أعادت عملية خطف المواطن السعودي مشاري المطيري ثم تحريره بعد 48 ساعة بعملية نوعية للقوى الامنية على الحدود اللبنانية السوري، تسليط الضوء على هذه الظاهرة “غير الطارئة” على المشهد اللبناني وعلى مجموعات “تمتهن” الخطف طمعاً بالمال.
ومع أن عملية الخطف بدافع الحصول على فدية مالية ليست الأولى، إلا أنّ المسار الذي سلكه الخاطفون بدءاً من بيروت وصولاً الى الهرمل على الحدود اللبنانية السورية ثم الى الداخل السوري، يطرح علامات استفهام عديدة حول “أريحية” تنقّل عصابات الخطف في المناطق الحدودية، والفلتان الأمني السائد، لاسيما على شريط القرى الحدودية المتداخلة مع سوريا.
وكر الخطف
وبحسب مصدر أمني رفيع تحدّث لـ”العرية.نت” فإن منطقة البقاع القريبة من الحدود مع سوريا تُعتبر المسرح الأكبر لعمليات الخطف، حيث تم تسجيل 31 عملية من تاريخ 1/1/2022 ولغاية 29/5/2023 كان ضحيتها 19 مخطوفاً، وهو الرقم الأعلى مقارنةً مع باقي المحافظات اللبنانية”.
كما أشار المصدر الى “أن عدد حوادث الخطف بشكل عام منذ بداية العام 2022 ولغاية تاريخ 29 مايو/ايار الحالي بلغ 56 كان ضحيتها 74 مخطوفاً”.
الخاصرة الرخوة
وتُشكّل منطقة البقاع الخاصرة الرخوة لصيد الفريسة و”ووكر” الخاطفين لنقل الضحايا إليه كخطوة أساسية قبل بدء عملية إبتزاز ذويهم للحصول على المال.
فيما يتصدّر حي الشراونة على مدخل مدينة بعلبك شرقي البقاع واجهة عمليات الخطف، حيث يحتضن كبار المطلوبين في جرائم الخطف والسرقة وتجارة المخدرات، ويتمركز فيه الجيش اللبناني بشكل ثابت ويُنفّذ مداهمات فيه بعد كل عملية خطف.
منطقة البقاع في لبنان
وقد أوضح المصدر الأمني الرفيع “أن العدد الأكبر من عمليات الخطف تجري في البقاع، حيث سُجّل 19 عملية في الاشهر الخمسة من هذا العام مقارنةً بـ 22 في العام 2022”.
كما أضاف أن محافظة البقاع تصدرت كذلك في عدد الحوادث، حيث سُجّل 7 حتى تاريخ 29 الجاري مقارنةً مع 12 حادثاً في العام الماضي”.
الرأس المدبر
وباتت هوية معظم أفراد عصابات الخطف معروفة لدى الأجهزة الأمنية، بالإضافة الى أماكن نشاطاتها، وهو ما تبيّن في عملية الخطف الأخيرة، حيث بدأ الجيش والقوى الأمنية المداهمات في حي الشراونة بحثاً عن “أصحاب السوابق” في الخطف، منهم المطلوب علي موسى جعفر الرأس المُدبّر لخطف المواطن السعودي ورفاقه الذين جرى توقيف 7 منهم، في حين فرّ جعفر بإتّجاه سوريا.
أما الجنسية التي تتصدر لائحة ضحايا الخطف فهي اللبنانية!
فقد أوضح المصدر الأمني أن لائحة ضحايا الخطف بلغ عددهم بين عامي 2022 وحتى نهاية شهر مايو الحالي عام 2023، 44 أغلبهم لبنانيين
الجيش يواصل ملاحقة بقية المتورطين في عمليات الخطف
فدية مالية
فيما يُعتبر المال والمطالبات بفدية الهدف الأساسي للخاطفين، حيث سُجّل 48 حالة خطف لقاء فدية مالية بين عام 2022 والأشهر الخمسة الأولى من العام الحالي.
بينما شكلت “الأسباب المجهولة” بحسب المصدر الأمني دافعاً لـ 12 حادث خطف منذ بداية العام الماضي ولغاية تاريخ 29 مايو الحالي”.
الرأس المدبر
وبالعودة إلى عملية خطف المواطن السعودي ، ذهب بعض المحللين في اتّجاه تحميل حزب الله المسؤولية
فقد اعتبر الباحث في الشؤون الأمنية والسياسية العميد الركن خالد حمادة في تصريحات لـ”العربية.نت” “ان جريمة الخطف التي حصلت بحق المواطن السعودي هي نموذج لعملية ارهابية منظمّة، حيث بدأت من قلب بيروت مروراً بالضاحية الجنوبية ووصولاً الى الحدود اللبنانية السورية”. وقال “ان اقتياد المخطوف الى الضاحية الجنوبية (معقل حزب الله) ومن ثم الى الحدود مع سوريا يُشير بوضوح الى الجهة الخاطفة والبيئة التي تترعرعت فيها، وبالتالي هي ليست نتيجة “مجهود” شخصي من عدة افراد بهدف الحصول على فدية مالية”
الحدود اللبنانية السورية
في المقابل اعتبر الكاتب والصحافي ابراهيم ريحان لـ”العربية.نت” ان لا خلفية سياسية مباشرة لعملية الخطف، وانما لطلب فدية، والرأس المُدبّر للعملية، علي موسى جعفر لديه سوابق بالخطف مقابل فدية”. وقال “لكن هذا لا ينفي المسؤولية السياسية عن الجهات المُهيمنة على تلك المنطقة، اي حزب الله كمرجع سياسي لبعض الافراد من العشائر من اجل تنفيذ عمليات الخطف وتهريب المخدرات وسرقة السيارات”.
إلى ذلك، أشار الى “ان هناك تخوّفاً من ازدياد حالات الخطف نتيجة الضائقة الاقتصادية التي نمرّ بها، بالاضافة الى تفلّت الحدود بين لبنان وسوريا التي اصبحت ممراً للتهريب على انواعه”.
وختم مشددا على “اهمية ضبط هذه الحدود للحدّ من هذا التفلّت الامني”.