كشفت صحيفة بوليتيكو الأمريكية، نقلًا عن مصدرَين في الإدارة الأمريكية طلبا عدم الكشف عن هويتهما نظراً لحساسية الملف، أن إدارة الرئيس دونالد ترامب كلّفت المسؤول البارز في وزارة الخارجية مايكل أنتون برئاسة الوفد الفني الأمريكي في المفاوضات النووية الجارية مع إيران.
ويشغل أنتون حاليًا منصب مدير تخطيط السياسات في وزارة الخارجية، وقد أُوكلت إليه قيادة فريق تقني يضم نحو اثني عشر مسؤولاً من مختلف الوكالات الأمريكية، معظمهم من أصحاب الخبرة والمسيرة المهنية الطويلة، لتولي مهمة بلورة التفاصيل التقنية لاتفاق مرتقب من شأنه فرض قيود مشددة على البرنامج النووي الإيراني مقابل تخفيف العقوبات الاقتصادية.
ومن المقرر أن يقود أنتون الجولة الأولى من المحادثات الفنية مع الجانب الإيراني خلال عطلة نهاية الأسبوع، على أن يتبعها لقاء سياسي رفيع المستوى يجمع المبعوث الأمريكي الخاص ستيف ويتكوف ووزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي الأسبوع المقبل في العاصمة الإيطالية روما. يُذكر أن أنتون كان قد رافق ويتكوف في الجولة السابقة من المحادثات التي عُقدت في روما.
ونقلت الصحيفة عن أحد مسؤولي الإدارة قوله: “إنه الرجل المناسب لهذه المهمة، لما يتمتع به من خبرة وذكاء، والأهم أنه سيتولى تنفيذ رؤية الرئيس ترامب في هذا الملف بشكلٍ دقيق ومدروس.”
أنطون، الذي يُعرف بشخصيته الهادئة ونفوذه المتزايد في الإدارة، شغل سابقًا منصبًا في مجلس الأمن القومي خلال الولاية الأولى للرئيس ترامب، كما عمل زميلاً في معهد “كليرمونت” المحافظ. ولم يُعرف له حتى الآن موقف علني مباشر من الملف الإيراني، الذي يثير جدلاً واسعًا وانقسامًا حادًا في الأوساط السياسية داخل واشنطن.
وتأتي هذه التطورات فيما تشهد الإدارة الأمريكية نقاشًا داخليًا محتدمًا بشأن المسار الأفضل للتعامل مع إيران: هل يُستكمل النهج الدبلوماسي، أم يُصار إلى تنفيذ ضربات عسكرية تحول دون امتلاك طهران لسلاح نووي؟ إذ تضغط إسرائيل، الحليف الأقرب، باتجاه الخيار العسكري، مستندة إلى ما تعتبره “لحظة ضعف” يمر بها النظام الإيراني عقب الضربات السابقة وإضعاف قدرات من تصفهم بـ”وكلائه في المنطقة”.
غير أن الرئيس ترامب، رغم نبرته التصعيدية، عبّر عن تفضيله الواضح لحلّ دبلوماسي.
ويبقى من غير المؤكد ما إذا كانت واشنطن ستطالب إيران بتفكيك كامل لبنيتها النووية، التي تؤكد طهران أنها مخصصة لأغراض مدنية، أم أنها ستتجه نحو تسوية تسمح ببقاء بعض المنشآت تحت رقابة دولية صارمة.
وفي السياق ذاته، صرّح وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو في مقابلة مع صحيفة فري برس، نُشرت الأربعاء، بأن بلاده تسعى لصيغة تتيح لإيران استيراد وقود اليورانيوم المخصب لاستخدامه في برنامج نووي مدني مشروع. وقال: “ثمة مسار واضح نحو برنامج نووي سلمي إذا أرادته طهران، لكن إذا أصرت على التخصيب، فستكون الدولة الوحيدة في العالم التي تدّعي عدم امتلاكها برنامج تسليحي، ومع ذلك تخصب… وهذا أمر مقلق للغاية.”
أما المبعوث الخاص ويتكوف، فقد بدا متذبذبًا في تصريحاته خلال الأسبوع الماضي. ففي البداية، أكد لصحيفتي وول ستريت جورنال وفوكس نيوز أن الولايات المتحدة ستركّز على نظام تحقق ومراقبة فعال في أي اتفاق، لكنه عاد لاحقًا ليصرّح بأن واشنطن لن تقبل بأي مستوى من التخصيب داخل إيران.
وبهذا التعيين، تبدو واشنطن وقد أعادت رسم ملامح فريقها التفاوضي، واضعة ثقلها الفني في شخص مايكل أنتون، في لحظة مفصلية من مسار المفاوضات التي قد تحدد مستقبل البرنامج النووي الإيراني، ومعه طبيعة التوازنات الجيوسياسية في الإقليم. وكل ذلك بحسب ما نشرته صحيفة بوليتيكو.