بينما يكرّر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تعهّده بمنع إيران من امتلاك سلاح نووي، يشهد فريقه للأمن القومي انقسامًا واضحًا حول الطريقة الأنسب لتحقيق هذا الهدف. الانقسام لا يقتصر على الأروقة الداخلية، بل ينعكس على خيارات استراتيجية يجري تنفيذها بالتوازي، من إرسال مفاوضين إلى طهران، إلى نشر قاذفات B-2 وحاملات طائرات في المنطقة كخطة بديلة.
بحسب ما نشره موقع أكسيوس. الذي أضاف أن ترامب عقد الاثنين الماضي اجتماعًا عالي المستوى في “غرفة العمليات” في البيت الأبيض خصص لبحث ملف إيران، بمشاركة فريقين من مستشاريه يعكسان وجهتي النظر المتعارضتين.
يقود المعسكر الديبلوماسي المؤيد لخيار الحل مع إيران، بشكل غير رسمي، نائب الرئيس جي دي فانس، الذي يعتقد بإمكانية التوصل إلى حل دبلوماسي، شريطة أن تُبدي الولايات المتحدة استعدادًا لتقديم تنازلات. ويضم المعسكر أيضاً المبعوث الخاص ستيف ويتكوف، الذي شارك مؤخرًا في أولى جولات المحادثات مع وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي في سلطنة عمان، ووزير الدفاع بيت هيغسيث، إلى جانب دعم خارجي من الإعلامي المحافظ تاكر كارلسون.
وبحسب أكسيوس، يحذر هذا الفريق من أن أي ضربة عسكرية تستهدف المنشآت النووية الإيرانية ستعرّض القوات الأمريكية في المنطقة لردّ انتقامي مباشر. كما ينبه إلى أن اندلاع حرب جديدة في الشرق الأوسط سيؤدي إلى ارتفاع كبير في أسعار النفط، ما يهدد الاقتصاد الأميركي في مرحلة حساسة.
أما الفريق الثاني، الذي يعرب عن عدم ثقته بإيران، فيقوده مستشار الأمن القومي مايك والتز ووزير الخارجية ماركو روبيو، ويؤمن بأن إيران لا تستحق الثقة، وأن فرص نجاح أي اتفاق نووي حقيقي باتت شبه معدومة. ويضم هذا المعسكر أيضاً أعضاء بارزين في مجلس الشيوخ مثل ليندسي غراهام وتوم كوتون.
ويرى هؤلاء أن إيران أضعف من أي وقت مضى، وأن الولايات المتحدة يجب ألا تُظهر مرونة، بل أن تُصرّ على تفكيك البرنامج النووي الإيراني بالكامل، وإن تطلّب الأمر تنفيذ ضربة عسكرية أمريكية مباشرة، أو دعم ضربة إسرائيلية.
يدعم هذا الطرح أيضًا شخصيات مؤثرة في أوساط المحافظين مثل مارك دوبوفيتز، مدير “مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات”، الذي شدد في تصريحه لأكسيوس على ضرورة عدم تكرار ما وصفه بـ”خطأ اتفاق أوباما عام 2015″، قائلًا: “السؤال الآن، هل ما زال الرئيس يعتقد أن ذلك الاتفاق كان معيباً بشكل قاتل؟”
وبحسب الموقع نفسه، فإن الاجتماع بين ويتكوف وعراقجي في عمان السبت الماضي مثّل أعلى مستوى من التواصل المباشر بين واشنطن وطهران منذ عهد إدارة أوباما. وقد جاء في ظل خلفية مشحونة، إذ كان ترامب هو من انسحب من الاتفاق النووي السابق وأمر باغتيال الجنرال الإيراني قاسم سليماني.
ويقال إن ترامب يريد التوصل إلى اتفاق نووي “بسرعة”، وقد أعطى إيران مهلة شهرين للرد، دون أن يوضح متى يبدأ العدّ التنازلي.
نتنياهو عقبة رئيسية أمام مسار الدبلوماسية
ومن أبرز المعارضين للنهج الدبلوماسي، رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الذي زار البيت الأبيض الأسبوع الماضي. ووفقًا لمصادر أمريكية وإسرائيلية، ساد التوتر اللقاء، خصوصًا عندما دار الحديث حول الملف الإيراني.
أحد المسؤولين قال لأكسيوس إن “ترامب بدا وكأنه يستمتع بتحدي نتنياهو في هذا الملف”، في إشارة إلى المؤتمر الصحفي الذي بدت فيه علامات الانزعاج واضحة على رئيس الوزراء الإسرائيلي عند إعلان ترامب عن المحادثات الجارية مع إيران.
الاختلاف بين الرجلين، بحسب المصدر، يتمحور حول خيار الضربة العسكرية، إذ يرى نتنياهو أن إيران يجب أن تتخلى بالكامل عن برنامجها النووي، وهو ما يعتبره فريق ترامب الداعم للاتفاق مطلباً غير واقعيًا.
وفي تعليق رسمي، صرّح المتحدث باسم مجلس الأمن القومي في البيت الأبيض، براين هيوز، لأكسيوس قائلاً: “الرئيس ترامب كان واضحًا في رفضه لامتلاك إيران لسلاح نووي، وجميع الخيارات مطروحة على الطاولة. لقد أجاز اتصالات مباشرة وغير مباشرة لتوضيح هذه النقطة، لكنه أيضًا أوضح أن هذه الاتصالات لا يمكن أن تستمر إلى ما لا نهاية”.
وأضاف: “فريق القيادة الأمنية في الإدارة ملتزم بالكامل بموقف الرئيس من أجل ضمان الاستقرار في الشرق الأوسط، والأمن داخل الولايات المتحدة”.