في صراعه أم تراجع؟ كيف تطورت شخصيته؟ هل سينتصر الخير أم الشر؟
ومن هذه التساؤلات والتوقعات التي تدور في ذهن المشاهد يأتي نجاح السلاسل الطويلة سواء في أفلام الحركة أو أفلام الرعب.
بعث الشر المميت 2023
جاء أحدث أفلام هذه السلسلة “بعث الشر المميت” Evil Dead Rise) 2023) مليئا بالصدمات البصرية والرعب المقيت، حشرات وقيء وزجاج مكسور وعظام مكسورة، جروح وطعنات وانفجارات وكل أنواع الأذى الجسدي، التي توجد في أفلام الرعب، بالإضافة إلى القصة التي تثير مشاعر متضاربة.
يحكي الفيلم عن عائلة تعيش في مبنى سكني متهدم وسط مدينة لوس أنجلوس، وبمجرد أن أصبحت الأم العزباء إيلي، التي تقوم بدورها إليسا ساذرلاند، ممسوسة تبدأ في تعذيب أطفالها نفسيا وجسديا لتتحوّل المشاهدة إلى تجربة مرهقة نفسيا وشعوريا، لكن في الوقت نفسه مثيرة ومشوقة.
ورغم كل ما يحمله الفيلم من ألم نفسي خلال تجربة المشاهدة، فإن إيراداته تجاوزت 100 مليون دولار في جميع أنحاء العالم، ليصبح الفيلم الأعلى في الإيرادات في تاريخ أفلام الرعب، مما شجع صناع العمل على التفكير جديا في تحويل القصة إلى فيلم رسوم متحركة للاستفادة من هذا النجاح الكبير.