أجلت باكستان -اليوم الثلاثاء- عشرات الآلاف من مواطنيها شرقي البلاد إلى مناطق أكثر أمنا، بعد أن ضخت جارتها الهند المياه من السدود الممتلئة والأنهار المتدفقة إلى المناطق الحدودية المنخفضة.
ويأتي هذا الإجلاء الجماعي بعد يوم من تحذير نيودلهي إسلام آباد من احتمال حدوث فيضانات عبر الحدود، في أول اتصال دبلوماسي علني بين الخصمين النوويين منذ شهور.
وأعلنت الهيئة الوطنية لإدارة الكوارث في باكستان أنها أصدرت تحذيرا مسبقا لجارتها التي تشاركها منطقة البنجاب بشأن ارتفاع منسوب نهر سوتليج وخطر حدوث فيضانات، وأن عمليات الإجلاء من مناطق مختلفة في مقاطعة البنجاب الشرقية جارية.
وفي بيان لها، قالت الهيئة الباكستانية إن رجال الإنقاذ أجلوا أكثر من 14 ألف شخص من منطقة كاسور في إقليم البنجاب، بينما تم نقل أكثر من 89 ألفا آخرين إلى مناطق أكثر أمانا من مدينة بهاوالناجار، بالقرب من الحدود الهندية.
وأضافت الهيئة أن السلطات حثت السكان على الابتعاد عن الأنهار والجداول والمناطق المنخفضة، وتجنب السفر غير الضروري، واتباع التنبيهات الصادرة عبر وسائل الإعلام والهواتف المحمولة وتطبيق الهيئة للتنبيه من الكوارث.
ويأتي أحدث تحذير من الفيضانات وحملة الإجلاء التي أطلقتها باكستان في الوقت الذي تستمر فيه الأمطار الموسمية الغزيرة في ضرب كلا البلدين الواقعين في جنوب آسيا.
وتم إبلاغ باكستان بتحذير الفيضانات عبر القنوات الدبلوماسية بدلا من لجنة مياه السند، وهي الآلية الدائمة التي أُنشئت بموجب “معاهدة مياه السند” التي توسط فيها البنك الدولي عام 1960، والتي علقتها نيودلهي بعد مقتل 26 سائحا في أبريل/نيسان الماضي في الجزء الخاضع للسيطرة الهندية من كشمير.
وكانت المعاهدة قد نجت سابقا من حربين بين البلدين، في عامي 1965 و1971، ومناوشة حدودية كبرى عام 1999.
وأدى تعليق المعاهدة وتقليص العلاقات الدبلوماسية من جانب الهند بسبب مقتل السياح -في نهاية المطاف- إلى تبادل إطلاق الصواريخ بين الجانبين في مايو/أيار الماضي، وتؤكد باكستان أن الهند لا يمكنها إلغاء المعاهدة من جانب واحد.
ولم تنته المواجهة إلا بعد إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب عن توسطه في وقف إطلاق النار. ومنذ ذلك الحين، لم يتخذ الجانبان أي خطوات لتطبيع العلاقات.
في انتظار المساعدة
وفي الوقت الذي تستعد فيه البنجاب لمواجهة “فيضان مرتفع” في جميع الأنهار الشرقية تقريبا مما يستدعي عمليات إجلاء جماعية، ينتظر مساعدة الحكومة آلاف الأشخاص المتضررين من الفيضانات الجليدية والفيضانات المفاجئة في الشمال، في وقت سابق من هذا الشهر، وسط نقص في الضروريات.
وفي شمال غرب باكستان، اشتكى عديد من السكان هذا الشهر من عدم تلقيهم أي تحذير قبل أن تضرب الفيضانات المفاجئة منطقة بونر، مما أسفر عن مقتل أكثر من 300 شخص.
وقال المسؤولون إن الدمار نجم عن عاصفة سحابية مفاجئة، لم يكن من الممكن التنبؤ بها، وأن عديدا من الضحايا كانوا يعيشون على طول مسارات المياه الطبيعية.
على الصعيد الوطني، تسببت الفيضانات الناجمة عن الأمطار الموسمية في مقتل أكثر من 800 شخص في باكستان منذ 26 يونيو/حزيران الماضي.
وشهدت باكستان الأشهر الأخيرة فيضانات عارمة متعددة وهطول أمطار غزيرة أكثر من المعتاد. يمتد موسم الرياح الموسمية السنوي في باكستان من يوليو/تموز إلى سبتمبر/أيلول من كل عام .
وألقى العلماء وخبراء الأرصاد الجوية باللوم على تغير المناخ في هطول الأمطار الغزيرة خلال السنوات الأخيرة في المنطقة.
وأثارت الأمطار الغزيرة هذا العام مخاوف من تكرار هطول أمطار عام 2022، التي أُلقي باللوم فيها أيضا على تغير المناخ، والتي غمرت ثلث البلاد وأودت بحياة 1739 شخصا.