رغم ما يُتداول كثيرا عن الفوائد الصحية والجسدية والنفسية للسباحة في مياه البحر وما يمنحه الوجود على الشاطئ من شعور بالراحة فإن الصورة ليست مشرقة بالكامل، فالمياه المالحة إلى جانب منافعها قد تحمل أيضا أضرارا على البشرة والصحة العامة، وفي السطور التالية نسلط الضوء على هذه الجوانب التي قد لا يلتفت إليها كثيرون.
فوائد صحية نفسية وبدنية
يُعرف الماء المالح بغناه بعناصر طبيعية مهمة مثل الزنك والبوتاسيوم والكالسيوم والمغنيسيوم، إلى جانب مركّبات أخرى ذات خصائص مضادة للبكتيريا وفعالة في تقشير البشرة.
هذه التركيبة تجعل منه وسيلة مفيدة للعناية بالجلد، إذ يمكن أن تساهم السباحة في مياه البحر -خصوصا العميقة منها- في التخفيف من بعض الأمراض الجلدية مثل الصدفية والأكزيما، فضلا عن دورها في الحد من نمو البكتيريا على سطح الجلد.
ولا يقتصر الأمر على ذلك، فالماء المالح يعد أيضا مقشرا طبيعيا يساعد على إزالة الخلايا الميتة من الطبقة الخارجية للجلد، مما يقلل تراكمها ويحد من ظهور بعض أنواع حب الشباب.
ولا تقتصر مزايا البحر على الفوائد الجسدية، بل تمتد أيضا إلى الصحة النفسية، فالتعرض لأشعة الشمس واستنشاق نسيم البحر يعززان الإحساس بالراحة ويمنحان قدرا أكبر من التوازن النفسي، فالسباحة والنزول إلى الماء يساعدان على تنشيط اليقظة الذهنية، في حين يسهم الوجود في أحضان الطبيعة في خفض مستويات التوتر وضغط الدم وتقليل هرمون التوتر.
ويُعد الشاطئ ملاذا فعالا لمن يعانون من القلق أو الاكتئاب ومشكلات الصحة النفسية الأخرى، إذ تكفي 20 دقيقة من المشي على امتداد الساحل لإحداث فارق ملموس في المزاج وتحسين الحالة النفسية.
الأضرار الصحية للسباحة في البحر
رغم أن مياه البحر قد تمنح البشرة نقاء مؤقتا فإن التعرض لها لفترات طويلة يؤدي إلى الجفاف وتهيج الجلد بسبب الملوحة الزائدة.
وأثبتت دراسة حديثة من جامعة بينغامتون في ولاية نيويورك أن المياه المالحة تغير الطبقة الخارجية للبشرة وتزيد ما يُعرف بـ”إجهاد الجفاف”.
وأوضح الباحث جاي ك. جيرمان أن الملح يسحب الرطوبة من الجلد ويجعله أكثر صلابة وتوترا، بخلاف الماء النقي.
والحل الذي يقدمه جيرمان لتخفيف الشد والجفاف الذي تشعر به بعد الخروج من المياه المالحة هو الاستحمام بعد الخروج من البحر، للتخلص من آثار الملح على البشرة.
وإلى جانب الجفاف وتهيج البشرة قد يتعرض بعض السباحين لرد فعل تحسسي يُعرف بـ”حكة السباحين”، وهو طفح جلدي ينتج عن السباحة في مياه عذبة أو مالحة ملوثة بطفيليات معينة.
وتظهر الأعراض في شكل بثور حمراء مصحوبة بحكة أو حرقة، وغالبا ما تختفي خلال أيام، لكنها قد تستمر حتى أسبوعين، في حين تساعد بعض العلاجات الموضعية المتاحة دون وصفة على تخفيف الحكة.
أما على مستوى الصحة العامة فيحذر الموقع الرسمي لحكومة المملكة المتحدة من أن السباحة في المياه المفتوحة قد تزيد خطر الإصابة باضطرابات الجهاز الهضمي مثل جرثومة المعدة وما يصاحبها من إسهال أو قيء، فضلا عن التهابات قد تطال الجهاز التنفسي والأذن والعين.
وتعود بعض الأمراض المرتبطة بالسباحة في البحر إلى كائنات دقيقة مثل نوروفيروس والجيارديا والكريبتوسبوريديوم، والتي تصل إلى المياه نتيجة التلوث بمخلفات الحيوانات أو الصرف الصحي أو مياه الأمطار، وفقا لمراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها الأميركية.
ورغم أن الأعراض غالبا ما تكون بسيطة فإن بكتيريا مثل الإشريكية القولونية قد تسبب التهابات معوية حادة وأكثر خطورة.
هؤلاء هم الأكثر تأثرا
وبحسب الموقع الرسمي لحكومة المملكة المتحدة، يمكن لأي شخص أن يصاب بمرض عند السباحة في المياه المفتوحة لوجود كائنات دقيقة بشكل دائم، لكن حدة الخطر تختلف باختلاف الحالة الصحية والعمر.
فالأطفال والسباحون المبتدئون هم الأكثر عرضة لابتلاع المياه عن طريق الخطأ، مما يزيد احتمالية إصابتهم بالعدوى، في حين يشكل ضعف جهاز المناعة عاملا إضافيا يزيد شدة التأثر عند الإصابة.
أما بالنسبة لما تُعرف بـ”حكة السباحين” فيمكن أن تطال أي شخص يسبح في مياه ملوثة بالطفيليات المسببة لها، لكن الأطفال الصغار يظلون الفئة الأكثر عرضة، نظرا لميلهم إلى اللعب والخوض في المياه الضحلة حيث تكثر هذه الطفيليات.
نصائح لوقاية قبل وبعد السباحة في البحر
تجنب ابتلاع المياه: احرص على عدم ابتلاع مياه البحر، ونبّه أطفالك إلى ذلك.
حماية العينين والأذنين: ارتدِ نظارة سباحة لتفادي تهيج العينين بفعل الملوحة، ونظف أذنيك وجففهما جيدا بعد السباحة لتقليل خطر التهابات الأذن.
الانتباه لمؤشرات التلوث: تجنب السباحة في مياه عكرة أو في أماكن يظهر فيها ازدهار للطحالب أو نفوق للأسماك، وابتعد عن المناطق القريبة من أنابيب الصرف.
نظافة اليدين: اغسل يديك جيدا لمدة 20 ثانية قبل تناول الطعام، وإذا لم يتوفر الماء والصابون فاستخدم معقما كحوليا بنسبة لا تقل عن 60%.
العناية بالبشرة: استخدم المرهم أو “اللوشن” المرطب الخفيف لحماية الجلد من الجفاف الناتج عن الملوحة، واحرص على شرب سوائل إضافية لتعويض ما يفقده الجسم من ماء وأملاح.
الاستحمام بعد السباحة: يستحسن الاستحمام مباشرة بعد الخروج من البحر لإزالة الملح الزائد عن البشرة.